وزير النقل السعودي لـ«الشرق الأوسط»: الميزانية الجديدة تتضمن إنجاز 30 ألف كيلومتر من الطرق

لم يخف الصريصري الحاجة إلى التوسع في الطرق.. وراهن على المشاريع الجديدة

توجهت وزارة النقل السعودية إلى صيانة طرق رئيسية داخل المدن، ولم تُغفل الطرق السريعة الرابطة بين أطراف البلاد («الشرق الأوسط»)
TT

كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور جبارة الصريصري، وزير النقل السعودي، عن استمرار العمل لإنجاز أكثر من 30 ألف كيلومتر من الطرق في مناطق ومحافظات المملكة، وفقا لما تمخضت عنها موازنة وزارة النقل للعام المقبل 2009، التي بلغت 19.2 مليار ريال. ولم يُخف وزير النقل السعودي في تصريحات خاصة بـ«الشرق الأوسط» حاجة الطرق القائمة في بلاده، لصيانة دورية، ومد أخرى جديدة، ورفع كفاءة طرق أخرى، وتحويل طرق غير مُزدوجة إلى مُزدوجة، خاصةً تلك السريعة التي تلقى إقبالاً كثيفاً من المسافرين. وقال الصريصري «المملكة تحظى بمساحات شاسعة، وتُعتبر شبه قارة، وما أنجز خلال السنوات الماضية، وما سوف يُنجز من موازنة عام 2009، سيجعل البلاد من أجمل دول العالم وأكفئها من حيث الطرق المُعبدة والسريعة».

وأضاف الوزير السعودي الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف عقب صدور الموازنة السعودية أمس، أن جميع ما تم تخصيصه من مشاريع، تمخضت عنه موازنة العام المالي الماضي، تم إنجازها، في حين تمت ترسية وتوقيع عقود مشاريع أخرى، تصب في صالح صيانة طرق، والبدء بمد أخرى. وخصصت السعودية في موازنتها لعام 2009، أكثر من 19 مليار ريال، في الوقت الذي تضمنت اعتماد مشاريع جديدة، وزيادات لمشاريع معتمدة للطرق والموانئ والخطوط الحديدية والمطارات والخدمات البريدية. وبدا واضحاً التغير الملموس الذي طرأ على الطرق السريعة في البلاد، خصوصاً تلك التي تشهد إقبالاًً مُنقطع النظير من قبل المسافرين، بينها الطرق التي تربط السعودية بعدد من الدول المجاورة. وتدخل في عباءة وزارة النقل جميع شركات النقل العاملة في البلاد، وتُتابع خدمات تلك الشركات التي تقدمها في موسم حج كل عام،  إضافةً إلى رصد ومتابعة دخول الحافلات الأجنبية من بعض المنافذ الحدودية، ومتابعة أنشطة النقل المرخصة من قبلها، في حين يتمخض عن حج كل عام، دراسات ميدانية عن خدمات نقل حجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدسة. وفرغت وزارة النقل أخيراً من إنهاء مد ما بلغت أطواله من الطرق السريعة والفرعية والزراعية في مختلف مناطق ومحافظات البلاد 8500 كيلومتر، فيما بلغت التكاليف الكلية لتنفيذ تلك المشاريع أكثر من 7 مليارات ريال. ونفذت وزارة النقل السعودية ما يقرب من 295 مشروعا في عدد من مناطق البلاد ومحافظاتها، تركزت على صيانة وإصلاح الطرق، وإصلاح معدات الطرق الترابية وتأمين مُعدات جديدة لاستخدامها في إصلاح الطرق وإعادة صيانتها.

وتضع وزارة النقل مشاريع الطرق في الأراضي المقدسة ضمن أبرز الأولويات في أجندتها، كان آخرها مشروع ازدواج وتحسين طريق مكة المكرمة ـ جدة القديم، الذي تقوم الوزارة بتنفيذ مرحلته الأولى، والبالغ طوله 40 كيلومترا، وفاقت تكلفة إنشائه 60 مليون ريال. وتقوم وزارة النقل بمد الطرق السريعة في البلاد وصيانتها، إضافةً إلى قيامها بمتابعة سير السكة الحديد في البلاد، وتبني إنشاء مشاريع نقل عبر القطارات في البلاد، من المتوقع أن ترى النور خلال الأعوام القليلة القادمة. وأعلنت الحكومة السعودية عن مشاريع طموحة في مجال سكك الحديد، تهدف من خلالها لتطوير قطاع النقل الحديدي على أراضيها، وتحديث وتوسعة شبكة الخطوط الحديدية الحالية.

