رئيس لجنة تحديد السياسات في الصندوق: الاقتصاد الرأسمالي سيعود لتوازنه

غالي لـ«الشرق الأوسط» : يجب مراجعة الخلل في الكتل التصويتية داخل صندوق النقد

د. يوسف غالي (رويترز)
TT

قال رئيس لجنة تحديد السياسات في صندوق النقد الدولي، الدكتور يوسف بطرس غالي، إن الاقتصاد الرأسمالي سيعود لتوازنه خلال عامين أو ثلاثة بأقوى وأعمق من السابق، وإنه لا بد من مراجعة الخلل بالكُتل التصويتية داخل صندوق النقد الدولي. ورداً على أسئلة «الشرق الأوسط» عن مستقبل الأزمة المالية العالمية، أضاف غالي أن النظام الرأسمالي سيعود أقوى مما كان عليه بعد الأزمة.. «النظام الرأسمالي يطور نفسه من خلال أزمات، وسيعود أقوى مما كان عليه، وسيعود أعمق وأكثر قدرة من نظم اقتصادية أخرى..

والمثل يقول التي لا تُميتك تزيدك قوة، هم (النظام الاقتصادي الرأسمالي) لم يموتوا وسيزدادون قوة.. الجميع يبحث عن استفادة من هذه الأزمة لتحديد مكانه التنافسي على الخريطة، بعد سنة ونصف أو سنتين». وذكر أنه لا بد من مراجعة الخلل في الكُتل التصويتية للأعضاء داخل صندوق النقد. وأضاف غالي الذي يشغل موقع وزير المالية في مصر وعضوية الأمانة العامة بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، أن النظام الرأسمالي تضخم أكبر من الآليات التي تحكمه في السنوات الأخيرة، مما جعل تلك الآليات تفقد السيطرة عليه. وأضاف غالي الذي عاد للقاهرة عقب اجتماعات له مع وزراء مالية عدة دول في العالم قبل يومين، أن «النظام المالي لم يجد نقطة توازن جديدة بعد، (ليعود إلى التعافي).. وقد لا يجد نقطة التوازن إلا بعد عامين أو ثلاثة (..) لا أحد يعرف أثر هذه الأزمة ممَّن التقيت بهم من وزراء مالية من دول عالمية؛ منهم وزراء مالية دول أوروبية كألمانيا وغيرها.. لا أحد يعرف أثر أزمة المال العالمية على الوضع (الاقتصادي العالمي)، ولا متى تنتهي، ولا أثرها على اقتصادها». وعن المستفيدين من الأزمة المالية العالمية، سواء كانوا دولا أو شركات، قال إن أكثر المستفيدين من الأزمة «هم أكثر المتضررين من عدم الانضمام للنظام العالمي، خاصة الدول المنغلقة على نفسها، مثل ميانمار وكوبا»، مشيراً إلى مثل هذه البلدان لم تشعر بالأزمة المالية التي تضرب العالم، لأنه لم يكن لديها تبادل تجاري يذكر مع دول العالم الأخرى. وذكر أن «هذا الانهيار أدى إلى توقف البنوك والمؤسسات عن إقراض بعضها لمدة 15 يوما، حتى أصبحت أسعار الفائدة لا نهائية». وفي مؤتمر صحافي على هامش أعمال المؤتمر السنوي للحزب الحاكم، الليلة قبل الماضية، اوضح غالي أن النظام الرأسمالي سبق نفسه لدرجة أن الأسواق الكبرى ظهرت فيها آليات خرجت عن إطار الأجهزة الرقابية في الدول، كما نشأت علاقات بين المؤسسات الكبرى والعديد من الدول أدت إلى تفشى الداء من أميركا إلى العالم بدون القدرة على إيقاف انتقال العدوى، معربا عن اعتقاده بأن «الانهيار الحقيقي» الذي تلى الخسائر في أسواق المال العالمية، كان بالأساس ناتجا عن أخطاء سياسية اقتصادية تتحملها الخزانة الأميركية. وقال إن الخزانة الأميركية «تركت مؤسسة ليمان براذرز المالية تنهار تحت وطأة الضغوط الشعبية من جانب الرأي العام داخل الولايات المتحدة حين وقف ضد تدخل الخزانة هناك لإنقاذ إحدى المؤسسات قبل انهيار ليمان بأسبوع». وشدد رئيس لجنة تحديد السياسات في صندوق النقد الدولي، على أن النظام الرأسمالي