قمة بروكسل الاستثنائية مصممة على إصلاح النظام المالي العالمي

في آخر لقاء تحضيري قبل قمة العشرين في واشنطن الأسبوع المقبل

رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو خلال المؤتمر الصحافي في بروكسل أمس (رويترز)
TT

التقى القادة الاوروبيون أمس الجمعة في بروكسل في غداء عمل لصياغة خطط مشتركة لاصلاح النظام المالي العالمي قبل قمة واشنطن التي تشارك فيها كبرى الاقتصاديات العالمية الاسبوع المقبل. ووصف رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو، هذه الفترة التي يمر بها العالم بـ «التاريخية»، مشدداً على تصميم الدول الكبرى في العالم التعاون من أجل ايجاد حلول للمشاكل المالية والاقتصادية العالمية.

ويلتقي زعماء 20 من الدول ذات الاقتصاد القوي والناشئ في واشنطن في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في اول اجتماع يفترض ان يكون من بين سلسلة اجتماعات تهدف الى اصلاح النظام المالي العالمي اثر الازمة المالية الخانقة.

وكان الهدف الاساسي لرؤساء دول وحكومات التكتل الأوروبي السبع والعشرين من قمة استثنائية غير رسمية في بروكسل هو تنسيق مواقف دولهم بشأن إدارة الأزمة النقدية والمالية، التي تحولت إلى أزمة تمس أسس الاقتصاد العالمي. وحسب العديد من المراقبين يريد الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة توجيه رسالة سياسية من شقين موجهة أولا للرأي العام الداخلي الأوروبي بشأن قدرة التكتل على إدارة الأزمة وثانيا إلى العالم الخارجي باستعداد أوروبي جماعي للمساهمة في إدارة الشؤون النقدية الدولية.

وتؤكد وثيقة لقاء بروكسل على ضرورة الخروج من القمة القادمة بإرشادات فورية للإدارة الدولية ومسودة لبرنامج عمل محدد حتى يتم تقديم اقتراحات ملموسة وعمليه خلال 100 يوم. وخلال تصريحاته على هامش القمة أشار باروسو الى أن القادة من خلال المناقشات ركزوا على قيمة المساهمة الأوروبية والدور الذي سيلعبه الاتحاد وإيجاد مقاربة عالمية لدفع التطور الاقتصادي. وركز رئيس المفوضية الأوروبية على المقترحات التشريعية التي سبق للمفوضية ان قدمتها لإجراء إصلاحات هيكلية في النظام المالي الأوروبي، وقال «ساهمت مناقشات القمة في إعداد الرسالة الأوروبية لقمة 15 الشهر الحالي في واشنطن والتي ستجمع الدول العشرين الأهم اقتصادياً في العالم، وهو أمر بالغ الأهمية».

وتابع: هناك سنعمل معاً من أجل إطلاق نظام مالي واقتصادي عالمي تحكمه قواعد جديدة وفاعلة، «نحن بحاجة إلى عملية تحديث لأنظمتنا المالية وكذلك لاقتصادنا، وهي أيضاً حاجة عالمية».

ويقول المراقبون في بروكسل انه بالرغم من الإرادة الأوروبية المعلنة فان الفترة الماضية اظهرت تباينا نوعيا في المواقف بين عدد من الدول الاعضاء، والمثال على ذلك ان الفترة القليلة الماضية شهدت مواجهة فعلية بين فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية الأوروبية، والتي تؤيد تعزيز دور الحكومات على المستوى الدولي، للتأثير على الاقتصاد، وبين عدد من الدول الأخرى وخاصة ألمانيا وبريطانيا.

وترفض الحكومة الألمانية أي توجه في هذه المرحلة لتكثيف التدخل الحكومي سواء على المستوى العالمي، أو المستوى الأوروبي، في إدارة الشؤون الاقتصادية، وترى ضرورة رفض الفكرة الفرنسية، بإقامة حكومة اقتصادية على مستوى التكتل.

كما تدعو برلين التي تؤيدها دول الشمال الأوروبي الى التمسك باستقلالية المصرف المركزي الأوروبي، وعدم التدخل في إدارته للشؤون النقدية.

وتعارض السلطات الألمانية ايضا رفع موازنة المصرف الأوروبي للاستثمار، وتعتبر ان الأوضاع الاقتصادية لا تسمح بضخ اموال من الخزينة الاوروبية، لتقديم مزيد من الدعم للقطاع المصرفي.

اما بريطانيا فإنها تعارض أي توجه للتحكم في الاسواق، وتبرر مثلها مثل الولايات المتحدة ان قمة الدول العشرين، وخلافا لما تردده فرنسا، يجب ان تضع حلولا مرحلية للازمة في انتظار اتضاح الرؤية داخل اسواق المال من جهة وخروج الإدارة الأمريكية من مرحلتها الانتقالية. كما يوجد خلاف جوهري بين الدول الأوروبية بشان تمكين المؤسسات النقدية الدولية وتحديدا صندوق النقد الدولي من مركز الصدارة في ادارة الازمة.

وعلى كل الاحوال يوجد إجماع أوروبي على ضرورة السعي لإبعاد شبح الأزمة وتجنب تكرارها، وخاصة انه من بين المقترحات التي تقدمت بها فرنسا لاعتمادها من قبل الدول الاوروبية ضرورة إحداث شفافية اكبر ودعم ضوابط مراقبة الأسواق وتحسين إدارة الأزمات وتنسيق قواعد التصنيف ودعم المؤسسات المصرفية.

* يتضمن جدول أعمالهم للإصلاح خمس نقاط رئيسية بعد أن اعتبروا قائمة طويلة طرحتها فرنسا أكثر كثافة من أن تكون قاعدة تفاوض. وتفيد ورقة للاتحاد الأوروبي حصلت «رويترز» على نسخة منها أن هذه النقاط الخمس هي:

1 ـ تكليف صندوق النقد الدولي بمسؤولية أولية تتمثل في التوصية بإجراءات لاستعادة الثقة في الاقتصاد وإنقاذ الدول التي تواجه مشاكل.

2 ـ إخضاع وكالات التصنيف الائتماني لرقابة أكثر تشددا بعد أن انتقدها بعض المحللين لفشلها في التنبيه الى تنامي المخاطر من أزمة الائتمان.

3 ـ تنسيق المعايير المحاسبية على مستوى العالم ومراجعة استخدام قاعدة «القيمة العادلة» التي تتطلب أن تقيم المؤسسات أصولها بسعر السوق حتى اذا كان هناك خلل ما في سوق ورقة معينة.

4 ـ أن «تتخذ خطوات لضمان ألا يكون هناك أي قطاع أو مجال من السوق أو مؤسسة مالية بما في ذلك صناديق التحوط لا تخضع للرقابة والمحاسبة».

5 ـ تطبيق مواثيق عمل لتجنب المخاطر المفرطة في القطاع المالي ومنها مراقبة مرتبات المسؤولين التنفيذيين.

وأفادت ورقة البحث التي وضعتها فرنسا بأن «القمة يجب أن تضع برنامجا محددا يسمح بعرض خلال مائة يوم لمقترحات ملموسة وعملية حول الموضوعات ذات الأولوية».