بورصة بيروت نجت من الانهيار وانتعاشها ينتظر جلاء الأزمة

اتصالات مع شركات لبنانية لإدخال أسهمها في البورصة

TT

على الرغم من تكرار كبار المسؤولين المحليين أن لبنان بقي في منأى عن انعكاسات الازمة المالية العالمية، فإن بورصة بيروت تأثرت فعلياً بهذه الازمة من خلال تراجعات مهمة في أسعار الاسهم المصرفية، وأسهم «سوليدير» (شركة تطوير وإعادة اعمار وسط بيروت التجاري)، لكنها لم تبلغ حد الانهيارات التي سجلت في مختلف البورصات العالمية والعربية.

ويعتبر رئيس البورصة فادي خلف ان الانخفاض الذي سجلته بورصة بيروت مرتبط بالازمة المالية العالمية التي دفعت بالشركات الغربية الكبرى الى تصفية مراكزها في البورصة في مرحلة أولى، ثم جاء انتشار الازمة في الخليج، في مرحلة ثانية، ليزيد من هذا الانخفاض، بحيث اندفع المستثمرون العرب الى بيع أسهمهم في السوق اللبنانية من اجل تغطية خسائرهم المحلية، أو من أجل اعادة «توطين» رساميلهم في ظل واقع من السيولة المجففة والتسليف المقيد، غير أن هذه العناصر كلها لم تحدث صدمة في السوق اللبنانية لكون الاستثمارات الاجنبية في لبنان ضعيفة نسبياً، بخلاف ما هي في العديد من الدول الناشئة.

ويؤكد خلف لـ«الشرق الأوسط»: «ان انخفاض اسعار الاسهم لم يكن مرتبطاً قط بالعوامل البنيوية، التي أدت في الواقع الى الحؤول دون حصول انهيارات في البورصة. والواضح ان الشركات اللبنانية المدرجة أسهمها في البورصة عبرت عن قدرتها على مواجهة ترددات الازمة العالمية».

ويعتبر خلف ان اسعار الاسهم التي كانت دون قيمتها الفعلية طوال المرحلة التي سبقت الازمة العالمية، «تعزى الى عدم الاستقرار السياسي والامني في لبنان الذي حال أيضاً دون تكون فقاعة، وبالتالي انفجارها». وفيما يرى رئيس البورصة وجود فرص استثمارية عديدة فإن المستثمرين لم يظهروا شهية بعد على هذا المستوى ربما بانتظار جلاء الغيوم من سماء المنطقة، ويستدل على ذلك من ضعف حجم المداولات الاخيرة في البورصة.

وفي اعتقاد خلف ان هناك عوامل عديدة تحول اليوم دون أن تحقق البورصة قفزة نوعية، أولها حجم الاقتصاد اللبناني، يبدو اجمالي الناتج المحلي الادنى بين اقتصادات المنطقة، مع تركزه على قطاعات محددة، ولا سيما منها المصارف والعقارات.

وثانيها غياب عمليات الخصخصة عن قطاع الكهرباء والهاتف النقال وشركة الطيران الوطنية (الميدل ايست) وكازينو لبنان. وثالثها التركيبة العائلية للشركات اللبنانية التي تجعلها تحجم عن طرح أسهمها للجمهور. وبالرغم من ذلك، هناك حوافز عديدة تقدمها البورصة، مثل تخفيض الضريبة على الارباح بنسبة 50 في المائة.

ويكشف عن اتصالات بدأتها لجنة البورصة منذ نهاية 2005 مع نحو 50 شركة لبنانية لادخال أسهمها في البورصة، وهناك ثلاث منها أعربت عن تجاوبها وبدأت الاعداد للدخول. وفي موازاة ذلك، هناك ثلاث شركات سمسرة تعمل في العالم العربي قدمت طلباً للبورصة للسماح لها بالعمل في السوق اللبنانية، ولكن عدوان يوليو (تموز) 2006 أطاح بكل هذه المبادرات.

ولكن على الرغم من محدودية الشركات المدرجة أسهمها في بورصة بيروت، فقد عمدت هذه الاخيرة الى تسجيل خطوات متقدمة منذ عام 2000، بحيث ارتفعت الرسملة السوقية من 1.25 مليار دولار في نهاية 2001 الى 10.74 مليار دولار في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بعدما بلغت في يوليو (تموز) الماضي 14 مليار دولار، غير ان هذا الارتفاع لا يعود فقط الى ارتفاع الاسعار، وإنما أيضاً لتنوع الادوات المستخدمة في البورصة، التي ارتفع عددها من 13 في عام 2000 الى 27 في عام 2007 وذلك بفضل تعديلات أدخلت على القانون المتعلق بنشاط البورصة لجهة عدم اكتفاء المؤسسات بطرح أسهمها العادية، بل بطرح أدوات مالية جديدة، كالاسهم التفضيلية، والاسهم ذات الاولوية، وشهادات الايداع.