الاقتصاد الموسمي

TT

يعاني بعض شبابنا من البطالة فإذا استثنينا البطالة الاختيارية فإن من أسباب البطالة عوامل ذاتية أي من ذات الفرد غير المتحفز للعمل وهناك أسباب تعليمية وهي ما يعاني منها سوق العمل من عدم توافق مخرجات التعليم معه ومنها رسمي ويتعلق بصاحب العمل حيث يكون له شروط تعجيزية هدفها عدم تعيين الشباب.

وما يهمنا في هذا السياق هو البحث في الأسباب الذاتية لأن البحث في الأسباب الأخرى يحقق الرضا ولكنه لا يجلب الوظيفة بمعنى أن الشاب حينما يضع اللوم على رب العمل أو مخرجات التعليم فإنه يحقق رضا ذاتي ولكنه في واقع الأمر لا يحل مشكلته. ولكن حينما يتحرك بشكل ذاتي إبداعي مقتنص للفرص فإنه سيحقق فرصة كسب الرزق وربما يكون في يوم من الأيام من أحد تجار البلاد. ومن المعروف أن كل اقتصاد في العالم يمر بمواسم اقتصادية واقتصادنا السعودي والعربي ليس بخارج عن هذا السياق فهو يمر أيضا بتلك المواسم ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما نحن فيه الآن وهو موسم الحج الذي يخلق فرصا عديدة للشباب الجادين والراغبين في العمل سواء عبر الوظائف المؤقتة والمتعلقة بالحج مثل السائقين والمرشدين وغيرها من الوظائف أو بعمليات البيع والشراء الموسمية على الحجيج.

يضاف إلى ذلك موسم التمور مثلا والمحاصيل الزراعية الأخرى فأنا أعرف شبابا يعملون في هذه المواسم ويصدرون التمور والبطيخ للخليج عبر شراكة بسيطة كونوها في ما بينهم وهم يعملون موسميا فقط ومع ذلك يحققون إرادات عالية حتى أن البعض منهم أصبحوا تجارا. ما كنت أرمي إليه أن هناك دافعا ذاتيا يجب أن يحرك المرء ليخلق فرصة عمله بيده بدلا من الانتظار فكبارنا كانوا ينحتون الصخر في سبيل الحصول على عمل ومن لم يجد ذهب إلى بغداد أو دمشق أو القدس أو القاهرة لطلب الرزق حتى أن خليل الرواف وصل إلى نيويورك وهو لم يذهب للنزهة وإنما ذهب للعمل. ونحن كأفراد ومؤسسات لم نعترف بعد بالوظائف الجزئية أو الموسمية إن شئت فمثلا هناك وظائف لا تحتاج إلى كثير من التدريب مثل وظائف المحاسبين «الكاشير» وهم من يقومون بمحاسبة الزبون في بعض المحال التجارية مثل السوبر ماركت وغيرها فهذه لا تحتاج إلى تدريب ويمكن للشباب الجامعيين أو غيرهم أن يعملوا بالساعة في هذه الوظائف بعد الحصول على تدريب بسيط على مثل هذه الآلات قد توفره جهة حكومية مساء مثل معاهد التدريب المهني فيحصل الشاب على فرصة عمل أو يزيد دخله إذا كان جامعيا ويقضي وقته بالمفيد بدلا من أن يتجه إلى الجريمة لا سمح الله أيا كانت هذه الجريمة سواء أخلاقية، جنائية أو غيرها. ولكن لتطبيق مثل هذا المفهوم يجب أن تؤمن المؤسسات التجارية بمثل هذا العمل وأن يحدد أجر الساعة فمثلا يمكن تحديده بعشرة ريالات أقل أو أكثر وفق سوق العمل وأن يثبت الشباب جديتهم وقدرتهم على أداء مثل هذا النوع من الأعمال حتى تثق المؤسسات بهم وتوظفهم. ألم أقل لكم أن هناك اقتصادا موسميا يمكن الاستفادة منه فلماذا لا نفعل معشر الشباب؟؟!

* كاتب اقتصادي [email protected]