هل ننتظر للرياض أزمة مياه؟

سعود الأحمد

TT

الذي أتوقعه لخدمات المياه في السنوات المقبلة، أننا مقبلون في العاصمة الرياض على شح في مياه الشرب إلى درجة الأزمة. وسبب هذا الاعتقاد ... أنه ومن متابعتي لتصريحات مسؤولي وزارة المياه والكهرباء، لا يوجد ما يُشير إلى أخذنا بالاعتبار تأثير التغيرات الموسمية على حجم الاستهلاك من المياه. والمطلوب في هذه المرحلة، حساب استهلاك الفرد بمدينة الرياض خلال فترة الشتاء واعتدال درجات الحرارة. ومقارنته بمتوسط استهلاك الفرد خلال فترة الصيف عندما ترتفع درجات الحرارة. فمن الطبيعي أن تزداد نسبة استهلاك الفرد. ومدينة الرياض باعتبارها عاصمة المملكة وتؤوي أكبر نسبة سكان من تعداد لمواطني ومقيمي السعودية، لا شك أنها تستحق أن تفرد لها دراسات ميدانية توضح حاجتها من الخدمات في مختلف المواسم والظروف وفي الأحوال العادية وعند مواجهة الأحداث والأزمات. ومما يغطي العيوب أن شريحة كبيرة من سكان مدينة الرياض يغادرونها في فصل الصيف. وأن كنا نلمس المعاناة مع اشتداد الحرارة بفصل الصيف بنهاية شهر يونيو (حزيران)، (ومع قرب فترة امتحانات الفصل الدراسي الثاني). وسؤالي هنا: ماذا سيكون عليه الحال عندما يعود سكان الرياض لصيام شهر رمضان بالمملكة، حيث يأتي شهر الصوم في فصل الصيف؟!.

ومن جانب آخر، إذا كانت المملكة اليوم هي أكبر منتج للمياه المحلاة بنسبة 29.2 في المائة من إجمالي المياه المحلاة المنتجة في العالم، فإلى أين سيصل استهلاكنا مع تطور النمو السكاني للرياض بالسنوات المقبلة؟!. أين هي فعالية برامج نشر الوعي الاستهلاكي؟!. إنني أستغرب حالة الزهو بزيادة الاستهلاك المصحوب باعتراف صريح بتكلفة عالية لتحلية مياه البحر. مما صرح به وزير المياه والكهرباء بجناح المملكة عند افتتاح المعرض الدولي للمياه بمدينة ثاراغوثا الذي كان بعنوان «الماء والتنمية المستدامة» أكسبو ثاراغوثا 2008!. فهذا الاستهلاك المبالغ فيه والمكلف (بذات الوقت) يجب أن يبحث عن أسبابه، التي من أهمها فشل برامج التوعية والترشيد التي انتهجتها (على طول خبرتها بهذا المجال!). ولو كان للوزارة أن تسعى لتشخيص الحالة، فإن من أهم أسباب الإفراط في استهلاك سكان مدينة الرياض للمياه، أن معظم المسؤولين عن استهلاك المياه هم من الخدم والعمال والسائقين الذين قدموا من دول تقع على أنهار وبحيرات. بل إن نسبة من سكان الرياض (من المقيمين) جاءوا من دول تعاني من الفيضانات، وقيمة الماء عندهم شبه معدومة. وهم فئة ينبغي أن تستهدفها الحملات التوعية لترشيد استهلاك المياه.

بل إن مما يؤسف له ببعض دراساتنا واستشاراتنا، أنها تؤخذ عن بيئات بدول باردة، وبالتالي فإن حاجة المستهلك فيها للماء تختلف عن الموجود لدينا. ونستفيد من بعض الدراسات التي تقوم بها دور خبرة تعطي استشاراتها لشركات تقدم خدمات المياه على أنها استثمار. فهذه المنشآت كلما زاد الاستهلاك لديها زادت أرباحها، لأن الماء يبيع بسعر أعلى من تكلفته لتربح الشركة مقدمة الخدمة. بينما الوضع لدينا في السعودية على العكس تماماً، فاستهلاك المياه دون ترشيد يعني نزيف لإيرادات الموازنة العامة للدولة ومقدراتنا الوطنية. على أن أزمة مثل شح المياه في العاصمة السعودية، إذا غُفل عنها حتى تحدث، لا بد أنها ستضطر الدولة إلى معالجتها بعد أن تحدث بقرارات جريئة لمعالجتها.. وهو ما يكلف اقتصادنا الوطني الكثير. في وقت نحن نتحدث اليوم لننادي باتخاذ إجراءات وقائية.. والوقت معنا والظروف والإمكانيات متاحة لفعل ما يمكن لتلافي حدوث الأزمة. ولذلك فإنني أطالب الوزارة بعرض خططها (اليوم) متضمنة تقديراتها لاستهلاك الرياض من المياه بالأعوام المقبل.

وختاماً.. لعلنا نتذكر هذه الأسطر عندما يدخل علينا شهر رمضان الفضيل ويعود معظم سكان الرياض للصيام في الوطن، والطقس ما زال حاراً ومعظم الأحياء تعاني من شح في مياه الشرب، عند ذلك (بالمناسبة) الفرصة سانحة للاستثمار في حاويات نقل المياه.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]