أوباما يعلن خططا لخلق المزيد من الوظائف والاستثمار في البنية التحتية

وسط حديث عن توصل البيت الأبيض والديمقراطيين إلى اتفاق لمساعدة صناعة السيارات

أصبح الاقتصاد الأميركي في حاجة الى إعادة بناء
TT

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما أمس السبت، أجزاء من خطته الخاصة بالانتعاش الاقتصادي، تهدف إلى إنقاذ أو خلق 2.5 مليون وظيفة، من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا. وفي خطابه الاذاعي الاسبوعي، علق أوباما على أنباء نشرت أول من أمس الجمعة، بأن مزيدا من الوظائف فقدت في نوفمبر (تشرين الثاني) أكثر من أي شهر آخر منذ عام 1974، وأكد أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على مواجهة الازمة الاقتصادية. وقال أوباما «ولكننا نحتاج إلى التحرك والتحرك الآن»، وأضاف «ولهذا طلبت من فريقي الاقتصادي، تطوير خطة انتعاش اقتصادي لكل من وول ستريت ومين ستريت، سوف تساعد على إنقاذ أو خلق ما لا يقل عن مليوني ونصف المليون وظيفة، في الوقت نفسه نقوم بإعادة بناء البنية التحتية وتطوير مدارسنا، وتقليل اعتمادنا على النفط وتوفير مليارات الدولارات». وأضاف أن إدارته ستعمل على خلق وظائف، من خلال القيام بمجهود واسع النطاق، لجعل المباني الحكومية تتمتع بطاقة أكثر كفاءة بأنظمة تدفئة جديدة، وأنوار إضاءة ومنح الولايات مبالغ لرفع كفاءة بنيتها التحتية، وتحديث المباني المدرسية وتدعيم انتشار الانترنت واسع النطاق، وتطوير التكنولوجيا في مكاتب الاطباء. ومن المقرر أن يتولى أوباما السلطة من الرئيس جورج بوش يوم 20 يناير(كانون الثاني) المقبل.

من جهة أخرى قال مساعد كبير في الكونغرس لرويترز أمس الجمعة، ان زعماء الحزب الديمقراطي الاميركي والبيت الابيض، توصلوا الى اتفاق لتقديم مليارات الدولارات كمساعدة لصناعة السيارات الاميركية المتعثرة. وأضاف المساعد شريطة عدم نشر اسمه ان هذه الحزمة التي يأمل الزعماء الديمقراطيون في أن تحظى بالموافقة هذا الاسبوع، ويتم ارسالها الى الرئيس جورج بوش تتراوح في مجملها بين 15 مليار دولار و17 مليار دولار. ويقل هذا المبلغ بكثير عن المبلغ الذي طلبته في الاسبوع الماضي شركات جنرال موتورز وفورد موتور وكرايسلر، وهو 34 مليار دولار، ولكن الزعماء الديمقراطيين يعتقدون ان هذا المبلغ، سيجعل هذه الشركات تواصل نشاطها الى ان يحل باراك اوباما محل بوش كرئيس، وسيتم بذل محاولة اخرى لوضع خطة انقاذ.

وقالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي في وقت متأخر من أمس الجمعة، إن الكونغرس يدرس صفقة لتمويل قصير الأمد لصناعة السيارات في أميركا، ومن المتوقع التصويت خلال الأسبوع المقبل، على ما يشبه خطة إنقاذ للشركات الثلاث الكبرى.

وسوف يقضي زعماء الكونغرس العطلة الأسبوعية في إعداد صفقة حول كيفية مساعدة صناعة السيارات الأميركية على النجاة من الركود الاقتصادي.

وقالت بيلوسي في بيان بعد اليوم الثاني من جلسات استماع عقدت مع المديرين التنفيذيين لشركات السيارات، والتي لم تصل إلى اتفاق واضح بشأن طلب هذه الصناعة مساعدات فيدرالية تقدر بـ34 مليار دولار، «إن الإعلان اليوم عن فقد كبير للوظائف والنتائج التي تم التوصل إليها من خلال جلسات استماع في الكونغرس خلال اليومين الأخيرين، تظهر بوضوح أنه يجب على الكونغرس وبناء على قاعدة مشتركة بين الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) العمل على توفير مساعدات محدودة على المدى القصير لصناعة السيارات في الوقت الذي تقوم فيه بعمل إعادة هيكلة على نطاق واسع».

وقد حث الرئيس الأميركي جورج بوش المشرعين على إعداد مشروع قانون بحلول الأسبوع المقبل وسط تحذيرات من أن شركة جنرال موتورز أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم قد لا تستمر في نشاطها إلى ما بعد هذا العام، إذا لم تتلق مساعدة من جانب الحكومة.

