البورصات العربية تضمد جراحها..وتسجل ارتفاعات كبيرة

تفاعلت إيجابيا مع الإجراءات والتطمينات الحكومية..وانخفاض وحيد في الكويت

TT

عادت الاسواق العربية في جلسة يوم أمس للارتفاع لتضمد بعض الجراح التي لحقت بها في الفترة الماضية، وعلى ما يبدو أن الإجراءات والطمأنة من الجانب الحكومي آتت أكلها وبعثت بنوع من الثقة في السوق الذي أهلكته التراجعات السابقة، لتتحسن معنويات المتعاملين الذين باتوا ينتظرون أي بوادر ايجابية تمكنهم من الدخول للسوق واقتناص الفرص التي أصبحت كبيرة مع الأسعار الحالية التي لا تعكس الأداء الفعلي للشركات، ومن المتوقع أن تستمر الأسواق بالارتفاع القوي ما لم تلوح بالأفق أنباء تنغص من جديد على المستثمرين. فيما تخلفت السوق الكويتية عن بقية أسواق المنطقة وتراجعت بنسبة 0.26% لتقفل عند مستوى 11826.7 نقطة، بجلسة تباين فيها أداء القياديات التي نزع غالبيتها للارتفاع عدا أسهم البنوك التي نزعت للتراجع وكانت الضاغط الأكبر على المؤشر.

وانتفضت أسهم سوق دبي لتحقق غالبيتها مكاسب قوية جدا وبخاصة القياديات وذلك بالتزامن مع تحسن نفسية المتعاملين نتيجة للطمأنة والقرارات الحكومية القوية الهادفة لدعم الثقة في السوق التي تبددت في الفترة السابقة على هول ما يحدث في أسواق المال العالمية من تراجعات حادة، حيث عادت قوى الشراء تسيطر بقوة على التعاملات في السوق التي تمكنت من الارتفاع بنسبة 10.53% لتقفل عند مستوى 3345.56 نقطة. كما افتتحت السوق القطرية التداولات على ارتفاع عمودي نتيجة لاصطفاف طوابير من الطلبات على الشاشات التي فرغت إلى حد كبير من العروض وذلك بعدما اطمأن المتعاملين للإجراءات الحكومية المتبعة لاحتواء الأزمة وقرار هيئة الاستثمار القطرية بشراء 10 إلى 20 بالمائة من أسهم البنوك المدرجة، ومتأثرين أيضا بالايجابية التي افتتحت عليها الأسواق المجاورة وسط استمرار تدفق إعلانات الشركات عن أرباحها التي تظهر نمواً في نسبتها لتعطي إشارة واضحة بعدم تأثر أرباحها جراء الأزمة المالية العالمية، وشهدت الجلسة ارتفاعا لعدد كبير من الأسهم بالحد الأعلى وسط ارتفاع في حجم التداولات، الأمر الذي عزز من ارتفاع المؤشر الذي كسب بنسبة 8.45% ليقفل عند مستوى 7624.09 نقطة. وبدعم من شركات الاستثمار، تمكن المؤشر البحريني من الارتفاع بنسبة 0.81% ليقفل عند مستوى 2329.86 نقطة. كما وتمكن أيضا مؤشر السوق العمانية من العودة للأخضر بدعم من غالبية أسهم السوق وبخاصة أسهم البنوك مع تواصل إعلانها عن نمو في أرباحها ومجوداتها، حيث شهدت الجلسة تحول في وجهة المتعاملين من بائعين إلى مشترين نتيجة لتحسن المعنويات وانحسار العوامل التي سببت أزمة الثقة في الفترة الماضية، حيث كسب بنسبة 5.18% ليقفل عند مستوى 7121.320 نقطة.

من ناحيتها ارتدت السوق الأردنية في جلسة يوم أمس بدعم من غالبية الأسهم المدرجة وسط اندفاع قوي على الشراء مع تحسن مستويات الثقة لدى المتعاملين الذين قاموا بضخ سيولة قوية غابت عن السوق لفترة طويلة، حيث كسب المؤشر بنسبة 2.61% ليقفل عند مستوى 3558.87 نقطة، وقام المستثمرون بتناقل ملكية 20.3 مليون سهم بقيمة 116.1 مليون دينار نفذت من خلال 12856 صفقة، وارتفعت أسعار أسهم 141 شركة مقابل تراجع لأسعار أسهم 26 شركة واستقرار لأسعار أسهم 7 شركات.

