أنباء عن حصول باكستان على 6 مليارات دولار من صندوق النقد

لمواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها

TT

يعقد صندوق النقد الدولي محادثات هامة مع مسؤولين باكستانيين في إمارة دبي، في الوقت الذي أفاد فيه وزير المالية الباكستاني شوكت تارين بأن بلاده في حاجة إلى 5 مليارات دولار من مقرضين متعددي الأطراف ودول صديقة لتجنب حدوث عجز في سداد الديون الأجنبية. وتستمر المحادثات بين الطرفين لليوم الثاني في دبي وسط تقارير حول موافقة صندوق النقد الدولي على تقديم 6 مليارات دولار إلى باكستان للمساعدة على دعم الاستقرار في اقتصادها وتجنب وقوع عجز في إعادة سداد الديون الأجنبية المستحقة في العام المقبل. ولا يزال تارين وغيره من المسؤولين الحكوميين يبذلون كل ما في وسعهم لإقناع الدول الصديقة مثل الصين والسعودية والامارات بإنقاذ البلاد.

وكان الرئيس الباكستاني آصف علي زارداري قد ترأس اجتماعا لندوة «اصدقاء باكستان» في اسلام اباد يوم الاثنين الماضي، وهي تضم مجموعة من الدول من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والصين ودولة الامارات. وقال مسؤولون باكستانيون انهم سينتظرون حتى موعد عقد الاجتماع المقبل «لاصدقاء باكستان» في دبي في الاسبوع المقبل، واذا ما فشل الاجتماع في الحصول على المبلغ المطلوب من الدول الصديقة فسيتقدمون لصندوق النقد الدول.

ويعد منتدى «أصدقاء باكستان» مبادرة من الدول الصديقة لتقديم مساعدات اقتصادية لها في تلك المرحلة من الأزمة الاقتصادية الكبرى التي تواجه البلاد.

وتجدر الاشارة الى ان حكومة حزب الشعب الباكستاني تريد تجنب الاتصال بصندوق النقد الدولي لأن مساعدات الصندوق المالية مشروطة بكثير من الشروط التي لا تتمتع بشعبية في اوساط الشعب. ومنذ وصول حكومة حزب الشعب الى السلطة قبل 7 اشهر اتخذت العديد من القرارات غير الشعبية مثل رفع اسعار الوقود والكهرباء.

وبعد اعلان رفع اسعار الكهرباء والوقود، اعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني انه اضطر لرفع الاسعار بضغط من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وكانت برامج المساعدات المالية السابقة من صندوق النقد الدولي مشروطة دائما بسحب كل الدعم لبعض السلع مثل النفط والغاز والكهرباء ـ وهي سلع اساسية تحدد اسعار كل شيء في باكستان من السيارات الفاخرة الى الخضراوات.

وهناك ادراك على نطاق واسع في باكستان ان مساعدات صندوق النقد الدولي المالية تزيد من الصعوبات التي يواجهها الرجل العادي في الشارع، وقال سهيل ناصر وهو صحافي باكستاني كبير «اذا ما تم اشتراط سحب الدعم قبل تقديم مساعدات جديدة من صندوق النقد الدولي فإنه لن يحظى بشعبية كبيرة، وهو بالضبط السبب وراء تردد حكومة حزب الشعب في التوجه الى صندوق النقد للحصول على المساعدة». ويقر خبراء اقتصاديون ومسؤولون حكوميون بأن باكستان تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية في ظل عجز كبير في الميزانية وعجز في ميزانها التجاري، مما أدى إلى تقلص احتياطي العملة الأجنبية وهروب رأس المال. ويقول وزير المالية الباكستاني إن بلاده تعلق آمال كبيرة على «الخطة أ»، التي تتضمن الحصول على قرض تنموي من مقرضين متعددي الأطراف، و«الخطة ب»، التي تشمل الحصول على مساعدات من الدول الصديقة لباكستان، وتتمنى أن تساعد هذه الخطط على تدبير المال الذي تحتاج إليه. ويضيف وزير المالية إن الحكومة الباكستانية تقدر أنها ستحتاج إلى مبالغ مالية تتراوح بين 3.4 مليار دولار و4.5 مليار دولار، ولكن أفاد تقييم لمقرضين متعددي الأطراف بأن باكستان سوف تكون في حاجة إلى 5 مليارات دولار لسد الفجوة في ميزان المدفوعات. وعلى الجانب الآخر، قال مسؤولون بصندوق النقد الدولي في باكستان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن باكستان ستكون في حاجة إلى 10 مليارات دولار خلال العامين المقبلين للحفاظ على توازن اقتصادها وسداد القروض.

وقد انتشرت بعض مشاعر القلق في الدول الغربية بخصوص وقوع باكستان في يد الجماعات المتطرفة في حالة الانهيار الاقتصادي.

وبغض النظر عن التداعيات الاستراتيجية وراء فشل باكستان في دفع ديوانها الاجنبية، فإن إحدى النتائج المباشرة لأزمة في ميزان المدفوعات هي التأثير السلبي على امدادات المعدات والوقود لقوات الامن الباكستانية المشاركة في نزاع دموي مع المتطرفين في شمال غربي البلاد، كما اوضح محلل امني.

والجدير بالذكر ان النظام السياسي الباكستاني الهش ضعيف بدرجة لا تسمح له بتحمل تداعيات الانهيار الاقتصادي.

و«اوضح خالد قيوم مدير مكتب بلومبرغ في اسلام اباد «هناك علاقة قوية بين عدم الاستقرار السياسي والازمة السياسية في باكستان. وحتى تاريخ باكستان السياسي هو شاهد على دليل على ان الازمات الاقتصادية تؤدي الى انهيار سياسي وتغيير للسلطة. وتأمل الحكومة الباكستانية في أن تتمكن من تجنب طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي لأن أي برنامج لصندوق النقد الدولي لن يحظى بشعبية كبيرة وسط الشعب الباكستاني. ولكن، يقول بعض خبراء الاقتصاد الباكستانيين إنه يجب ألا تخشى الحكومة من طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي بعد أن قامت بالفعل بسحب الدعم على البترول ومنتجاته، وهو مطلب رئيسي لصندوق النقد الدولي من الممكن أن يضر بالملايين من المستهلكين العاديين في أنحاء باكستان.