البنوك المركزية العالمية في حملة مشتركة لإنعاش الاقتصاد بخفض معدلات الفائدة

المركزي البريطاني يخفضها إلى 2% الأدنى منذ 57 عاما والأوروبي الأقل في تاريخه

رحب العديد من الخبراء بالخفض الجديد في معدلات الفائدة كدفعة جديدة للاقتصاد العالمي (أ.ب.إ)
TT

شنت البنوك المركزية حول العالم أمس حملة شجاعة لخفض معدلات الفائدة القائمة لإنعاش اقتصاداتها المحلية، ودعم الاقتصاد العالمي في محاولة لانتشاله من الانغماس الشديد في براثن الكساد. وخفض البنك المركزي البريطاني معدل فائدته الرئيسة بواقع 100 نقطة أساس، لتنخفض النسبة إلى 2 في المائة، منخفضة من 3 في المائة لمواجهة الكساد الذي يعيشه الاقتصاد المحلي، ليستقر المعدل القائم عند أقل مستوى منذ عام 1951، ومنذ إنشاء البنك عام 1694. وكما كان متوقعا من قبل المحللين، مدد بنك انجلترا العمل بسياسة الليونة النقدية، بعدما خفض معدل فائدته 1.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، و0.5 في أكتوبر (تشرين الاول)، وهو قرار اتخذ في اطار عمل منسق بين المصارف المركزية الستة الكبرى لمواجهة الانكماش.

وستنشر تفاصيل الاجتماع التي تعطي مزيدا من المؤشرات حول مضمون المناقشات داخل لجنة السياسة النقدية في 17 ديسمبر (كانون الأول).

وكان بنك اتش بي او اس، وهو واحد من أكبر خمسة مقرضي رهون عقارية في بريطانيا، قد أشار أمس الى أن أسعار المنازل هوت بنسبة 2.6 في المائة في نوفمبر مقارنة بالشهر الذي سبقه، تباعا بانخفاض نسبته 2.4 في المائة في أكتوبر (تشرين الاول). وكان غوردون براون، رئيس الوزراء البريطاني، قد أعلن تعقيبا على خطبة العرش التي القتها الملكة اليزابيث الثانية ملكة أنجلترا أول من أمس في مجلس اللوردات البريطاني، خطة إنقاذ لأصحاب الرهون العقارية تعطي فرصة لمن فقدوا وظائفهم وفقدوا القدرة المالية على دفع أقساط الرهون العقارية، للحفاظ على منازلهم لفترة تصل إلى 6 أشهر قبل أن تتخذ البنوك قرارات بإعادة الحيازة على منازلهم. وأفاد رئيس الوزراء أن أكبر خمسة مقرضين في البلاد وافقوا على الخطة المطروحة في جهود للحد من عمليات إعادة الحيازة المرتفعة خلال الأشهر القليلة الماضية. وخفض البنك المركزي الأوروبي أمس أيضا معدل فائدته الرئيسة 0.75 في المائة ليصل الى 2.50 في المائة منخفضا من 3.75، بحسب ما أعلنه متحدث باسم البنك، وهو اكبر تخفيض لمعدل الفائدة في تاريخ المصرف، حيث جاء الخفض الثالث خلال شهرين اكبر مما كان متوقعا. وفي الوقت نفسه أعلن المركزي السويدي أمس خفض أسعار الفائدة بمقدار 1.75 في المائة لتصل إلى 2 في المائة، مشيرا إلى «التدهور السريع غير المتوقع والواضح في النشاط الاقتصادي منذ أكتوبر».

وقال مجلس محافظي البنك، إن الخفض يستهدف «تخفيف التراجع في كل من الإنتاجية وفرص التوظيف». وذكر البنك المركزي «ريكسبنك»، إن الخفض سوف يسري اعتبارا من العاشر من الشهر الجاري. بينما أشار المجلس الى أن الرقم المستهدف للتضخم لا يزال عند 2 في المائة.

كان ريكسبنك قد خفض أسعار الفائدة مرتين خلال أكتوبر الماضي، وتم أحدهما بشكل مشترك مع بنك كندا المركزي وبنك انجلترا والبنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي والبنك الوطني السويسري (المركزي).

تجدر الإشارة إلى أن السويد عضو في الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تنضم لمنطقة اليورو. ومن جانبه خفض بنك إندونيسيا المركزي أمس أسعار الفائدة الرئيسة بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى 9.25 في المائة في خطوة غير متوقعة تستهدف دعم الاقتصاد في ظل الأزمة المالية العالمية، لتعد أول عملية خفض للفائدة منذ أن خفض بنك إندونيسيا أسعار الفائدة في ديسمبر من العام الماضي.

