السعوديون والبريطانيون يتبادلون مفردات «الثقة» بقدرة الطرفين على المساهمة في حل الأزمة المالية العالمية

رئيس وزراء بريطانيا امتدح النظام المصرفي السعودي

غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني وهو يهم بتناول وجبة الإفطار الصباحية بصحبة المسؤولين ورجال الأعمال السعوديين خلال زيارته للرياض ضمن جولة تشمل عددا من الدول (تصوير: عبد الله عتيق)
TT

تبادل السعوديون والبريطانيون أمس مفردات الثقة والاطمئنان بقدرة الطرفين على لعب دور فاعل للمساهمة في تعزيز استقرار وضبط الأزمة المالية العالمية، إذ أكد غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني مقدرة السعودية على لعب دور بارز في الاقتصاد العالمي، بينما أبدى السعوديون تطلعهم إلى دور أكبر لبريطانيا في معالجة مثل هذه الأزمة نظير ما تمتلكه من خبرة اقتصادية واسعة.

ودعا براون مع تباشير صباح أمس وفي حفل إفطار نظمه مجلس الغرف السعودية ممثلا بمجلس الأعمال السعودي البريطاني بفندق الرياض إنتركونتيننتال، رجال الأعمال السعوديين للاستفادة من الفرص المتاحة حاليا مع الأزمة وزيادة الاستثمارات المتبادلة إضافة إلى السعي لرفع معدل التبادل التجاري بين الدولتين.

وتتزامن زيارة براون للسعودية حاليا مع توقعاته بأن تقدم السعودية ـ أكبر مصدر للنفط في العالم ـ أموالا إلى صندوق النقد الدولي للمساعدة في التغلب على الأزمة المالية العالمية، إذ ذكر في تصريحات أطلقها أمس عن اعتقاده بأن السعوديين سيساهمون ليكون الصندوق أكبر على مستوى العالم.

ودعا براون رجال الأعمال البريطانيين للاستثمار في السعودية لما تشهده من تطور في أنظمتها الاستثمارية والبيئة الاستثمارية بشكل عام، كما أكد أن الاقتصاد السعودي يملك فرصا واعدة للشركات البريطانية.

واستجلب غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني نظرية إيجابية فيما مأساة أزمة الأسواق المالية العالمية التي ألقت بظلالها الوخيمة على اقتصادات العالم حيث وصفها بأنها ستساهم في تصحيح النظام المصرفي العالمي، مضيفا بالقول: «يمكن أن تساعد الأزمة المالية الراهنة على قسوتها بالمساهمة في تصحيح وضع النظام المصرفي العالمي، وبالتالي المساهمة في تقديم حلول للمشكلات الاقتصادية العالمية».

وقال براون الذي يزور المنطقة بصحبة وزراء ورجال أعمال بريطانيين خلال كلمة ألقاها أمام رجال الأعمال السعوديين، لسؤال إعلامية مختلفة عما إذا كانت دول خليجية أخرى ستساهم في صندوق يتبع صندوق النقد الدولي: «نعم، أعتقد أن الناس يريدون الاستثمار في مساعدة العالم في اجتياز هذه الفترة الصعبة جدا».

وأفاد براون في زيارته الثانية للسعودية هذا العام، أن لدى الشركات التي تصاحبه خلال هذه الزيارة والتي تستثمر بما يفوق 4 مليارات جنيه استرليني، قادرة على تقديم الدعم وتعزيز العلاقات مع القطاع الاقتصادي السعودي، مشيرا إلى أن السعودية تمثل واحدة من أكبر الشركاء الاقتصاديين لبريطانيا بحجم تجاري يفوق 14 مليار دولار.

وأضاف براون عن توقعه أن يتضاعف حجم التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية بين السعودية وبريطانيا خلال العقد المقبل لاسيما ما يخص الاستثمارات التي تتجاوز 4 مليارات دولار، في وقت أكد فيه القدرة على رفع التعامل التجاري.

أمام ذلك، رحب براون برجال الأعمال السعوديين الذين سيزورون بريطانيا بين 9 و 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، ممتدحا في الوقت ذاته النظام المصرفي السعودي، إذ ذكر أنه يختلف عن الأنظمة الأخرى بدليل أنه لم يتأثر بالأزمة المالية التي يشهدها العالم حاليا.

