أكبر 3 شركات أميركية للسيارات ما تزال في ورطة

وسط تساؤلات حول قدرتها على الازدهار ثانية برغم توفير مبلغ لإنقاذها

برغم توفير مبلغ إنقاذ مالي لها الا ان صناعة السيارات الاميركية مازالت تواجه تحديات كبيرة
TT

مع توفير البيت الأبيض لمبلغ إنقاذ مالي لها، من المتوقع أن تتمكن كل من شركتي جنرال موتورز وكرايسلر من البقاء على مدار الشهور القليلة القادمة بينما تعملان على تنفيذ إجراءات إصلاحية بالداخل، لكن هل ستتمكنان من الازدهار ثانية؟ عند النظر إلى الخطط التي وضعتها الشركتان، نجد أنهما لا تحملان الكثير من الأفكار الجديدة، وإنما ركزت أكثر على حلول أكثر بطئاً تقوم على إقناع دائني جنرال موتورز لقبول الحصول على أسهم ودفع أجور العمال للتوافق بدرجة أكبر مع تلك التي يتلقاها العاملون لدى شركات أجنبية داخل الولايات المتحدة. بالتأكيد، تعد هذه الخطوات ضرورية على المدى القصير، لكن ليس بإمكان أية شركة الاستمرار في تقليص إمكانات تحقيق الازدهار، حتى الرئيس المنتخب، باراك أوباما، أكد يوم الجمعة أن شركات صناعة السيارات في ديترويت ينبغي ألا «تهدر الفرصة» لتغيير ممارساتها الإدارية. والمؤكد أن الأمر يستغرق سنوات واستثمارات هائلة لتطوير سيارات جديدة، وقد تركز اهتمام عدد كبير من صانعي السيارات في ديترويت على امتداد هذا العقد على تسريح العمال وإغلاق المصانع استجابة لتضاؤل حصتها في السوق. بيد أنه يتعين على هذه الشركات أيضاً طرح نماذج جديدة جذابة من السيارات، مثلما سبق أن فعلت في التسعينات، الأمر الذي ساعدها ـ علاوة على إتباع سياسة وطنية شجعت البنزين الرخيص الذي يستخدم كوقود في السيارات الكبيرة والمربحة ـ على كسب مليارات الدولارات. في أعقاب الارتفاع الذي شهدته أسعار البنزين هذا العام، واستمرار التقلبات في أسعار النفط، سيتمثل أحد أكبر طموحات شركات السيارات في إنتاج سيارات تتميز بالترشيد في استهلاك الوقود وأن تتمكن من بيع مئات الآلاف منها وتحقيق مكاسب من ورائها. من جهته، أشار بريان جونسون، المحلل لدى «باركليز كابيتال»، إلى أن التحديات التي تجابه شركات صناعة السيارات يمكن إيجازها في أربعة عناصر: المال وتقليص النفقات والسيارات والثقافة. وأضاف أن الشركات ستتناول العنصرين الأولين، وهما المال وتقليص النفقات، من خلال المساعدات الفيدرالية وخطط الإصلاح التي تقدمت بها الشركات مقابل الحصول على المساعدة. واستطرد جونسون موضحاً أنه: «لكن من الواضح تماماً أنهم بحاجة إلى إقرار ثقافة إدارية مختلفة قادرة على إقناع المستهلكين بدفع سعر مقارب لما يدفعونه مقابل الحصول على سيارة هوندا أو تويوتا، وشكل ذلك التحدي القائم منذ عقد». في واقع الأمر، لا تزال ديترويت تعتمد بشدة على النماذج غير الأساسية، مثل السيارات الصغيرة، والسيارات الرياضية المبنية على أسس السيارات العادية. على امتداد نوفمبر (تشرين الثاني)، على سبيل المثال، شكلت الشاحنات الخفيفة ما يصل إلى 58% من إجمالي مبيعات جنرال موتورز، ومثلت 63.5% من مبيعات شركة فورد، و72.2% بالنسبة لكرايسلر. وتشير الأرقام الصادرة عن Motorintelligence.com، وهي شركة تعنى بمتابعة إحصاءات صناعة السيارات، إلى أن مبيعات تويوتا من طراز كامري فقط خلال هذا العام أكثر من مبيعات كرايسلر من جميع طرزها. من ناحيتها، أعلنت شركات ديترويت أن الخليط الذي تتألف منه مبيعاتها سيتغير قريباً. وبالنسبة لجنرال موتورز، فقد علقت مستقبلها على طراز شيفروليه فولت، وهي سيارة كهربية من المقرر طرحها في الأسواق في غضون عامين من الآن، إضافة إلى سيارة شيفروليه صغيرة أخرى، تحمل اسم كروز، تستهدف ذات الفئة من المستهلكين التي أقبلت على شراء تويوتا كرولا على مدار الأربعين عاما السابقة. ورغم استمرار عملها فيما يتعلق بفولت، جمدت الشركة العمل بالنسبة لكروز، وأرجأت بناء مصنع جديد لإنتاج المحركات اللازمة لكلا الطرازين في فلنت بولاية ميتشجان في انتظار النتيجة التي سيتمخض عنها مشروع قانون الإنقاذ المالي. أما فورد، التي لم تسع للحصول على مساعدة فيدرالية لتمتعها باحتياطيات نقدية أقوى، تعكف على تعديل نموذجين أوروبيين، فوكس وفيستا، من أجل السوق الأميركية. كما أنها على وشك طرح نسخة هجين كهربية من طراز فيوجن، السيارة سيدان العائلية. أما كرايسلر، فقد أوقفت العمل في الطراز الوحيد الهجين لديها في وقت سابق من هذا الخريف. وتعتمد على نيسان اليابانية في تطوير سياراتها الصغيرة. وفي لقاء مع الصحافيين، كشفت كرايسلر عن نماذج مستقبلية تضمنت المزيد من الطرز الجديدة من السيارة جيب، بينها واحدة تعمل بالطاقة الكهربية، وشاحنات خفيفة، طبقاً لما ورد عن Jalopnik.com، وهو موقع على شبكة الانترنت يتتبع أخبار صناعة السيارات. من جهته، أشار راي ويرت، رئيس تحرير الموقع، إلى أن: «لدى كل من جنرال موتورز وفورد خطط خادعة، بينما عانت كرايسلر من مشكلات جمة خلال العقد السابق، وتبدو غير مستعدة للعقد الجديد». ويعد اعتماد كرايسلر على الشاحنات الخفيفة سمة متخلفة عن السنوات التي تمتع خلالها الأميركيون ببنزين رخيص السعر. وقد عاودت هذه السمة الظهور بسبب ضعف الأوضاع الاقتصادية العالمية. إلا أن الخليط الذي تتألف منه السيارات سيصبح قضية أكثر حيوية مع اقتراب الصناعة من عام 2020، العام الذي سيتعين خلاله أن يتمكن أسطول السيارات التابع للشركة من تحقيق هدف قطع 35 ميلاً بالنسبة للغالون. وحتى الآن، لم تتمكن الشركات الأوروبية واليابانية المنتجة للسيارات، في معظمها، بعد من تحقيق هذا المستوى على الصعيد الداخلي. كما تقوم جنرال موتورز وفورد بصنع سيارات في الخارج تتميز بالترشيد في استهلاك الوقود وتحظى بشهرة كبيرة، لكنها أغلى مما اعتاد المستهلكون الأميركيون دفعه مقابل السيارات الصغيرة.

