التشفي

TT

منذ نشأت الأزمة المالية العالمية وأنا أسمع بعض كلمات التشفي من بعض المشتغلين في المصرفية الإسلامية، وحضرت أكثر من ندوة ومؤتمر مصرفي إسلامي الأسبوع الماضي، والبعض تكلم عن الأزمة المالية العالمية بواقعية وإنصاف، والبعض الآخر طرح المصرفية الإسلامية كحل لكل إشكالات العالم المالية، وواحد من الحلول لمنع إفلاس البنوك، وهذا من حقهم، وذكروا أن من المحرمات الإسلامية بيع الخيارات أو المشتقات المالية، التي أدت لأزمة الرهن العقاري ومن ثم الأزمة المالية، وهذا صحيح في بعض جوانبه.   والبعض الآخر تحدث عن الأزمة بوصفها انتقاما من الله سبحانه وتعالى على إباحة الربا، كل هذه الآراء طرحت متناسين أن هذه ليست الأزمة المالية العالمية الأولى، وأنه في كل أزمة تظهر رزمة من الحلول السياسية والاقتصادية تصحح المسار وتعيد الوضع الاقتصادي لأفضل مما كان عليه سابقا. بينما نحن نسير من دون تخطيط تراكمي يساعدنا في وضع تصور صحيح للمصرفية الإسلامية، أو تخطيط تنظيري يتفق عليه مسبقا، فقد كانت المصرفية الإسلامية تطرح شركة المضاربة التي يتعاون فيها طرفان، مالك للجهد ومالك لرأس المال كحل للفائدة التقليدية، ولكن خرج علينا شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي وكان محقا، وقال إن مثل هذا النظام لا يصلح الآن لأن الذمم فسدت، مما يعطل مثل هذه الشركة، ومثل هذا الفساد له أمثلة وضحت في شركات توظيف الأموال التي ضحكت على البشر. كما أن البنوك المحلية التي انتهجت التورق رغم الجدل حوله لم تنجح في منافسة البنوك بخفض سعر الفائدة كما يحلو للمصرفية الإسلامية تسميته، بل ارتفع العائد نتيجة الطرق المستخدمة في التورق مما يضر بالمقترض.

لكل منا بعد عقائدي معين، ولكن تطوير الثروات يحتاج للاقتراض والتعامل مع البنوك، فبدلا من أن نتشفى بالناس فلننظر في أنفسنا ونطور مصرفيتنا الإسلامية ونأخذ الفتاوى التقدمية، مثل فتوى شيخ الأزهر ونبحث عن فريق عمل اقتصادي يضع تصورا للمصرفية الإسلامية يؤخذ فيه بالنصوص، ولكن يحتوي على كثير من الاجتهاد المتناسب مع روح العصر، حتى تتطور مصرفيتنا الإسلامية بدلا من أخذ ما قدمه العالم وتلبيسه لباسنا.

* كاتب اقتصادي   [email protected]