هوندا تنسحب من بطولة الفئة الأولى بسبب الأزمة الاقتصادية

147 مليون جنيه استرليني نفقات الفريق

TT

استيقظ القيمون على بطولة العالم لسباقات سيارات الفئة الاولى امس الجمعة على مفاجأة غير سارة على الاطلاق متمثلة بإعلان شركة هوندا اليابانية انسحابها الفوري من رياضة الفئة الاولى بسبب الازمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم حاليا.

وجاء هذا الاعلان اليوم على لسان المدير التنفيذي في الشركة تاكيو فوكوي الذي عقد مؤتمرا صحافيا في العاصمة طوكيو قال فيه «على هوندا حماية تأمين نشاطاتها الاقتصادية على المدى البعيد خصوصا في ظل الشكوك التي تحيط بالوضع الاقتصادي العالمي الذي تتفاقم مشاكله».

واشار فوكوي، في التقرير الذي بثته وكالة الصحافة الفرنسية، ان الوضع الاقتصادي المتردي يحتاج بعض الوقت لكي يتعافى من الازمة التي تعصف به، مضيفا «نظرا للظروف، اتخذت هوندا تدابيرا للتعامل مع هذا الوضع الطارئ».

واعتبر فوكوي ان هوندا ارتأت ضرورة تقليل النفقات وبالتالي الانسحاب الفوري من بطولة العالم لسباقات الفئة الاولى، مشيرا الى ان الشركة اليابانية ستتشاور مع الفريق «هوندا ريسينغ اف 1» وفرع تطوير المحرك في ما يخص مستقبل الطرفين، مع احتمال عرض الفريق للبيع.

واكد فوكوي ان 2008 هو الموسم الاخير لهوندا في الفئة الاولى وبأن المصنع الياباني سيتوقف حتى عن تزويد الفرق بالمحركات ايضا، مضيفا «انه انسحاب كامل. المستقبل ورقة بيضاء بالنسبة الينا، اعتقد ان التاريخ سيثبت بأننا اتخذنا القرار الصحيح».

وكشف موقع «اوتوسبورت» المتخصص ان مدير الفريق روس براون والمدير التنفيذي نيكولاس فراي سيسافران الى طوكيو الاثنين المقبل للتباحث مع اداريي المصنع الياباني حول مستقبل الفريق، مشيرا الى ان بعض المصادر ذكرت بان الشركة الام ستواصل تمويل الفريق حتى مارس (اذار) المقبل اي لثلاثة اشهر ستكون كافية على الارجح للتمكن من ايجاد مستثمر جديد.

وذكر الموقع بان براون اعلم الطاقم التقني والفني بان هناك العديد من المهتمين بشراء الفريق وبانه يعمل منذ الان للوصول الى اتفاق مع فريقه السابق فيراري من اجل الحصول على محرك.

واعترف فوكوي بان اعلان الانسحاب من رياضة الفئة الاولى لم يكن سهلا على الاطلاق خصوصا ان المصنع الياباني انفق اموالا طائلة في هذه الرياضة وكان يتوقع العودة الى دائرة المنافسة بين الكبار بعد تعاقده مع براون.

ولحق فريق هوندا بشركة سوبر اغوري اليابانية التي كانت تتزود بمحركات المصنع الياباني الكبير، اذ اعلن الثاني انسحابه من هذه الرياضة الموسم الماضي بسبب المشاكل المالية التي يعاني منها.

وبانسحاب هوندا وسوبر اغوري من البطولة ستنحصر المشاركة في 2009 بتسعة فرق عوضا عن 11، الا في حال بيع الاول لأي مستثمر جديد.

ويعتبر فريق هوندا من الاكثر انفاقا في بطولة الفئة الاولى لكن دون اي يحقق النتائج المرجوة بقيادة سائقيه البريطاني جنسون باتون والبرازيلي روبنز باريكيللو الذي يبدو انه سيضع حدا لمسيرته خصوصا ان هوندا كانت ستبعده عن الفريق الموسم الماضي بسبب ادائه المتواضع.

وكانت صحيفة «فايناشيال تايمز» البريطانية قد ذكرت ان هوندا التي انهت الموسم الماضي في المركز السابع، انفقت 147 مليون جنيه استرليني في 2008، وهو رقم يتجاوز الحد الاقصى المتعارف عليه في عالم الفئة الاولى.

وجاء في التقرير نفسه ان مدخول هوندا في الموسم الماضي بلغ 149.3 مليون جنيه استرليني بارتفاع 23 في المائة مقارنة بمدخول العام الذي سبق، مع العلم ان سبعة ملايين منها فقط جاءت من الشركات الراعية.

وقد سخرت هوندا القدر الاكبر من نفقاتها في تطوير وانتاج 80 محركا من 8 اسطوانات، فضلا عن مبلغ 35.5 مليون جنيه بدلات وأجور قطاع اليد العاملة على اختلاف انواعها ومستوياتها، انطلاقا من عمال الصيانة وصولا الى اكبر المهندسين والاداريين.