وأكد البنك في بيان إن «قرار خفض الفائدة اتخذ بعد تقييم التوقعات الاقتصادية والمالية على مستوى السوق المحلية والعالمية، معربا عن أمله في أن يساهم خفض الفائدة في الحفاظ على استقرار الاقتصاد المحلي في غمرة الاضطراب الاقتصادي العالمي.

وقال إن «تداعيات الأزمة الماليـــة على الاقتصاد العالمي بدأت تتجسد وأصبحت تؤثر على الاقتصاد الوطني».

وكان وزير المالية الإندونيسي سيري مولياني إندراوتي قد صرح قبل أيام قليلة بأن اقتصاد البلاد قد ينمو بما يتراوح بين 5 إلى 5.5 في المائة العام المقبل، لكنه حذر من أن السيناريو الأكثر سوءا هو أن ينمو بمعدل نسبته 4.5 في المائة.

ووفقا لهيئة الإحصاءات المركزية فإن اقتصاد البلاد خلال الربع الثالث من العام الجاري نما بمعدل سنوي نسبته 6.1 في المائة، مقابل 6.4 في المائة في الربع الثاني من العام.

وتراجع معدل التضخم السنوي في إندونيسيا بشكل طفيف في نوفمبر، ليصل إلى 11.68 في المائة، مقابل 11.77 في المائة في أكتوبر.

وواصل اليورو خسائره مقابل الدولار أمس بعد خفض جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي توقعات النمو لعام 2009.

وأفاد تريشيه بان البنك المركزي الاوروبي خفض توقعاته لنمو اقتصاد منطقة اليورو في 2009 الى ما بين انكماش قدره 1 في المائة، وعدم تحقيق نمو وذلك من نطاق 0.6 في المائة الى 1.8 في المائة في تقديرات سابقة صدرت سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكان تريشيه يتحدث في أعقاب خفض البنك المركزي أسعار الفائدة 75 نقطة أساس ليصل السعر الاساسي الى 2.5 في المائة.

وتراجع اليورو أمام العملة الاميركية مسجلا 1.2605 دولار مقارنة مع 1.2625 دولار قبل تصريحات تريشيه. والعملة الموحدة منخفضة 0.9 في المائة عن الاقفال السابق.

وأظهرت بيانات امس الخميس ان انخفاض الاستثمارات والتجارة أدى الى انكماش اقتصاد منطقة اليورو في الربع الثالث من العام، ليدفع المنطقة بذلك في براثن أول كساد من الناحية الفنية.

وأكد مكتب احصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) تقديراته السابقة بأن اقتصاد 15 دولة تستخدم اليورو تقلص بنسبة 0.2 بالمائة في الفترة بين يوليو وسبتمبر مقارنة بالربع السابق، وذلك بعد نزوله بنسبة 2ر0 بالمائة في الشهور الثلاثة السابقة.

كما عدل المكتب نزولا تقديره السابق للنمو السنوي في الربع الثالث الى 0.6 في المائة من 0.7 في المائة.

وتأتي البيانات في الوقت الذي يجتمع فيه البنك المركزي الأوروبي اليوم لبحث أسعار الفائدة وسط توقعات بخفض لا يقل عن 50 نقطة أساس في سعر إعادة التمويل الرئيسي ليصل الى 2.75 في المائة أو أقل للحيلولة دون كساد طويل الاجل مع تراجع التضخم سريعا.

ويريد المركزي الأوروبي استقرار التضخم عند مستوى يقل قليلا عن 2 بالمائة على المدى المتوسط. وقد انحرف التضخم عن مساره بسبب ارتفاع حاد في أسعار النفط والغذاء خلال 12 شهرا حتى يوليو الماضي، ولكن أسعار النفط انخفضت منذ ذلك الحين الى ثلث المستويات القياسية التي بلغتها في ذلك الشهر.

وأفاد يوروستات ان الاستثمارات أدت الى تراجع النمو الفصلي بواقع 0.1 نقطة مئوية، بينما كان اسهام التجارة سلبيا بنسبة 0.5 نقطة مئوية.

ويعـــد أداء منطقة اليورو أسوأ من أداء الولايات المتحدة واليابان اللتين انخفض الانتاج في كل منهما بنسبة 0.1 بالمائة في الربع الثالث.