وتأتي أسعار البنزين المنخفضة بمثابة أنباء سارة لديترويت على المدى القصير، حيث قد يشجع ذلك المستهلكين مجدداً على شراء الأنماط غير الأساسية من السيارات والشاحنات الصغيرة، الأمر الذي سيدفع شركات ديترويت بالمال الذي تحتاجه بشدة. إلا أنه ليس بإمكان جنرال موتورز وكرايسلر الاستمرار في الاعتماد بشدة على هذه السيارات في المستقبل ـ خاصة المستقبل في صورته القائمة، على ما يبدو، في ذهن أوباما بالنسبة لها في الوقت الذي يبقي عينيه على مدى التقدم الذي تحرزه نحو التحول إلى شركات تجارية قادرة على البقاء. وقد يعني ذلك دفع السوق في اتجاه قد لا يحبذه جميع مشتري السيارات. وفي هذا الصدد، يوضح رون بينيلي، رئيس Motorintelligence.com، أن: «بالنسبة للمستهلك الأميركي، يدور الدافع المرتبط بالوقود الاقتصادي حول سعر الجازولين. وعندما تنخفض أسعار الجازولين، لا يصبح لدى هؤلاء المستهلكين الرغبة في إنفاق المال للحصول على سيارة تتميز بترشيد الاستهلاك للوقود».

* خدمة «نيويورك تايمز»