سيعود بقوة بعد أن يتجاوز الأزمة، مشيرا إلى أن النظام الرأسمالي قادر على تصحيح نفسه. وفيما يتعلق بتأثير الأزمة المالية العالمية على وضع صندوق النقد، قال غالي «قبل أن أتحدث عن تأثير الأزمة على الصندوق، أود أن أقول إنه (صندوق النقد الدولي) يوجد به خلل، لأنه يتعامل بنظام تصويتي يتنافى مع الواقع الاقتصادي والحجم الحقيقي للدول الأعضاء فيه.. وأوضح أن الكتلة التصويتية للدول الأوروبية تبلغ 32 في المائة بينما الصين تبلغ كتلتها التصويتية 2.5 في المائة رغم أن الاقتصاد الأوروبي يمثل ضعف الاقتصاد الصيني. وقال أيضا إن القوة التصويتية للولايات المتحدة الأمريكية تبلغ 17 في المائة في وقت يشترط فيه صندوق النقد، لإقرار سياساته، الحصول على 85 في المائة بحد أدنى من الأصوات، وأن.. «هذا الأمر يجعل للولايات المتحدة وحدها الحق في صنع القرار داخل صندوق النقد». وحول الأزمة المالية العالمية وأثرها على مصر، أكد غالي: «نريد الحفاظ على معدل النمو الحالي مع نسبة أقل في التضخم فى الأسعار، موضحا أن أوروبا كانت تتوقع معدل نمو ما بين صفر و2.2 في المائة، ولكن ما حدث في الربع الثالث من العام المالي وصل معدل النمو بالسالب إلى 0.5 في المائة كما وصل الاقتصاد الأميركي بالسالب أيضاً إلى 0.3 في المائة، وأن.. «القلق في الغرب ينعكس على اقتصادات دول أخرى لمجرد القلق». من جانب آخر، كشف الدكتور محمود محيي الدين، وزير الاستثمار المصري، في نفس المؤتمر الصحافي، أن بلاده بصدد إعداد مشروع قانون يتضمن إنشاء ثلاثة كيانات تتولى إدارة الأصول في الشركات التي تعمل في المجالات الاستراتيجية وإنشاء صندوق يحفظ جزءاً من عوائد برامج الطرح لبعض الشركات التي لا ترغب الدولة الاستثمار فيها، فيما أوضح المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة المصري، أن مؤشرات حركة التجارة البينية بين الدول سريعة التغير ومن المتوقع أن تصبح الصين الشريك التجاري الأول في مصر، خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية التي فرضت على الولايات المتحدة وأوروبا حالة من الركود في حركة الصادرات. وكان جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الحاكم قد أدار أول من أمس حواراً مفتوحا مع وزراء المجموعة الاقتصادية بالحكومة، أمام نحو 270 من أعضاء المؤتمر السنوي للحزب، قال فيه إن الاقتصاد المصري يواجه تحديات بسبب الأزمة المالية العالمية ولا بد من استمرار ما تحقق من نجاح في المنظومة الاقتصادية المصرية، خلال السنوات الأربع الماضية. وأضاف: لا بد أن نتحسب لبطء الانكماش العالمى على الطلب الذي سيؤثر على صادراتنا.

وقال حسن عبد الله رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الحاكم في مداخلة له بالمؤتمر إن الجهاز المصرفي المصري آمن تماما. وأضاف أن «حقوق ملكية البنوك كانت 23 مليار جنيه. وكان عدد البنوك يزيد على 60 بنكاً، والآن وصلت هذه الحقوق الى 54 مليار جنيه. وانخفض عدد البنوك بنسبة 40 في المائة أي أن متوسط حقوق الملكية للبنك حوالي 1300 مليون جنيه، وهو رقم مطمئن للغاية». واشار عبد الله إلى أن نسبة القروض للودائع في البنوك بمصر تصل إلى 53 في المائة، وأن البنوك بإمكانها إقراض مئات المليارات بدون أن تتأثر السيولة لديها، وهي بذلك قادرة على تمويل المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية.