مصر تجازف باضطرابات إن لم تحمِ الفقراء من تباطؤ الاقتصاد

80 مليار جنيه نفقات دعم السلع الغذائية

أدت زيادة التضخم وتدني الرواتب الى إثارة احتجاجات عنيفة واضرابات عمالية في مصر (رويترز)
TT

من الممكن أن تؤدي الأزمة الاقتصادية العالمية الى تكرار الاضطرابات التي شهدتها مصر في وقت سابق هذا العام إذا لم تستطع الحكومة حماية ملايين الفقراء من اثارها.

ومن المستبعد أن تهدد موجة جديدة من الاستياء استمرار الحكومة. لكنها قد تردع الاستثمار الذي كان المحرك وراء الطفرة الاقتصادية التي عاشتها مصر في الأعوام الأربعة الأخيرة.

وأوضح محللون ان على الحكومة أن تحاول تحسين سبل توصيل الدعم الغذائي الى مستحقيه من الفقراء لخفض الإنفاق المهدر.

وأضافوا أن عليها زيادة الإنفاق العام بحذر، وإلغاء ضريبة جديدة على الشركات لا تحظى بتأييد المستثمرين.

ومصر أكبر الدول العربية سكانا إذ يقطنها 82 مليون نسمة، وهي ليست من الدول الأكثر تضررا من الأزمة. وثمة توقعات بتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الى 5.25 في المائة في السنة المالية الحالية 2008 ـ 2009 من 7.2 في المائة في 2007 ـ 2008 حسب استطلاع أجرته «رويترز. ويشير المحللون الى ان هذا يبدو جيدا مقارنة بدول صناعية تواجه الركود.

والمشكلة أنه حين كان الاقتصاد ينمو بمعدل بين ستة وسبعة في المائة على مدار العامين الأخيرين، أدت زيادة التضخم وتدني الرواتب الى إثارة احتجاجات عنيفة واضرابات عمالية. وقال المحلل السياسي، عمرو الشوبكي، انه في غياب سياسة اجتماعية واضحة لحماية الفقراء تظل مصر مهددة بمزيد من الاحتجاجات الاجتماعية.

وبلغت الاضطرابات ذروتها في ابريل (نيسان) حين اشتبك آلاف العمال بمدينة المحلة الكبرى الصناعية مع الشرطة. وقتل شخصان على الاقل وأصيب اكثر من مائة بجروح. وردت الحكومة بزيادة رواتب موظفي الحكومية 30 في المائة. ورفعت فيما بعد أسعار الوقود وفرضت ضرائب على الشركات العاملة في المناطق الحرة في اطار اجراءات لتوفير موارد لتمويل زيادة الرواتب مما أدى الى تفاقم التضخم.

وقالت مونيت دوس، كبيرة المحللين في بنك الاستثمار المصري برايم هولدنغ: «الجميع الآن يعلمون أن زيادة الضرائب على شركات المناطق الحرة كان قرارا خاطئا».

وتقول وحدة المعلومات بصحيفة «ايكونوميست» ان من المتوقع أن يؤدي الانخفاض العالمي في أسعار السلع وتأثيراته الاولية الى خفض التضخم الى 9.1 في المائة عام 2009 بعد أن وصل الى 18 في المائة عام 2008. وفي ظل تراجع التضخم ستظل البطالة الهم الرئيسي.

وأعلنت الحكومة التي لم تبد أي رغبة في مراجعة سياساتها الضريبية عن خطة اقتصادية قيمتها 15 مليار جنيه مصري (2.7 مليار دولار) يخصص ثلثها لإقامة مشاريع جديدة للمياه والصرف الصحي. ويقول محمد أبو باشا، الخبير الاقتصادي ببنك الاستثمار المجموعة المالية ـ هيرميس، إن أهم شيئين للناس هما الإنفاق الذي سيخلق وظائف، والدعم الذي سيضمن حصولهم على الاحتياجات الاساسية.

ومن المتوقع أن تنفق الدولة نحو 80 مليار جنيه في السنة المالية الحالية على الدعم وهو اكثر مما تنفقه على الصحة والتعليم.

لكن على الحكومة أن تعثر على أسلوب أفضل لتوزيع الدعم الغذائي. ويقول منتقدون ان النظام الحالي الذي يوفر أغذية مثل الخبز وزيت الطهي بأسعار رخيصة معيب لأن الدعم يصل ايضا الى الاثرياء.

ويرى محللون أن الحكومة لم تقم بأي عمل مهم لإصلاح نظام التعليم الذي لا يملك المقومات اللازمة لإمداد التلاميذ بالمهارات الضرورية لسوق العمل.

ويكمن جزء من مشكلة نظام التعليم في أنه لا يزال مجانيا، وهو ما يحد من قدرة الدولة على تدبير مزيد من التمويل لرواتب المعلمين.

في الوقت نفسه تنفق الأسر المصرية مليارات الجنيهات سنويا على الدروس الخصوصية.

وقال الشوبكي إن إصلاح التعليم يجب أن يكون الخطوة الأولى. وقد تلحق أضرار بالاقتصاد بسبب ازدياد القرصنة قبالة ساحل شرق افريقيا.

وتفضل شركات شحن تجنب قناة السويس وإرسال شحنات النفط والسلع الأخرى حول جنوب القارة الأفريقية.