ويقود رئيس الوزراء البريطاني وفدا تجاريا ووزاريا على مستوى عال في جولة بدول الخليج سعيا لجلب استثمارات والمساعدة بشأن أسعار النفط وللحصول على تمويل لصندوق النقد الدولي كي يساعد الاقتصادات المعرضة للخطر على اجتياز الأزمة الائتمانية.

وذكر رئيس الوزراء البريطاني أن صندوق النقد الدولي يحتاج مئات المليارات من الدولارات لحماية الاقتصاديات التي تواجه صعوبة بسبب الأزمة المالية العالمية، في وقت تحتاج فيه دول متقدمة كثيرة للسيولة، في إلماحة منه إلى أن دول الخليج يمكنها أن تسهم باعتبارها دولا ذات موارد مالية ضخمة مثل الصين في صندوق جديد بصندوق النقد الدولي يهدف إلى إنقاذ الاقتصاديات الضعيفة من الانهيار.

وزاد براون في تصريحات أدلى بها للصحافيين في غير مكان الاحتفال أمس: «إذا كان لنا أن نوقف انتشار الأزمة المالية فإننا نحتاج إلى سياسة تأمين عالمية أفضل لمساعدة الاقتصاديات المكروبة، وهذا هو السبب في دعوتي لمزيد من الموارد لصندوق النقد الدولي ـ مئات المليارات من الدولارات علاوة على 250 مليار دولار المتوفرة بالفعل ـ لإقراض تلك الدول التي تواجه خطر الانهيار المالي».

وذكر براون أنه يمكن للسعودية أن تلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي نتيجة مكانتها الاقتصادية، ملمحا إلى أن تمت مباحثات حول اجتماعات (المجموعة العشرين) التي ستعقد في الولايات المتحدة في منتصف الشهر الجاري.

ووفقا للأنباء المتواردة أمس، أوضح براون أن الدول المنتجة للنفط التي حصلت على أكثر من تريليون دولار من ارتفاع أسعار النفط في السنوات الأخيرة في وضع يتيح لها المساهمة في ضبط الأزمة الحالية.

ويرأس براون وفدا تجاريا ووزاريا على مستوى عال في جولة بدول الخليج من مطلع الأسبوع كي يشجع أيضا على زيادة الاستثمارات من تلك المنطقة الغنية بالنفط والمساعدة في إشاعة الاستقرار في أسعار النفط المتقلبة، موضحا أن دول الخليج أحد المصادر المهمة على نحو متزايد للاستثمار الوارد إلى المملكة المتحدة.

وحول وضع الصناديق السيادية، أفاد براون ـ بحسب الأنباء ـ أنه ما دامت دول الخليج تلعب وفقا للقواعد العالمية وتعمل بأسلوب تجاري فمرحبا بالاستثمار من الصناديق السيادية في المملكة المتحدة.

ويرافق براون خلال جولته التي يصر مساعدون حكوميون على أنها ليست مهمة استجداء للاستثمارات، وزير قطاع الأعمال بيتر ماندلسون ووزير الطاقة أيد ميليباند بالإضافة إلى رؤساء شركات بريطانية كبيرة مثل رولز رويس وسينتريكا.

من ناحيته، ذكر صالح بن علي التركي رئيس مجلس إدارة مجلس الغرف السعودية أنه على الرغم من الثقة المتبادلة في الاقتصاديات الوطنية إلا أن الواقع يوجب توخي الحذر ورصد تداعيات الأزمة ومضاعفاتها والاستفادة من الدروس التي يمكن استخلاصها من الأزمة في القطاعين العام والخاص.

وتناول التركي في كلمته الأزمة المالية التي يواجهها العالم والتي تلقي بظلالها على اقتصاديات العالم، وتتحمل عواقبها مختلف القطاعات في اقتصاد البلدين، أن السعوديين راقبوا بإعجاب التدابير العملية التي بذلت لمعالجة السيولة في النظام المصرفي العالمي وما بذلته القيادات العالمية، إلا أنه أكد التطلع إلى دور أكبر لبريطانيا في معالجة مثل هذه الأزمة.