ميزانية العام الجديد تضع «إستراتيجية» لـ«الوضع النقدي والمصرفي»

أكدت على تدعيم القدرات المالية البنكية ونمو عرض النقود والودائع ومطلوبات البنوك

TT

تسعى السعودية، من خلال استقراء ميزانية عام 2009 إلى تعزيز وضعها النقدي والمصرفي لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، عبر إستراتيجية يمكن أن تعزز من موقفها المالي والمصرفي لمواجهة الظروف والتطورات التي يواجهها الاقتصاد المحلي والعالمي. وجاء في بيان وزارة المالية السعودية في الفقرة الرابعة بما يتعلق بالتطورات النقدية والقطاع المصرفي أن عرض النقود سجل بتعريفه الشامل خلال الأشهر العشرة الأولى من العام المالي 2008 نمواً نسبته 14 في المائة. وذكر البيان أنه في ضوء تطورات الاقتصاد المحلي والعالمي تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان توفر السيولة الكافية في النظام المصرفي لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، حيث ارتفعت الودائع المصرفية خلال الفترة نفسها بنسبة 14.1 في المائة. وارتفع إجمالي مطلوبات البنوك من القطاعين العام والخاص خلال الفترة نفسها بنسبة 30 في المائة. وواصلت البنوك دعم قدراتها المالية، إذ ارتفعت رؤوس أموالها واحتياطاتها خلال الفترة نفسها بنسبة 15.4 في المائة لتصل إلى 157 مليار ريال (41.8 مليار دولار). وتبيّن الإجراءات الأخيرة للسعودية أنها سعت إلى ضمان وجود السيولة بشكل لا يدفع إلى المزيد من التضخم، واستبقت «مؤسسة النقد» التي تعرف اختصاراً بـ«ساما» في خطوة احترازية أي تأثير لأزمة الأسواق العالمية المستشرية، بضخ مليارات الدولارات والريالات في البنوك المحلية لضمان انسيابية السيولة وتوفرها لعمليات الإقراض. واتجهت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) إلى ضخ ما بين 2 و3 مليارات دولار في النظام المصرفي في شكل ودائع لتخفيف ضغوط السيولة في عملية وصفت بأنها أول ضخ مباشر للدولار الأميركي منذ نحو 10 سنوات، إضافة إلى إتاحة سيولة بالريال أيضا. وجاء ضخ «ساما» للمبالغ المالية بالعملة الأميركية من خلال إيداع ما بين 200 مليون دولار و350 مليون دولار في كل بنك سعودي لتكون بذلك سارت مع حكومات دول في المنطقة وخارجها اتجهت إلى دعم أسواق المصرفية بالسيولة. ويُتوقع ان تعزز السعودية، من خلال استخدام احتياطاتها الأجنبية مع توقعات ركود الاقتصاد العالمي، جراء الأزمة المالية العالمية، بعدد من المجالات. في الوقت ذاته يعتبر المستوى الحالي للاحتياطي ممتازاً، إلا أن الانخفاض في أسعار النفط قد يؤثر على ذلك الاحتياطي بالانخفاض ولكن بنسبة بسيطة.

إلى ذلك، يمر الوضع المالي السعودي بأفضل أوقاته خلال العقود الأخيرة، وذلك من خلال الإجراءات التي عمدت إليها الحكومة أخيراً، عبر ضخ سيولة للبنوك المحلية، وضمان الودائع، والإعلان عن أن استثمارات الحكومة لم تتأثر بالأزمة المالية، كونها تدر بشكل متحفظ. ووفقاً لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) الأخيرة، أن النمو السنوي لعرض النقد السعودي تباطأ إلى 3.19 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي من 21.8 في المائة في أغسطس (آب) المنصرم. وأفادت بيانات مؤسسة النقد في موقعها على الانترنت بأن عرض النقد (ن3) الذي يقيس حجم الأموال المتداولة في الاقتصاد ارتفع إلى 888.4 مليار ريال (236.9 مليار دولار) مقارنة مع 744.1 مليار ريال قبل عام.

وكان حمد السياري، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، قد نفى في أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم وجود بنوك محلية تعاني من مشاكل سيولة أو ضعفا في الملاءة المالية أو حتى قريبة من ذلك، في خطوة للتأكيد على قوة الوضع المالي للبنوك المحلية، ولكنه قال «لا يوجد أي مصرف محلي يواجه مشاكل مالية أو يعاني من شح سيولة بل أن الملاءة المالية متوفرة لديها»، موضحا أن الودائع من الخارج زادت لتصبح أكثر من موجودات البنوك المحلية. وشدد محافظ «ساما» على الملاءة المالية للمصارف المحلية بأن نسبة الإقراض ارتفعت إلى 37 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقابل 11 في المائة لذات الفترة من العام الماضي. وأضاف السياري أن المؤشرات الاقتصادية العامة تثبت توفر السيولة في البنوك بعد أن أتضح أن مؤشر نشاط الاستثمار يتصاعد، وكذلك مؤشر الإنفاق والنشاط الحكومي الذي ارتفع 19 في المائة، مشيرا إلى أن مؤشر الإنفاق الحكومي يمثل أحد الحوافز المهمة للنمو المحلي. وأكد أن مؤشر الإنفاق الاستهلاكي وكذلك الاستثمار الخاص ينموان بشكل جيد، مفيدا بأن مؤسسة النقد تراقب التطورات الاقتصادية المحلية من خلال 40 مؤشرا تسير جميعها في تطور وتسجل نموا في أدائها. ورشح السياري نمو الاقتصاد السعودي في العام المقبل، في الوقت الذي أكد فيه أن الإجراءات التي تتخذها مؤسسة النقد تفوق المتبعة عالمياً.