وكان عام 2007 شهد اضافة هوندا لـ 102 عامل في مجالات التصميم والتصنيع والهندسة حتى وصل العدد الاجمالي الى 667، اي اكثر من اي فريق اخر ضمن بطولة العالم للفورمولا واحد يقع مقره في بريطانيا.

يذكر ان هوندا انضمت بشكل كامل الى بطولة العالم عام 2006 بعد ان كانت في شراكة مع بار منذ 1998. وهي لم تفز الا في سباق واحد خلال مشاركاتها وكان عام 2006 في المجر مع باتون، وفي ثلاثة سباقات منذ ان دخلت غمار هذه الرياضة لاول مرة عام 1964.

كما كان محركها لاعبا اساسيا في صراع العمالقة والعديد من الانتصارات التي حصدها العديد من السائقين مثل الثنائي سينا وبروست.

وهذه ليست المرة الاولى التي تنسحب فيها هوندا من هذه الرياضة اذ كانت اتخذت القرار ذاته عام 1968 من اجل ان تصب تركيزها على تطوير سيارات الانتاج الصغيرة او «المدمجة»، وهي كانت عادت الى الفئة الاولى كمزودة للمحركات من 1983 حتى 1992 قبل ان تنسحب مجددا بسبب التعديلات التي ادخلت بمنع استعمال الشاحن الهوائي «توربو».

وزود محرك هوندا فرق لوتوس وماكلارين وتيريل ووليامز بين 1983 و1992 وتوج بلقب الصانعين في ست مناسبات ولقب السائقين في خمس، ثلاث منها مع سينا وواحد مع البرازيلي نيلسون بيكيت وآخر مع بروست، وخاض المنصع الياباني 71 سباقا خلال تلك الفترة.

ولم يغب المصنع الياباني عن البطولة بعد هذه الفترة لانه منح رخصة تزويد الفرق بالمحركات لشركة «مورغن موتورسبورتس» التي اصدرتها باسمها وتعاملت مع فرق فوتوورك ولوتوس وليجييه وبروست وجوردان من 1993 حتى 1998 قبل ان يسجل المصنع الياباني عودته مع بار عام 2000.

وكان رئيس الاتحاد الدولي لرياضة السيارات «فيا» البريطاني ماكس موزلي حذر سابقا بأن سباقات سيارات الفئة الاولى ستعيش لسنة اضافية قبل ان يبدأ انهيارها، الا في حال بدأ العمل بتخفيض التكاليف.

وصارح موزلي ان مستقبل الفئة الاولى بخطر بسبب ارتفاع كلفة ادارة اي فريق، ضاربا المثل بفريق سوبر اغوري الذي اجبر على الانسحاب من بطولة العالم بعدما دخلها من دون ان يتمكن من تأمين الدعم المالي الكافي للاستمرار.

ويعتبر موزلي ان فريقين على الاقل سيواجهان المصير نفسه في وقت قريب، وهو قال في حديث مع هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» «اعتقد انه اذا خسرنا فريقين اضافيين سيكون وضع رياضتنا غير مستقر».

كما اصر موزلي على ان فورمولا واحد لا يمكنها ان تعيش على اموال الاثرياء، وخصوصا ان الخطر يهدد الجميع في ظل الوضع المالي المضطرب عالميا «حتى قبل حدوث هذه المستجدات السلبية في العالم الاقتصادي قلت ان وضع الفئة الاولى قد يهتز، واذا لم نجد حلا قبل 2010 سنكون في مشكلة حقيقية. يمكننا ان نعيش في 2009، لكن لست متأكدا اذا بإمكاننا الصمود بعدها».

واضاف «لا يمكنك ان تدير عملا مماثلا تكون فيه التكاليف اكبر باثنين او ثلاث مرات من العائدات».

ويجد موزلي ان الحل البسيط للتخلص من المشكلة وابقاء هذه الرياضة على قيد الحياة هو تخفيض التكاليف، «هناك اشياء عدة يمكننا عملها، اولها تخفيف تكلفة تصنيع السيارة، اذ ان المحرك وجهاز تبديل السرعات يكلفان حوالي 25 مليون جنيه استرليني (32 مليون دولار) في السنة».

وكان موزلي اول من عمل جاهدا للحد من التكلفة العالية لهذه الرياضة، وهو يريد ان يحمل الفئة الاولى «الى عصر جديد» نظيف من الناحية البيئية واقل تكلفة على الفرق.

ويرى موزلي ان الفئة الاولى يجب ان تتعامل مع الواقع، خصوصا في ما يتعلق بمسألة البيئة والانحباس الحراري التي يعاني منه الكوكب، وهو وضع «ورقة عمل» لعام 2011 تتمحور حول استعمال وقودا بديلا او ما يعرف بـ«بيوكاربورانتس» وحول تعديل بعض القوانين المتعلقة بتصنيع الهياكل من اجل تخفضة تكلفة الفرق من الناحيتين «العملية والتطويرية».

وكان اخر فصول محاولات موزلي التلميح بامكانية اللجوء الى نوع واحد من المحركات في المواسم المقبلة، اي على غرار سباقات «اي وان غران بري» التي تزود فيراري جميع فرقها بالمحركات، الا هذا الاقتراح يواجه اعتراضات بالجملة من معظم الفرق الكبيرة.