خالد الفالح.. ابن «النفط» عوّام

خالد بن عبد العزيز الفالح
TT

يعتبر خالد بن عبد العزيز الفالح، الذي صدر أمس قرار بتعيينه رئيساً لشركة «أرامكو» السعودية، ثالث سعودي يتولى هذا المنصب بعد كل من علي النعيمي وزير البترول الحالي، وعبد الله صالح جمعة. ومنذ الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) 1983 عرفت «أرامكو» السعودية بعد حقبة طويلة من الزمن، الإدارة السعودية التي استفادت من سنوات طويلة من الشراكة مع الجانب الأميركي.

وخالد الفالح، الذي قضى أكثر من 27 عاماً متدرجاً في السلم الوظيفي لأكبر شركة بترول في العالم، سار على خطى والده الذي عمل في الشركة حتى أصبح نائباً للرئيس.

ولد خالد عبد العزيز الفالح في الرياض من عائلة تتحدر من مدينة الزلفى، وكان والده وقتها يعمل موظفاً في قسم تموين المواد في شركة «أرامكو» السعودية، وظل يعمل في الشركة طيلة 47 عاماً حتى سن التقاعد، حيث تدرّج في السلم الوظيفي إلى أن أصبح نائب الرئيس لقطاع التموين. وخلال فترة ابتعاث والده للدراسة في الولايات المتحدة، حيث درس في كلية رايدر في ولاية نيوجيرسي الأميركية، ومن ثم عمله في الظهران شرق السعودية، تولت والدته وجدته مهمة تربيته، هو وشقيقه وأخواته الأربع، وخال هو أكبر إخوانه.

درس خالد الفالح الابتدائية في الرياض، وفي نهاية الستينات انتقلت أسرته إلى الدمام للانضمام إلى والده الذي يعمل في «أرامكو»، وهناك حظي بالدراسة في مدرستين نموذجيتين لـ«أرامكو» أكمل فيهما المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، كما درس المرحلة الثانوية في المدارس الحكومية حتى العام 1976، وبعد الثانوية التحق بجامعة البترول والمعادن، التي تعرف اليوم باسم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، لكنه وبعد أن أمضى سنة واحدة في الجامعة تم انتداب والده إلى مركز شركة «أرامكو» في هيوستن بتكساس بالولايات المتحدة الأميركية. وأثناء زيارته له في عطلة الصيف تعرف خالد الفالح على جامعة تكساس إي أند إم، فتقدم بطلب للالتحاق بتلك الجامعة، وتم قبوله على أن يبدأ الدراسة في عام 1979. ونال بعثة دراسية من شركة «أرامكو»، ليحصل من الجامعة نفسها على شهادة بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية في العام 1982.

وانضم في سنة تخرجه للعمل في «أرامكو» حيث بدأ العمل في صيف 1982، في حقل نفط «ابقيق» في المنطقة الشرقية، وهو من أوائل حقول النفط المنتجة وأحد أكبر الحقول في السعودية وفي العالم. وكان بداية عمله كمهندس في إدارة المشاريع حيث تولى إدارة المشاريع الصغيرة في معامل ومرافق إنتاج ابقيق. بعد ذلك عمل الفالح خارج المملكة في مشروع خط أنابيب حيث أرسلته «أرامكو» للعمل مع شركة «ويليامز بروذرز» في مكتب لها بجوار ليستر سكوير في العاصمة البريطانية لندن. وهناك كان أحد أعضاء فريق إدارة المشروع، وهو الفريق الذي كان يشرف على خطط إنشاء قسم من منظومة الغاز الرئيسية الجديدة آنذاك للسعودية.

وكان أبرز المشاريع الضخمة التي عمل فيها الفالح مشاركته في إنشاء مصفاة جديدة في القصيم في مشروع بكلفة 1.3 مليار دولار، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 180 ألف برميل يومياً. وكان هذا المشروع بإدارة شركة «بكتل» في سان فرانسيسكو، ولذا فقد سافر مباشرة من لندن إلى سان فرانسيسكو وعمل هناك حتى عام 1984، ولكن نظراً لأسباب متعددة فقد ألغي مشروع المصفاة.

