«جيتكس 2008».. الأزمة المالية العالمية هاجس الجميع

تخفيض التكلفة هدف آلاف الشركات المشاركة

تأثير الأزمة المالية كان واضحا على المعرض (تصوير: جاك جبور)
TT

قد تكون كلمة التحدي هي العنوان الدقيق، الذي يمكن ان يعطيه كل زائر لمعرض اسبوع «جيتكس» للتكنولوجيا الرقمية والاتصالات الذي اختتمت فعالياته في دبي. هذه السمة لازمت المعرض منذ انطلاقته قبل اكثر من ربع قرن، عندما شكك الكثيرون في فرص نجاحه في منطقة بدت وكأن بينها وبين التكنولوجيا الرقمية طلاقا بائنا، ولعل البيئة التي تؤمنها دبي لجهة المناخ الاستثماري والانفتاح على كل ما هو جديد جعل من المعرض في دورته لهذا العام، قبلة يؤمها الآلاف ممن يودون ايجاد موطئ قدم لهم فيما يجمعه المعرض من آخر ما توصلت اليه تكنولوجيا المعلومات وحلولها. وكان واضحا، برغم محاولة المشاركين نفي ذلك، تأثير الأزمة المالية على المعرض، فخف زخم المعرض عن سابقه، ولم يحفل بزوار كثر كما هي عادة كل عام، وحتى هذا العدد من الزوار بدا أنهم تحفظوا كثيرا قبل إقدامهم على اختيار أي من التقنيات المشاركة في المعرض.

وقد تكون هذه الصورة عن «جيتكس» لا تأتي من فراغ، فجميع العاملين والمهتمين والمستثمرين في قطاع المعلومات يعترفون بأن هذا المعرض هو أكبر معارض التكنولوجيا الرقمية والاتصالات في العالم، حيث يشارك في المعرض، الذي عقد هذا العام في دورته الثامنة والعشرين على مدار خمسة أيام، 3300 شركة اي ما يعادل ضعف العدد المشارك في دورة 2006 حيث تتوزع هذه المشاركات على 83 دولة، من بينهم شركات عالمية. وقد حفلت قاعات المعرض بتشكيلة واسعة من أحدث المبتكرات والمنتجات الرقمية المتطورة، كالشاشات التلفزيونية الضخمة وأجهزة الكمبيوتر، الهواتف الجوالة، والمفكرات الرقمية، والكاميرات، وأجهزة الترفيه، والإلكترونيات الاستهلاكية، وما إلى ذلك. كل شيء في معرض «جيتكس دبي» يضج بالتحدي لدرجة انه يمكنك ان تلاحظ انه بات من الضروري على كل شركة ان تقدم منتجا يفرض وجودها في هذا الزحام التكنولوجي. ستشاهد الأكبر والأصغر والأغلى والأرخص والأسرع والأدق، وكلها تعابير تفضيلية يكاد لا يخلو جناح لشركة كبرى من منتج يمكن ان يوصف بواحدة منها، الى جانب كل ذلك يتمتع المعرض بمساحة شاسعة تبلغ 64 ألف متر مربع اي ما يعادل ثلاثة اضعاف مساحة المعرض في 2006، اضافة الى الكم الهائل من العروض والأجهزة الرقمية التي يقدمها العارضون وسط أجواء لا تخلو من الجانب الترفيهي أحيانا، وعناصر الابهار البصري في محاولة لاستخدام كل ما امكن من طاقات ترويجية لاجتذاب الزوار، وانتهاء بما تفتحه تلك الأجهزة أمام الزائر من آفاق رحبة على المستقبل تداعب المخيلة بالفعل. ويشير المحلل الاقتصادي زيد غطاس إلى هذا الأمر بقوله: «معرض جيتكس شكل منذ بدايته تحديا كيف يمكن أن تتحول ساحة وسيطة في منطقة غير منتجة للتكنولوجيا مثل منطقة العالم العربي، أن تتحول إلى نقطة لقاء للمصنّعين وأيضا للمستخدمين». ويؤكد أن «جيتكس» تحول إلى منتدى عالمي للصناعة ولبيع الخدمات ولتوريدها، معتبرا انه يوفر فرص قل نظيرها لجمع المنتج بعملائه المباشرين في منطقة الخليج العربي، حيث يرتفع حجم الجمهور المستهدف لمعظم شركات تقنيات المعلومات كالحكومات والمستشفيات، بالاضافة الى قطاعات عديدة كقطاع التعليم وغيره «ويضيف: «بالتالي أهمية المعرض تتجاوز المحيط الجغرافي لمنطقة الخليج العربي، ليمتد الى كل انحاء العالم العربي».

