«مؤسسة النقد» السعودي تستبق «الاحتياطي الفيدرالي» بتخفيض جملة «فوائد بنكية»

خبراء: خطوات «ساما» تستهدف خفض تكاليف السيولة وزيادة حركة النمو الاقتصادي

علي النعيمي وزير النفط السعودي يتحدث للصحافيين لدى وصوله الى فندق شيراتون في مدينة وهران الجزائرية للمشاركة في اجتماعات أوبك (أي بي ايه)
TT

فاجأت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) قطاعاتها المالية والنقدية بخفض 3 أسعار للفائدة البنكية دفعة واحدة في خطوة استباقية لما يتوقع أن يعلنه الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) في اجتماعاته المنعقدة حاليا. وخفضت «ساما» أسعار الفائدة بين البنوك السعودية أمس الثلاثاء بعد أن خفضت سعري العائد على اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء العكسي بواقع نصف نقطة مئوية قبل صدور قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة اليوم.

وخفضت المؤسسة سعر الفائدة ما بين البنوك السعودية لأجل 3 أشهر إلى 021.3 في المائة في أوائل التعاملات من 42.3 في المائة، في الوقت الذي خفضت فيه سعر عائد اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) إلى 5.2 في المائة من 3 في المائة وسعر العائد على اتفاقيات إعادة الشراء العكسي من 2 في المائة إلى 5.1 في المائة وذلك في أول خفض للأخير في 5 أشهر.

وترى المؤسسة أن هذه الإجراءات تأتي في سياق المساهمة في زيادة السيولة في القطاع المصرفي وتلبية الطلب المحلي على الائتمان وسط الأزمة المالية العالمية، مؤكدة أن هذه الخطوة اتخذت توافقا مع إجراءات السياسة النقدية التي تتخذها لضمان توفر السيولة الملائمة لاحتياجات النظام المصرفي لتلبية الطلب المحلي على الائتمان وبالنظر إلى التطورات المالية المحلية والعالمية. ويمثل خفض سعر العائد على اتفاقيات إعادة الشراء العكسي أول خفض في 5 أشهر، بينما جاء خفض فائدة سعر (الريبو) للمرة الرابعة منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما كان 5.5 في المائة، بينما أبقت «مؤسسة النقد» اشتراطات الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك دون تغيير.

وذكر محللون مصرفيون أن انحسار الضغوط التضخمية شجع المؤسسة على تفضيل تطبيق سياسة تنطوي على خفض كبير لأسعار الفائدة ضمن مساعيها لبذل قصارى جهدها لدعم القطاع الخاص في البلاد التي تعتبر أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، في وقت أثار الانخفاض الحاد في أسعار النفط على مدار الأشهر الأربعة الماضية إلى جانب خفض الانفتاح قلقا بشأن توقعات نمو الاقتصاد السعودي.

من ناحيته، ذكر لـ«الشرق الأوسط» صالح الثقفي وهو خبير مالي سعودي ومصرفي سابق أن «مؤسسة النقد» تحررت من ضغوطات التضخم وبدأت تتجاوب مع السيولة برفع وتيرة تفاعلها وزيادة جرعة تحركها بعد تراجع الأسعار لاسيما في أماكن حيوية مثل مشاريع التنمية التي تنفذها أطراف أخرى وتحتاج إلى سيولة كشركات المقاولات والتطوير العقاري وشركات الخدمات.

ولفت الثقفي إلى أنه في الظروف الحالية تدرك «ساما» أن مواجهة التضخم كأزمة تلف البلاد خلال الفترة القليلة الماضية دون التأثير في الاقتصاد المحلي، فكان لزاما أن يتجاوب مع التخفيضات الشاملة للفوائد، مشيرا إلى أن تحرك السعودية يتناسق مع الخطة الجماعية الأولية لقمة العشرين المتعلقة بتوحيد السياسات العالمية المالية لمواجهة مأزق الأزمة العالمية.

من ناحيته، أوضح أحمد الحديد خبير مصرفي أن إجراءات المؤسسة تهدف إلى خفض تكاليف السيولة بالدرجة الأولى وذلك بهدف زيادة حركة الاقتصاد المحلي وتشجيع عملية الاقتراض وكذلك تفعيل التنمية الاقتصادية على المديين المتوسط والقصير.

وبين الحديد خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الاقتصاد المحلي سيكون الرابح من هذه الإجراءات مع توقع تحرك الشركات للاستفادة من هذه الفرصة وكذلك تقوية مراكز البنوك للاستمرار في النمو، مشيرا إلى توقعه أن تنعكس هذه الإجراءات على سوق الأسهم المحلي لوجود الفارق الكبير بين الفائدة البنكية ومعدل الربح في تداول الأوراق المالية.