«الضمان الاجتماعي».. الرقم الأنشط بمعادلة مكافحة الفقر في السعودية

ميزانية 2009 حملت توجهات لاختصار الإطار الزمني للقضاء عليه

TT

بات «الضمان الاجتماعي»، والذي تقدمه الحكومة السعودية للمواطنين الأقل دخلا، أنشط الأرقام التي احتوتها معادلة مكافحة الفقر في البلاد، على الرغم من تضمن الاستراتيجية الخاصة لهذا الأمر مجموعة من الآليات التي ترمي لتحسين المستوى المعيشي للمواطن.

لكن آليات معالجة الفقر الأخرى، والتي اعتمدتها الحكومة السعودية في إطار ما بات يعرف بـ«الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر»، وبالرغم من نجاعتها، إلا أنها تقف ضمن الحلول البعيدة المدى لتحسين مستوى معيشة الفرد، خلافا لـ«الضمان»، والذي يعتبر أحد أهم الحلول السريعة في هذا الإطار.

وحملت ميزانية 2009، والتي صدرت في السعودية أمس، توجيهات لتكثيف العمل على اختصار الإطار الزمني للقضاء على الفقر، والاستمرار في رصده بناء على توجيهات القيادة العليا.

وبلغ مجموع ما خصص لقطاعات التنمية الاجتماعية والخدمات الصحية في الموازنة العامة 52 مليارا و300 مليون ريال، تشمل دعم وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية، إضافة للاعتمادات اللازمة لدعم برامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني، وزيادة المخصصات السنوية بالميزانية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة. وتشكل أموال الضمان الاجتماعي في مجملها، قوة مهمة في حركة الدورة الاقتصادية الشهرية، وذلك بعد اعتماد صرفها بشكل شهري، وهو ما ساعد الفئات الفقيرة للاستفادة من تلك الأموال استفادة قصوى في نهاية كل شهر. وتقترب الأموال التي يقوم الضمان الاجتماعي بصرفها، عبر 90 مكتبا منتشرة في كافة المناطق السعودية، من حاجز المليار ريال شهريا. وتأتي معظم المبالغ التي تصرفها وكالة الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية للمستفيدين، من أموال الزكاة ومصارفها. وتحاول وكالة الضمان عبر عشرات الباحثين الاجتماعيين، أن تدقق في أحوال الراغبين من الاستفادة من تلك الأموال لمراعاة أن يكون من يتلقى معاشات الضمان ومساعداته من مستحقي الزكاة بحسب الفئات التي حددتها الشريعة الإسلامية.

وبلغت موازنة معاشات ومساعدات الضمان الاجتماعي في ميزانية العام الماضي 8 مليارات و360 مليون ريال.

ويتم إضافة الأسر السعودية المحتاجة بشكل دوري إلى قائمة المستفيدين من أموال الضمان الاجتماعي. ويعارض المسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية دوما إعطاء رقم محدد عن أعداد المستفيدين من أموال الضمان، لاعتبار أن القوائم والأرقام تتغير شهرا عن شهر.

وبرزت خلال العام الماضي، حادثة اكتشاف تسرب 300 مليون ريال من أموال الضمان الاجتماعي، لأشخاص لم يعودوا مستحقين لتلك الأموال. وساعد في هذا الاكتشاف عمليات البحث الآلي التي جاءت كنتيجة لربط وكالة الضمان الاجتماعي بمركز المعلومات الوطني بوزارة الداخلية. وارتفعت أعداد مكاتب الضمان الاجتماعي النسوية خلال ميزانية العام الماضي، إلى 3 مكاتب، إذ ساعد نجاح التجربة في الرياض صانع القرار لإدراج مخصصات لافتتاح مكتب نسوي في منطقة جازان، في الوقت الذي تم تشغيل مكتب نسوي مماثل في منطقة مكة المكرمة.

وتعترف وزارة الشؤون الاجتماعية، بعجزها عبر أعداد الباحثين الاجتماعيين، من تغطية كافة الأشخاص المستحقين لأموال الضمان الاجتماعي، حيث تم استحداث 107 وظائف (باحث اجتماعي) تم توزيعهم على مكاتب الضمان المنتشرة.

وطبقا لمقربين من عمل وكالة وزارة الشؤون الاجتماعية للضمان الاجتماعي، فإن صورة نمطية لا تزال مطبوعة في الخارطة الذهنية لكثير من المواطنين، يعتقدون من خلالها أن أموال الضمان «هبة تمنح لكل مواطن». وتسجل وكالة الضمان يوميا مشاهدات لأشخاص قد يقومون باختلاق الأعذار من أجل الحصول على هذا المبلغ المقطوع.

ومقابل ذلك، فقد أفصح مسؤولو «الشؤون الاجتماعية»، عن وجود أشخاص تعففوا عن تسلم أموال من الضمان بمجرد معرفتهم بأن تلك المخصصات مقتطعة من أموال الزكوات.

ويتصدى محمد العقلا المسؤول الأول في وكالة الضمان الاجتماعي بشكل شبه سنوي، للإشاعات التي تتحدث عن عزم وكالته تقديم إعانات مقطوعة للعاطلين عن العمل، وهي الإشاعة التي تحدث ربكة واستنفارا في كافة مكاتب الضمان فور خروجها على السطح.

وتخطو وزارة الشؤون الاجتماعية، خطوة مهمة، طالما نادى بها المهتمون بالشأن الاجتماعي، حيث ستقوم بتسيير قافلتين اجتماعيتين في المناطق الأكثر فقرا، بحثا عن المتعففين المستحقين لأموال الضمان.