الأزمة المالية تلقي بظلالها على القمة الأوروبية.. وتوقعات باعتماد خطة الإنقاذ المصرفي

براون يدعو إلى نظام «للإنذار المبكر» للاقتصاد العالمي

TT

افتتح القادة الاوروبيون قمة أمس تستغرق يومين وتبحث خصوصا الازمة المالية في حين ما زال التوتر يسود البورصات العالمية رغم اعتماد خطط عدة لإنقاذ المصارف.

وتتناول المناقشات خطة الانقاذ المصرفي التي اعتمدتها دول منطقة اليورو الاحد الماضي، ودعت مجمل الدول الـ 27 في الاتحاد الاوروبي الى المصادقة عليها.

وقد أيدت الدول الاوروبية دعوات من فرنسا وبريطانيا امس لاصلاح جذري للنظام المالي العالمي في حين يلوح الكساد في أفق غرب أوروبا نتيجة لأسوأ ازمة ائتمان منذ الكساد العظيم. ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الى اعادة تشكيل صندوق النقد الدولي باعتباره حجر الزاوية في تنظيم السوق العالمية ووضع نظام للانذار المبكر للاقتصاد العالمي. وقال براون، الذي وضعت خطته لانقاذ البنوك البريطانية، نموذجا لاوروبا والولايات المتحدة «اذا كنا سنعالج المشكلات المالية العالمية... فاننا نحتاج لاساليب أفضل للقيام بذلك». وقال براون «يتعين اعادة تشكيل صندوق النقد الدولي ليفي بأغراض العالم الحديث».

وتأسس صندوق النقد الدولي بناء على اتفاقية «بريتن وودز» التي حددت أسس التعاون الاقتصادي الدولي بهدف تجنب تكرار الكساد العظيم في العشرينات. والهدف منه هو ضمان استقرار النظام المالي العالمي وتقديم النصح لأعضائه البالغ عددهم 184 دولة، وتقديم المساعدات المالية متى ما وجدت حاجة لذلك. ومنذ عام 1944 تغير شكل الاقتصاد العالمي بدرجة كبيرة. وقال براون ان شركات متعددة الجنسيات قبلت الحاجة لرقابة عابرة للحدود بدلا من الرقابة الوطنية، لكنه لم يورد أي اشارة الى ما اذا كانت بريطانيا قد تخفف من عداوتها طويلة الامد للرقابة المالية الاميركية.

وطالب رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، من قادة الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ضرورة التحرك بطريقة حازمة ومنسقة، لاعادة الثقة الى الأسواق المالية وانهاء الأزمة الحالية.

وجاءت رسالة باروسو للقادة قبل وقت قصير من انطلاق أعمال القمة الأوروبية التي تستضيفها بروكسل على مدى يومين، واضاف في رسالته للقادة ان «السوق تبحث عن مصداقية وعن استجابة منسقة وليس فقط عن الكلام».

وشدد المسؤول الأوروبي على ان «التحرك المشترك لا غنى عنه داخل الاتحاد الأوروبي، واذا عملنا معا سنجعل أوروبا أقوى»، واعتبر انه «ليست هناك أي آلية تنسيقية على المستوى الأوروبي في وقت الأزمات» متطرقا في المقابل الى القمة التي عقدتها مجموعة الدول التي تعتمد اليورو عملة لها في باريس يوم الأحد الماضي، مشيرا الى ان هذه القمة «قامت بخطوة كبيرة باتجاه تحديد المسار الواجب اتباعه».

وكشف باروسو عن ان القمة سوف تتبنى اقتراحا يقضي بمراجعة التعليمات، المرتبطة بضمانات الودائع، وهذا الأمر سيؤكد للمواطنين ان أوروبا جدية في حماية مدخراتهم في اطار اتخاذ الخطوات التي تحافظ على استقرار النظام المالي. وأبدى استعداده للمساعدة على تحقيق دعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لعقد مؤتمر دولي عاجل حول الأزمة المالية.

واقترحت المفوضية الاوروبية أمس زيادة الحد الادنى للضمانة المصرفية على ودائع الافراد في الاتحاد الاوروبي لتصل الى مئة الف يورو على مدة سنة في حال إفلاس مصرفهم.

ويتجاوز هذا الاقتراح الاتفاق الذي اعلنه الاسبوع الماضي وزراء المال الاوروبيون والقاضي برفع الضمانة المصرفية للافراد في حال افلاس مصرفهم الى «خمسين الف يورو على الاقل».

من جانبه أكد رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، أن صانعي السياسة سيواصلون القيام بكل ما هو ضروري لتقديم سيولة إلى الأسواق المالية المتعثرة، مع الإبقاء على توقعات التضخم تحت السيطرة. وقال تريشيه إن الأزمة ساعدت في تقليل مخاطر التضخم، وان الحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط يبقى على رأس الأولويات في البنك المركزي الأوروبي، موضحا أن التعاون عبر الحدود بين البنوك المركزية العالمية ساعد في التصدي للازمة المالية الحالية ومهم جدا للجهود الجارية لتنشيط أسواق الائتمان. ويأتي انعقاد القمة بعد ساعات من اعلان البيت الابيض، ان الرئيس الاميركي جورج بوش سيجتمع مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، يوم السبت المقبل لمناقشة الأزمة المالية العالمية.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض غوردن غوندرو في تصريح صحافي ان بوش وجه الدعوة للزعيمين للانضمام إليه في منتجع كامب ديفيد الرئاسي، لمناقشة مجموعة من القضايا، إضافة إلى مناقشة قضية الأزمة المالية العالمية. وفي بروكسل يتوقع العديد من المراقبين أن تقر الدول الـ27 الاعضاء خطة المساعدة الكبيرة للمصارف، التي قررتها دول منطقة اليورو في قمة باريس ودراسة نتائج الازمة المالية. وبلغت قيمة اجراءات المساعدة للقطاع المصرفي التي اعلنت حتى الآن في اوروبا نحو ما يزيد عن ألفي مليار دولار. وتتضمن الخطة التي أقرتها قمة باريس الأحد الماضي إجراءات تأميم جزئي للمصارف وتقديم ضمانات حكومية لقروضها. من جهة أخرى قال اندرس فو راسموسن رئيس وزراء الدنمارك أمس ان بلاده تدفع ثمنا سياسيا واقتصاديا لبقائها خارج منطقة اليورو خلال الازمة المالية العالمية. وأكد أمام قمة الاتحاد الاوروبي عزمه على اجراء استفتاء خلال الدورة البرلمانية الحالية التي تستمر حتى عام 2011 على الانضمام للعملة الموحدة.