ولم يقدم زعماء الكونغرس أي تعهدات بخصوص هذا الأمر، مؤكدين على أنهم سيطرحون فقط مشروع قانون لخطة إنقاذ في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، إذا حصلت على أصوات كافية بالموافقة. وفي تصريحات للصحافيين، قال بارني فرانك رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب إنه «على الرغم من وجود قدر قليل جدا من التوقعات، يقول الأعضاء إنه ينبغي علينا القيام بشيء ما، وسوف نرى ما إذا كان بإمكاننا إعداد مشروع القانون، وإذا توصلنا إلى اتفاق فسوف نطرح المشروع للنقاش».

وقالت بيلوسي في وقت لاحق إنها تتوقع أن يطرح نوع من التشريع في مجلس النواب الأسبوع المقبل.

وقد حذر فرانك من حدوث كارثة اقتصادية، إذا أعلن أي من الشركات الثلاث الكبرى والتي مقرها ديترويت إفلاسها. وهناك خلاف بين إدارة بوش والجمهوريين من ناحية والديمقراطيين الذين يسيطرون على الأغلبية في الكونغرس من ناحية أخرى حول كيفية مساعدة شركات السيارات.

من جانبه دفع الرئيس بوش باتجاه الاستفادة من الصندوق الحالي الذي تبلغ قيمته 25 مليار دولار، والذي يهدف إلى إعادة هيكلة التحسينات في مجال الطاقة. ويرغب الديمقراطيون في اقتطاع 34 مليار دولار من حزمة خطة الإنقاذ المالية التي تبلغ 700 مليار دولار، والتي صدرت في اكتوبر(تشرين الأول) الماضي. وقالت بيلوسي إنها الآن غير متحفظة على إعادة الأموال المخصصة للتحسينات في مجال الطاقة، بحيث يمكن استخدامها في إنقاذ شركات صناعة السيارات، ولكنها أوضحت بأنها لن تسمح باستخدام الأموال، إلا إذا كان هناك ضمان بأن هذه الأموال سوف يتم استكمالها في غضون أسابيع، وذلك لعدم تعطيل هذه المبادرة الحاسمة. ولكن الكثير من المشرعين من الحزبين، ما زالوا يرفضون دعم صناعة فشلت ولفترة طويلة في التحديث ومسايرة الشركات الأجنبية المنافسة التي تتمتع بكفاءة أكبر في الطاقة، واقترح البعض وجود هيئة رقابية حكومية تقوم بلعب دور نشط في عملية إعادة هيكلة الشركات. وقال بوش «إني قلق بشأن قابلية شركات السيارات للحياة والنمو، وبالمثل إنني قلق بشأن توفير أموال دافعي الضرائب لهذه الصناعات، التي قد لا تبقى فى السوق».

وكان مديرون تنفيذيون من شركة جي.إم.وفورد موتور وكرايسلر.إل.إل سي، قد أكدوا أنهم يسيرون بشكل جيد في طريقهم إلى التعافي قبل أن ظهور اثار حالة الركود الحالية. وقد انخفضت مبيعات السيارات إلى أقل مستوياتها في 25 عاما خلال الشهرين الماضيين، في الوقت الذي يكافح فيه المستهلكون للحصول على قروض.

ويبدى المشرعون الأميركيون ترددا في تقديم الأموال التي تحتاجها صناعة السيارات المتداعية، على الرغم من الوعود التي قدمها المسؤولون التنفيذيون في شركات السيارات بإعادة تنظيم هذه الصناعة من أجل تطويرها، والتحذيرات من وقوع «كارثة» اقتصادية إذا ما أشهرت أي من الشركات الثلاث الكبرى في ديترويت إفلاسها. وهو ما يعد مؤشرا على مدى عمق المأزق، الذي وجد فيه صانعو السيارات أنفسهم. فعلى الرغم من الفقدان القياسي للوظائف وازدياد الركود الاقتصادي عمقا، فإن الحكومة والمشرعين غير مستعدين بعد للمجازفة بتقديم أموال دافعي الضرائب لشركات السيارات، التي يبدو محتما أنها ستواجه خطر الانهيار بغض النظر عن خطط إنقاذها.

وأدلى رؤساء شركات جنرال موتورز وفورد موتور وكريسلر بشهاداتهم أمام الكونغرس يومي الخميس والجمعة الماضيين، لطلب 34 مليار دولار في شكل مساعدات فيدرالية بزيادة عن مبلغ 25 مليار دولار، الذي طالبوا به قبل أسبوعين فقط، وفشلوا في الحصول عليه حتى الآن.

غير أنهم جاءوا هذه المرة وهم مسلحون بخطط انتعاش شاملة طالب بها قادة الكونغرس، ووعدوا بالإسراع بإنتاج مركبات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود وبخفض تكاليف العمالة.

