انهيار قطاع السيارات يؤدي لنتائج كارثية على الاقتصاد الأميركي

فشل خطة إنقاذ القطاع يؤدي إلى تراجع في أسواق المال

أدت الازمة الاقتصادية الى اجبار بعض معارض السيارات على تقديم سيارة مجانية عند شراء كل سيارة جديدة كما حدث في هذا المعرض في بلجيكا (رويترز)
TT

فشل مجلس الشيوخ الأميركي أول من أمس الخميس في التوصل الى اتفاق حول خطة انقاذ قطاع السيارات التي تبلغ قيمتها 14 مليار نظرا لخلافات تتعلق بالأجور.

وبعد ساعات من المناقشات والضغوط على مجموعة من الجمهوريين الذي يرفضون انقاذ الشركات الثلاث الكبرى لصناعة السيارات (جنرال موتورز وكرايسلر وفورد) بأموال عامة، قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في المجلس هاري ريد «لم نتمكن من التوصل الى نتيجة».

وعبر ريد عن اسفه لهذا الفشل، مؤكدا «حاولنا وبذلنا جهودا شاقة جدا للتوصل الى نتيجة من اجل اصدار تشريع بشأن صناعة السيارات».

كما عبر السناتور ريد عن قلقه من تداعيات هذا الفشل على اسواق المال. وقال «اخشى ان انظر الى وول ستريت غدا. لا اعتقد ان ذلك سيكون مؤشرا جيدا. ملايين الأميركيين وليس فقط العاملين في شركات السيارات، بل حتى بائعو السيارات والتجار والذين يعملون في قطاع السيارات سيتأثرون ويتضررون مباشرة بذلك».

وقال زعيم الأقلية الجمهورية، ميتش ماكونيل، ان حلفاءه في المجلس رأوا ان خطة الانقاذ التي تبلغ قيمتها حوالى 14 مليار دولار وستقدم بقروض قصيرة الأمد، لن تنجح في انقاذ الشركات الكبرى لصناعة السيارات من الانهيار.

وأضاف «لا احد يريد ان يرى هذه الشركات تتراجع، لكن لا علاقة لنا بالوضع الذي اوجدته لنفسها»، موضحا ان «السؤال الآن: هل هناك طريقة للخروج من ذلك؟ الادارة تفاوضت بنية حسنة مع الاغلبية الديمقراطية حول اقتراح غير مقبول من جانب اغلبيتنا ونعتقد بصراحة ان هذه الخطة لن تجدي».

واوضحت وكالة الصحافة الفرنسية ان صيغة مجلس الشيوخ ـ الذي لم يشأ إقرار صيغة مجلس النواب لان عددا من اعضائه وجدوا انها لا تتضمن مطالب كافية لإصلاح شركات السيارات ومراقبتها ـ تستند الى التعديلات التي ادخلها السناتور الجمهوري، بوب كوركر، ويدعمها ماكونيل.

وهي تتضمن شروطا لتسديد الديون واجراءات صارمة لخفض الانفاق يفترض ان يشارك في تنفيذها الدائنون والنقابات.

وتطالب تعديلات كوركر خصوصا شركات إنتاج السيارات الأميركية بخفض كلفة اليد العاملة لتتحسن قدرتها التنافسية مع مجموعات مثل نيسان وتويوتا وهوندا المتمركزة في جنوب الولايات المتحدة.

وتعثرت المفاوضات حول هذه النقطة بشأن مهل التزام النقابات.

وقال ماكونيل «من الوهم تصور ان مجموعة تنفق 71 دولارا لساعة عمل واحدة تستطيع ان تنافس شركة في القطاع نفسه لا تنفق اكثر من 49 دولارا».

وأدى الخلاف حول تاريخ تطبيق هذا الخفض الى الخلاف بين الجانبين. وقال هاري ريد «هناك خلافات كبيرة بين المعسكرين».

من جهته، قال كوركر ان «ما يريد ان يراه زملاؤنا الجمهوريون هو موعد محدد يمكن ان تجري فيه الامور. ذكرنا أي موعد في 2009 ولم نتمكن من التوصل الى اتفاق حول موعد نهائي».

ومن ناحية اخرى ادى فشل المفاوضات، الى تراجع في اسواق المال الآسيوية والاوروبية الجمعة وسط قلق شديد حول النتائج الاقتصادية الكارثية التي يمكن ان تنجم عن انهيار احدى شركات السيارات. فقد تراجعت بورصة باريس بعيد افتتاحها 4.66 في المائة ولندن 2.97 في المائة وفرانكفورت 4.34 في المائة.

وأغلقت بورصة طوكيو كبرى البورصات الآسيوية على تراجع بلغ 5.65 في المائة بينما خسرت بورصات هونغ كونغ 5.48 في المائة وسيول 4.38 في المائة وشنغهاي 3.81 في المائة.

وتراجع الدولار ايضا في مبادلات طوكيو الى اقل من تسعين ينا للمرة الأولى منذ 13 عاما. وكان اعضاء مجلس الشيوخ قد تعرضوا لضغوط بعدما اعترفت «جنرال موتورز» الخميس انها وظفت مستشارين قانونيين ومصرفيين للاستعداد «لأي احتمال» بما في ذلك اعلان إفلاسها.

وكانت «جنرال موتورز» و«كرايزلر» حذرتا من قبل من امكانية افلاسهما نظرا لنقص السيولة، بدءا من نهاية السنة اذا لم تساعدهما الدولة.

وتبنى مجلس النواب الأميركي منذ الاربعاء الخطة التي تبلغ قيمتها 14 مليار دولار بدعم من البيت الأبيض والرئيس المنتخب باراك اوباما.

وسيؤدي انهيار واحدة من هذه الشركات الكبرى الى نتائج كارثية على اكبر اقتصاد في العالم إذ ان 2.2 مليون وظيفة تتعلق بصناعة السيارات، وكذلك لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة.

وفي مواجهة تردد مجلس الشيوخ ولكن قبل الاعلان عن فشل المشاورات، اغلقت بورصة نيويورك على تراجع واضح بلغت نسبته 2.24 في المائة وخسرت اسهم جنرال موتورز ومنافستها فورد اكثر من عشرة في المائة من قيمتها.

وفي مواجهة تفاقم الأزمة الاقتصادية، تضاعف الدول الصناعية خطط الانعاش.

وفي استوكهولم أعربت الحكومة السويدية امس الجمعة عن قلقها بشأن عدم اتفاق مجلس الشيوخ الأميركي على تمرير حزمة قروض لصناعة السيارات الأميركية المتعثرة التي تمتلك شركتي «فولفو» و«ساب» السويديتين للسيارات.

كما أثرت تلك الأنباء الواردة من واشنطن سلبا على بورصة استوكهولم التي تراجعت بحوالي 3.5 في المائة خلال التعاملات المبكرة.

وقال رئيس الوزراء السويدي، فريديرك راينفيلدت، لنشرة أخبار التلفزيون السويدي على هامش اجتماعات قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل إن هناك «مزيد من الغموض» بعد القرار الأميركي.

ويذكر أن شركة «فولفو» للسيارات مملوكة لشركة فورد الأميركية العملاقة للسيارات بينما تمتلك شركة جنرال موتورز الأميركية شركة «ساب» السويدية. وكانت الشركتان الأميركيتان العملاقتان في صناعة السيارات قد تكبدتا خسائر ضخمة وقالتا إنهما تدرسان بيع شركاتهما السويدية التابعة لهما.