من جهته ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية أمس بنسبة 4.9 % لدى إقفال التعاملات وسط نشاط كبير لصناديق الاستثمار التي استحوذت على 62% من إجمالي حركة التداول، لكن مراقبين اقتصاديين يرون أن اللون الأحمر سرعان ما سيعود مرة أخرى إلى البورصة، مشيرين إلى أن موجة التفاؤل التي دفعت بالمؤشر إلى ما يقرب من 5700 سرعان ما سيعود إلى اللون الأحمر ليتماسك عن حاجز 4500 ـ 5000 نقطة.

وقال أحمد أبو طايل رئيس التحليل الفني في مجموعة حلوان لتداول الأوراق المالية لـ«الشرق الأوسط»: صعود أمس جاء انعكاسا وتأثرا بجميع الأسواق العالمية خصوصا الآسيوية، موضحا أن اطمئنان الأفراد جاء بعد إقرار خطة السبع الكبرى وضمان القروض والودائع، لكن أبوطايل بدأ متشائما، مشيرا إلى أن «اللون الأحمر سرعان ما سيعود». وأوضح إننا عوضنا حوالي 5 في المائة من خسائرنا والمؤشر الآن عند مستوى 5700 نقطة، ولكننا كنا عند مستوى 12 ألف نقطة في شهر مايو (أيار) الماضي. وأوضح أن الأزمة الاقتصادية العالمية لها بعدان الأول خاص بالاقتصاد الكلي وعلاجها سيستغرق حوالي عامين، والآخر خاص بأسواق المال التي تتعرض لانتكاسات سريعة وتتأثر بالأسواق الخارجية بدون حساب عواقب البيع والشراء. وقال ما يحدث في مجتمعاتنا العربية غريب للغاية، فقرارات الشراء والبيع لا تتم وفق الأصول المتبعة. وعبر أبوطايل عن تشاؤمه تجاه الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على مصر قائلا: إننا ما زلنا في مرحلة السيئ لكن الأسوأ قادم .. إننا نمشي في نفق مظلم، لكننا لا نعلم متى سنرتطم ونسقط، واعتبر أن الأزمة الاقتصادية الحالية هي الأسوأ منذ الكساد العالمي في أوائل القرن الماضي.

وأوضح: الأزمة الحقيقية ستبدأ عندما تبدأ الشركات في تقليص ميزانيتها وتتخلى عن موظفيها ليظهر تعثر الأفراد في دفع أقساط السيارات والفيزا التي انتشرت بصورة كبيرة جدا. وقال: عندها نستطيع أن نقول إننا دخلنا في الدوامة لأن تعثر الأفراد سيؤدي إلى تعثر البنوك ومن ثم يتأثر الاقتصاد القومي كله.

وشهدت البورصة أمس عمليات شراء انتقائية قام بها فئات من المستثمرين وخاصة الأجانب على أسهم قيادية ومنتقاة وذلك عقب تراجع الأسعار خلال الأيام الماضية إلى مستويات مغرية للشراء، فضلا عن التأثير الإيجابي لموافقة الحكومات الأوروبية والأميركية والآسيوية على دعم البنوك للسيطرة على الأزمة الائتمانية العالمية مما أنعش أسواق المال العالمية والعربية. وكسب مؤشر «كاس 30» ـ الذي يقيس أداء أنشط 30 شركة متداولة بالسوق ـ ما نسبته 4.9% بما يعادل 269.14 نقطة لينهي تعاملات اليوم عند مستوى 5760.90 نقطة فيما تخطت القيمة الإجمالية للتداولات بالسوق 1.4 مليار جنيه.

وأشار وسطاء بالسوق إلى أن مشتريات المستثمرين الأجانب كانت أحد العوامل في ارتفاع مؤشرات السوق المصرية خلال تعاملات أمس وذلك عقب تصريحات محافظ البنك المركزي المصري الدكتور فاروق العقدة أول من أمس التي أكد فيها أن البنوك المصرية آمنة وأن المركزي المصري يضمن كل إيداع داخلها.