ويرى غطاس ان «جيتكس» في دورته لهذا العام يركز على تقديم حلول تقنية عالية الجودة بكلفة اقل بهدف الغاء دور الوسطاء في ترويج التقنيات الحديثة، وبذلك يبدو الهدف المباشر لمعظم الشركات العارضة «تقليل التكلفة التشغيلية للمنتجات التي يستخدمها العملاء والتركيز على منتجات توفر حلول تقنية ناجعة تخفف من استخدام التقنيات المتعددة «في هذا السياق مثلا تطرح شركة ايبسون طابعة ليزرية تقوم بطباعة الورقة على الوجهين في آن واحد، الأمر الذي يوفر في النفقات والوقت».

ويتابع غطاس هناك توجه عام لدى معظم العملاء للتعرف اكثر على تقنيات الارشفة التي تقدم حلولا للشركات الكبيرة وتوفر المساحات المستخدمة عبر تقنيات الاحاطة الجانبية التي تسهل الوصول الى المعلومة بزمن اقل من دون الحاجة الى الارشفة الورقية.

وقد نجح «جيتكس» في تحدي تأمين فرص ترويجية وتسويقية وتجارية لكم متنوع من الشركات العالمية والعربية العاملة في شتى مجالات التكنولوجيا الرقمية. ويقول رائد القعسماني مدير التسويق في شركة باناسونيك إن «الوجود في هذا المعرض يفيدنا في التعريف عن التقنية التي نقدمها، ونحن قررنا في هذا العام ان نطلق اكبر شاشة بلازما في العالم، حيث يبلغ حجمها 150 بوصة لأن المعرض يفرض علينا بحكم المنافسة القوية ان نقدم ما هو متميز، لذلك اطلقنا ايضا في اليوم الأول للمعرض ثلاث شاشات بلازما جديدة بتقنية الدقة العالية الكاملة». ويؤكد القعسماني أن الوجود «في معرض جيتكس دبي أو معارض أخرى مماثلة مهم جدا، بحيث أن ذلك يتيح لنا إمكانية إقامة علاقات مع كل الشركات ذات الاختصاص أو ذات الاهتمام في هذا المجال»، معتبرا ان هذه العلاقات «تفتح أمام شركتنا آفاقا رحبة لعقد «صفقات» تجارية رابحة مع شركات أخرى وشركاء تجاريين يسعون وراء الحصول على الخدمات التي تقدمها شركتنا». ويقرأ القعسماني في إقامة معرض «جيتكس دبي»، «دليلا واضحا على أن المنطقة العربية آخذة في التطور والتقدم بسرعة مستفيدة من رغبة الشعب العربي في المعرفة، وحبه للاطلاع على التكنولوجيا الحديثة». وقد تساءل البعض في اليوم الاول للمعرض عن الأسباب التي تقف وراء ما اعتبر مشاركة دون المستوى لشركات كبرى عن المعرض لهذا العام مثل «ال جي» و«توشيبا» و«اتش بي» مقارنة بمشاركاتها الواسعة في الاعوام السابقة. الا ان المحلل الاقتصادي زيد غطاس اعتبر ان هذه الشركات التي يجري الحديث عن تقليل مشاركتها لهذا العام، هي موجودة وبقوة اكثر من الاعوام السابقة عبر نمط تسويقي جديد، يعتمد على الانتشار في كل اجنحة المعرض عبر الحضور من خلال شركاء لهذه الشركات وهذا الامر «متعلق بالسياسة الترويجية لهذه الشركات التي وجدت فيما يبدو ان سياسة التوزع الترويجي افضل من سياسة التركيز في مكان واحد عبر جناح موجود في قاعة واحدة».

ويمضي المحلل زيد غطاس قائلا ان الحديث عن تأثير للازمة المالية العالمة على سوق تقانة المعلومات، هو أمر غير ملموس اذا ما تمت مقارنته بالأسواق الأميركية والاوروبية، وهذا الأمر كان واضحا من خلال استمزاج آراء العديد من مديري الشركات الكبرى».

ويتابع غطاس ان هذا يظهر ان الشرق الاوسط قد يكون حصل على فرص أكثر لتقديم ما لديه من خدمات، وليكون ايضا منصة لعرض كل ما ينتجه العالم من تقانة المعلومات عبر دبي هذه المرة، وتحديدا معرض جيتكس.

من المعروف ان اسبوع «جيتكس» يخصص للزوار من رجال الأعمال والمتخصصين مع امكانية زيارته لجميع المهتمين عبر دفع رسم دخول. ويقول فادي درويش الذي يدير جناح لإحدى الشركات البرمجية، يمكن ان نقول ان «هذا العام لم يشهد ازدحاما شديدا من قبل الزوار تحديدا في اليوم الاول، الا ان العدد بدا بالازدياد في اليومين الثاني والثالث»، لكنه يضيف أن «الجيد في الأمر ان ما يمكن ملاحظته ان الزوار بشكل عام هم زوار نوعيون جاؤوا الى المعرض بهدف معروف ومحدد، الأمر الذي يجعلهم يعرفون السبب الدقيق لزيارتهم «واعتقد ان هذا النوع من الزوار، هو النوع الذي تفضله معظم الشركات العارضة».