وعمل الفالح بعد ذلك في مشروع لتطوير مصفاة رأس تنورة وفي مشاريع أخرى مختلفة في منطقة العمليات الشمالية لشركة «أرامكو» السعودية، كما التحق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن لمتابعة دراسة الماجستير، وشارك بعدها في أعمال إعادة إعمار معمل غاز «الجعيمة»والذي كان قد تعرض لأضرار جسيمة إثر حادث حريق كبير. وأنهى في العام 1991 دراسته للماجستير في إدارة الأعمال والتحق بإدارة الخدمات الاستشارية ضمن هيكل الخدمات الهندسية في شركة «أرامكو».

عمل خالد الفالح ضمن فريق تم تشكيله للإشراف على دمج شركة التسويق العربية السعودية (سمارك) في «أرامكو»، ثم عين رئيسا لإدارة الخدمات الاستشارية في الشركة، قبل أن يعين لثلاث سنوات كمدير للصيانة والعمليات في مصفاة رأس تنورة، وهي المصفاة التي تبلغ قدرتها الإنتاجية حالياً 550 ألف برميل من المنتجات المكررة يومياً، انضم بعدها إلى دائرة التخطيط في الشركة بصفة مدير لإدارة تحليلات الأعمال التي تتولى تنفيذ تحليلات لأعمال الشركة وبيئة الأعمال الخارجية بهدف تمكين التخطيط الاستراتيجي للشركة، وفي هذه الفترة كلفت الحكومة السعودية شركة «أرامكو» مهمة وضع استراتيجية الغاز في المملكة للسنوات العشرين القادمة، لذلك عمل الفالح في الفترة من عام 1998 إلى عام 1999 ضمن فريق عمل لوضع هذه الاستراتيجية.

وفي عام 1999 انتخب الفالح ليتولى رئاسة شركة «بترون»، التي هي مشروع مشترك بين شركة «أرامكو» السعودية وشركة النفط الوطنية الفلبينية. لينتقل للعيش في مانيلا بالفلبين لنحو 15 شهراً، ثم استدعي في العام 2001 للعودة من جديد للعمل ضمن فريق دعم مبادرة الغاز الطبيعي السعودية التي تبنتها الحكومة.

وقد ترأس الفالح فريق المفاوضات حول مبادرة الغاز الطبيعي السعودية، وتأسست بعدها شركة جنوب الربع الخالي المحدودة التي تجمع «أرامكو» مع «شل» و«توتال» كشريك تأسيس، حيث تولى رئاسة مجلس إدارتها. وشركة «جنوب الربع الخالي المحدودة» تأسست في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، حيث تتولى أعمال التنقيب عن الغاز والسوائل المرافقة في منطقتي تعاقد تبلغ مساحتهما الإجمالية نحو 210 آلاف كيلومتر مربع في جنوب الربع الخالي. وكانت مشروعاً مشتركاَ بين «شل» بنسبة 40 في المائة وكل من أرامكو السعودية وتوتال بنسبة 30 في المائة. قبل أن تنسحب شركة «توتال» في فبراير (شباط) الماضي.

وفي عام 2003 تم تعيين الفالح نائب الرئيس لتطوير الأعمال الجديدة في «أرامكو» السعودية، وكان من بين المشاريع الرئيسية التي عمل فيها مشروع مصفاة «رابغ»، وهو موقع لمصفاة لـ«أرامكو» على البحر الأحمر، وهو عبارة عن مشروع لإنشاء مصفاة ومجمع بتروكيماويات مدمجين بكلفة 10 مليارات دولار، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصفاة 400 ألف برميل من المنتجات المكررة في اليوم، بينما سينتج مجمع البتروكيماويات 2.5 مليون طن من المنتجات الكيماوية سنوياً، مما سيجعله أحد أكبر مصانع الكيماويات في السعودية. وفي عام 2004، عين الفالح نائباً للرئيس للاستكشاف، كما عين في نفس العام النائب الأعلى لرئيس عمليات الغاز، وكذلك تم تعيينه لأول مرة في مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2005 تم تعيينه في منصب النائب الأعلى لرئيس العلاقات الصناعية، حيث تشمل مهامه جميع الموارد البشرية في الشركة وعمليات دعم الموظفين بما في ذلك الخدمات المجتمعية والطبية وقضايا الصحة والسلامة والأمن والعلاقات الحكومية والعلاقات العامة والتدريب وتنمية الموارد البشرية. كما عين قبل عامين عضواً في المجلس البلدي لحاضرة الدمام.

تزوج الفالح في العام 1986 من زوجته «نجاح» الحاصلة على شهادة الماجستير والدكتوراه في الجغرافيا، وهي أستاذة في كلية الدمام للآداب، وله خمسة أبناء، ثلاث بنات وولدان.