وتماشياً مع القرار السامي القاضي بخصخصة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية وإشراك القطاع الخاص في عملية إنشاء وتشغيل وإدارة مشاريع القطاع، قررت الحكومة السعودية إنشاء هيئة تنظيمية وإشرافية على الخطوط الحديدية السعودية، وكلفت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية العمل كجهة تنفيذية. واستقطبت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، عددا من العروض، التي عملت على إنتاجها بيوت الخبرة والاستشارات القانونية، وتكليف أحد المستشارين القانونيين العالميين في هذا المجال، بوضع الهيكل الإداري والتنظيمي للهيئة، ووضع أسس التنظيم الاقتصادي لها، بالإضافة إلى وضع قوانين التنافس، وسَن قوانين الأمن والسلامة، ووضع القوانين التنظيمية، التي تحكم جميع جوانب النقل عبر السكك الحديدية، وضمان مطابقتها للنظام القانوني السعودي، ومساعدة الهيئة على العمل بشكل فعال لعدة سنوات بعد التأسيس، وهي الهيئة التي من المتوقع أن ترى النور مُنتصف العام المقبل. وأجرت وزارة النقل الدراسات لتوسعة الشبكة السكة الحديد في البلاد، عقب أن صدرت موافقة المجلس الاقتصادي الأعلى في المملكة على تنفيذها، حيث تمت دعوة المستشارين الماليين والفنيين والقانونيين لإعداد وثائق المشروع وطرحه في منافسة دولية للاستثمار فيه من قبل القطاع الخاص.

وسيُشيد مشروع السكة الحديد الأول من الشرق إلى الغرب، ويمتد من ميناء جدة الإسلامي على البحر الأحمر وحتى ميناء الملك عبد العزيز بالدمام وميناء الملك فهد بالجبيل بالمنطقة الشرقية على الخليج العربي، ويبلغ طول الخط 950 كلم. ويشكل الخط القائم حالياً جزءاً من هذا الخط. وستكون المنقولات الرئيسية لهذا الخط هي الحاويات  القادمة للأسواق المحلية، إضافة إلى شبه حاويات تصل إلى بعض دول الخليج العربي.

ويأتي المشروع الثاني من الشمال إلى الجنوب، ويربط الرياض بمنطقة حزم الجلاميد شمال المملكة بطول 1408 كيلومترات. كما سيتم ربط الجبيل بالدمام بخط يبلغ طوله 115 كيلومترا، وكذلك ربط جدة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، مع وصلة لربط ينبع وبطول يبلغ 570 كيلومتراً، وهو الخط الذي سيساهم نقل ضيوف الرحمن في مواسم الحج والعمرة والزيارة. ويعد مشروع الشمال ـ الجنوب من أكبر المشاريع في منطقة الشرق الأوسط، إذ تكلفة إنشائه ما يُقارب ملياري ريال. ويتحمل تمويل المشروع صندوق الاستثمارات العامة التابع لوزارة المالية. ومن المنتظر أن يبدأ العمل على إنجازه عام 2010. وعمل صندوق الاستثمارات العامة على التسويق لمشروع خط الشمال ـ الجنوب، الذي يربط مواقع التعدين في الشمال بميناء رأس الزور على ضفاف الخليج العربي، وكذلك ربط مناطق التعدين في العاصمة الرياض، عبر منطقة القصيم. وتتوقع دراسات سعودية أولية أعدت حول المشاريع التوسعية التي تنفذها المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، أن يبلغ عدد المسافرين عند اكتمال اثنين من هذه المشاريع عام 2012 ما يقارب 10 ملايين راكب. واعتمدت المؤسسة على دراسات جدوى أشارت إلى أن الجسر البري الذي يربط شرق البلاد بغربها يتوقع له أن ينقل 2.5 مليون راكب عند اكتمال المشروع، في حين سيكون عدد الركاب على قطار مكة المدينة جدة 7 ملايين راكب جلهم من زوار المشاعر المقدسة في فترات الحج ومواسم العمرة. كما تشير التوقعات إلى نمو في عدد زوار المشاعر المقدسة خلال العشرين عاما المقبلة، ليصل إلى 20 مليون زائر. وأعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية عن مشروع ضخم لنقل الحجاج داخل المشاعر المقدسة عبر قطارات سريعة، بتكلفة تصل إلى 20 مليار ريال، في حين سيتم ترسية المشروع، العام المقبل 2009. وكانت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بالإضافة إلى صندوق الاستثمارات العامة، وشركة معادن، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، قد أعلنت في أوقات سابقة، عن مشاريع توسُعية ضخمة للخطوط الحديدية القائمة، كمشروع إستراتيجي من الدرجة الأولى. وكلفت السعودية خلال الأعوام القليلة الماضية، شركاتٍ وبيوتَ خبرة عالمية متخصصة، لإجراء دراسات حول حزمة مشاريع، تنوي الحكومة السعودية تبنيها؛ أبرزها الدراسة التفصيلية التي قام بها البنك الدولي عن الجدوى المالية لتوسعة شبكة الخطوط الحديدية شمال السعودية، والمتضمنة ربط مناجم المعادن في شمال البلاد بوسطها، وربط شرق البلاد بميناء جدة الإسلامي. وقدم البنك الدولي حينها، نتائج دراسته المؤيدة لمثل هذه المشروعات، والتي تم اعتمادها من الجهات العليا المختصة.