اجتماع دولي في لندن لبحث استقرار أسعار النفط وتأثير الأزمة الاقتصادية

مخاوف من تراجع الاستثمار في مجال الطاقة ومعالجة التغير المناخي

TT

يعقد اجتماع الطاقة في لندن اليوم وسط أجواء مختلفة، بشكل جذري، عن قمة الطاقة التي عقدت في جدة الصيف الماضي. فبينما كان سعر برميل النفط يتراوح بين 140 و145 دولارا للبرميل حينها، انخفضت اسعار النفط بنسبة تقارب 70 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية التي شهدت اضطرابات اقتصادية أثرت مباشرة على أسواق النفط. وبينما يتوقع ان تكون التقلبات في اسعار النفط والحاجة الى استقرارها على رأس جدول اعمال الاجتماع الذي بدأ اعماله مساء امس عقب حفل عشاء رسمي، سيكون امام المشاركين تحد للتركيز ايضاً على قضايا اوسع مثل التغير المناخي وعدم التراجع عن الاستثمار في تطوير استخدام الطاقة ووسائل الطاقة البديلة.

وامتنع الناطق باسم وزارة الطاقة والتغيير المناخي البريطانية عن التعليق حول النتائج الملموسة المرجوة من الاجتماع، قائلاً: «علينا انتظار ما تخرج به المحادثات» واضاف في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» ان الاجتماع «يبدأ بخطابات رئيسية تليها جلسات مغلقة للحديث عن تأثير الوضع الاقتصادي العالمي على السوق والاستماع الى شركات نفطية واخصائيين في هذا المجال». وتابع ان الهدف من الاجتماع «دراسة ما تم انجازه منذ اجتماع جدة والعمل على استقرار اسواق النفط ومواصلة التعاون الدولي». وكان اجتماع جدة قد دعا الى المزيد من الشفافية حول العرض والطلب لتوفير أرضية مستقرة للاستثمار في إمدادات الطاقة المستقبلية، وبذل جهود أكبر من قبل جميع البلدان لرفع كفاءة الطاقة، والتقليل من العوائق أمام الاستثمار في سلسلة إمدادات النفط، وكذلك تقديم المزيد من المساعدة للدول النامية الأكثر تأثرا بشكل سلبي بتقلبات وارتفاع الأسعار. وأوضحت وزارة الطاقة والتغيير البريطانية الأسباب وراء عقد الاجتماع في بيان صادر امس، جاء فيه: «يواجه العالم تحديين مرتبطين بالطاقة: التعامل مع التغيير المناخي عن طريق تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وفي نفس الوقت ضمان حصول كل شخص على طاقة آمنة وبأسعار معقولة». واضاف البيان ان «كلا التحديين مهمان لتحقيق التنمية والرخاء العالميين» ومن المتوقع ان يكونا من بين محاور المناقشة اليوم ضمن جهود استقرار اسواق النفط التي قالت الوزارة انها شهدت «فترات عصيبة» في الفترة الماضية.

ومن المتوقع اصدار بيان ختامي لرئيس الاجتماع ظهر امس يشدد على هذه النقاط، لكن من غير المتوقع ان تصدر الدول المشاركة بيانا ختاميا مشتركا. وتشارك اكثر من 30 دولة في الاجتماع الذي كان من المفترض ان يكون على مستوى رؤساء دول وحكومات بدعوة من رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، إلا انه تقرر خفض مستوى التمثيل بعد تساؤلات حول مشاركة رؤساء دول منتجة للنفط لديها علاقات متوترة مع المملكة المتحدة مثل ايران وفنزويلا. وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) قد تحفظت على مبدأ اجتماع لندن في نهاية اكتوبر (تشرين الاول) الماضي بسبب رفض لندن دعوة بعض رؤساء الدول، مثل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ونظيره الفنزويلي هوغو تشافيز. وقررت بريطانيا في نهاية المطاف إبقاء المؤتمر على مستوى وزاري. ويرأس وزير الطاقة والتغيير المناخي البريطاني ايد ميليباند المؤتمر الذي يبدأ بخطاب من الوزير البريطاني يليه خطاب من وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي. والجدير بالذكر ان المملكة السعودية تلعب دوراً مهماً في هذا الاجتماع الذي يأتي لمتابعة المناقشات التي دارت في قمة جدة في يونيو (حزيران) الماضي التي دعا اليها خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. وقال القائم بأعمال وكيل وزير الطاقة الاميركية جيفري كوبفر: «صورة وضع الطاقة حول العالم تغيرت بشكل كبير منذ الاجتماع الاخير، الأزمة المالية والتقلبات في اسعار النفط دليل على الاضطرابات التي يشهدها العالم»، مضيفاً: «على المنتجين والمستهلكين التقليل من نسبة عدم الاستقرار، ومن المفيد جداً ان يتبادل ممثلو المجموعة الحوار». وتابع كوبفر، الذي يمثل الولايات المتحدة في هذا الاجتماع، حديثه الى مجموعة من الصحافيين في لندن امس بالقول: «من الضروري ألا تؤدي هذه الظروف الى التراجع عن الاستثمارات الضرورية في مجال الطاقة، بما في ذلك الطاقة الاكثر كفاءة والمتجددة»، موضحاً: «على المدى البعيد، ستزداد الحاجة الى النفط وعلينا العمل على مستقبل مستدام». ولكنه افاد بان المستجدات على واقع الارض قد تعني ان نقاشات مهمة حول التغيير المناخي «لن تكون مركزية» في المشاورات، لكنه حذر من مخاطر عدم الانتباه الى تداعيات التغيير المناخي، قائلاً: «أهداف امن الطاقة ومكافحة التغيير المناخي ليست متضاربة بل تصب في مصلحة بعضها البعض».

يذكر ان اجتماع اليوم يأتي بعد قرار «أوبك» خفض مستوى الإنتاج للحد من تراجع اسعار النفط. وعبر كوبفر عن عدم رضا الولايات المتحدة لهذا القرار، قائلاً: «وجهة نظرنا دائماً هي انه من الأفضل ترك الاسواق تعمل بطريقة كفوءة من دون ان تتخذ مجموعة معينة قرارات حول سير السوق». واضاف: «نخشى ان يؤدي التدخل الى تأثير على النمو الاقتصادي مستقبلاً». وحاول كوبفر التقليل من شأن هبوط اسعار النفط اللافت قائلاً: «هذا السعر المتوسط خلال هذا العقد»، مشيراً الى ان ارتفاع اسعار النفط في السابق كانت غير اعتيادية أصلاً.

وانتهازاً لاجتماع لندن للطاقة اليوم، عقد ممثلو الدول الصناعية الثماني اجتماعا مع ممثلي كوريا والهند والصين، في محاولة للمضي قدماً بمشروع اقامة «الشراكة الدولية للتعاون على الكفاءة النفطية» التي عبرت الدول الصناعية عن الرغبة في اقامتها الصيف الماضي في اجتماع في اليابان في اجتماع الدول الـ 11، وأضيفت لهما دول اخرى في لندن أمس، بينها البرازيل. وقال كوبفر ان الهدف من الاجتماع هو «وضع الآليات لإنشاء هذه المجموعة التي تعمل على تطبيق مقترحات وكالة الطاقة الدولية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة». واضاف: «هناك اعتراف عام بأن الكفاءة هدف مهم، وأنظف وأرخص انواع الطاقة هي الطاقة التي نبذرها يومياً ويمكننا الاستفادة منها».