ومن المحتمل أن تعلن كل من جنرال موتورز وكريسلر إفلاسهما ـ وربما يجرى إفلاس جنرال موتورز بحلول نهاية العام الحالي ـ إذا لم تحصل الشركتان على خطة الإنقاذ الفيدرالية. وذهب بعض المشرعين إلى أن الحماية من الإفلاس ربما يكون هو بالضبط ما تحتاجه جنرال موتورز للمضي في عملية إعادة الهيكلة الضرورية للعودة لتحقيق الأرباح.

وحذرت الشركات الثلاث الكبرى من أن ثلاثة ملايين وظيفة قد يجري فقدها، إذا ما انهارت إحداها، وهو الأمر الذي يمكن أن يعود بنتائج كارثية على اقتصاد دخل بالفعل في ركود طويل وبدأ يفقد الملايين من الوظائف. ولكن على الرغم من أن العديد من أعضاء الكونغرس، يبدون تعاطفا إزاء هذا التراجع الاقتصادي، فإن المديرين التنفيذيين لشركات إنتاج السيارات، تعرضوا للانتقاد لفشلهم في مسايرة المنافسين الأجانب والتأقلم مع سوق للسيارات أكثر حفاظا على البيئة وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.

وهو الأمر الذي يجد معه الكونغرس نفسه في ورطة: إذ كيف يمكن تجنب كارثة اقتصادية أوسع نطاقا من دون أن يكافئ سياسات عفى عليها الزمن وشركات فاشلة. وهو المأزق الذى أبقى على الكونغرس في حالة جمود منذ نوفمبر الماضي، والذي ربما ينسف أي حل على الإطلاق.

وقد عبر بارني فرانك الرئيس الديمقراطي للجنة الخدمات المالية في مجلس النواب عن هذا الأمر بقوله «إنه لأمر رائع لو تمكنا من أن نجمع فى صف واحد كل هؤلاء الذين ارتكبوا الأخطاء وعقبناهم بطريقة لا تنطوي على أي ضرر بالأبرياء»، وأردف قائلا «النقطة الأساسية هي ليست معاقبة أولئك الذين ارتكبوا أخطاء، وإنما الحيلولة دون وقوع مزيد من الضرر لهذا البلد»، محذرا من أن «كارثة» اقتصادية ستقع، إذا ما سمح لجنرال موتورز أو كريسلر بالانهيار.

ومع ذلك ربما كان هذا التردد بمثابة مؤشر على أن صناعة السيارات الأميركية ليست بهذا الأمر الحيوي لبقاء الاقتصاد الأميركي. وتساهم هذه الصناعة بحوالي أربعة في المائة من الإنتاج الاقتصادي للبلاد. ويقول فيليب سواجيل المتحدث باسم وزارة الخزانة، إن أي إفلاس سيكون له فى «الأساس وقع إقليمي» فى ما يطلق عليه ولايات حزام الصلب المحيط بميتشغان، على الرغم من اعترافه بأن هذا التأثير سيجرى الشعور به بدرجة أكثر محدودية على اتساع البلاد.

ويتفق معظم الساسة ورجال الاقتصاد على أنه يجب فعل شيء ما، للإبقاء على صناعة السيارات على قيد الحياة. غير أن جلسات الاستماع في الكونغرس، قادت إلى تدفق سيل من الاقتراحات والاقتراحات المضادة، حول الشكل الذي يجب أن تظهر به خطة الإنقاذ الفيدرالية. وتفضل إدارة الرئيس بوش أن يجرى إعادة هيكلة صندوق قائم بالفعل يبلغ رأسماله 25 مليار دولار، كان الكونغرس قد وافق على تأسيسه في العام الماضي، من أجل إنتاج سيارات صديقة للبيئة. غير أن شركات السيارات حذرت من أنه ربما لا يكون كافيا. في حين أن الديمقراطيين يدفعون بأن الأموال يجب أن تأتي من خطة الإنقاذ المالية البالغة سبعمائة مليار دولار، والتي جرت الموافقة عليها في أكتوبر.

وعلى صعيد متصل، قررت شركة تويوتا اليابانية لتصنيع السيارات، تخفيض انتاجها في الولايات المتحدة بزيادة عدد ايام العطل في جميع مصانعها في البلاد في ديسمبر (كانون الاول) ويناير (كانون الثاني)، حسب ما اعلن متحدث باسم الشركة لصحيفة «وول ستريت جورنال». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مايك غوس قوله للموقع الالكتروني للصحيفة، ان «الانتاج تأثر في جميع مصانعنا في اميركا الشمالية». واوضح ان «عدد السيارات في مرائب التخزين مرتفع جدا». وتأثرت تويوتا على غرار شركات السيارات الاخرى بانهيار السوق في اميركا الشمالية. وتراجعت مبيعاتها من السيارات الجديدة الشهر الماضي بحوالى 34% في الولايات المتحدة. وستزيد شركة تويوتا العطل سبعة ايام ليصبح العدد الاجمالي تسعة في مصنع جورج تاون (كانتوكي، جنوب شرق) وسبعة ايام اخرى في انديانا (وسط) وعشرة ايام في مصانع كندا.