الاقتصاد البريطاني ينكمش أكثر من المتوقع في الربع الثالث

مع تراجع إنتاج السيارات بنسبة 33% وإمكانية تخفيض سعر الفائدة إلى الصفر

تراجع إجمالي الناتج المحلي في بريطانيا إلى مستويات لم يشهدها منذ 1990 (إ ب أ)
TT

أظهرت بيانات رسمية أمس الثلاثاء أن الاقتصاد البريطاني انكمش في الربع الثالث من العام الحالي بوتيرة أسرع تفوق التقديرات السابقة حيث تراجع إجمالي الناتج المحلي إلى مستويات لم يشهدها منذ 1990.

وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الاقتصاد البريطاني انكمش بنسبة 0.6 في المائة بين شهري يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) من العام الحالي، بوتيرة أعلى من التقديرات السابقة التي كانت تبلغ 0.5 في المائة.

ولم تتم مراجعة معدل نمو الاقتصاد في الربع الثاني من العام الحالي حيث لم يحقق الاقتصاد نموا يذكر في حين تتجه الأنظار إلى بيانات معدل النمو خلال الربع الأخير من العام الحالي والمقرر صدورها أوائل العام المقبل.

يعد الاقتصاد في ركود عندما يسجل انكماشا في فصلين متتاليين في حين يتوقع الخبراء استمرار انكماش الاقتصاد البريطاني خلال الربع الأخير من العام الحالي.

وقال هوارد أرشر كبير خبراء الاقتصاد في مؤسسة غلوبال إنسايت للدراسات إن الناتج المحلي لبريطانيا قد يسجل انكماشا بمعدل يصل إلى 1 في المائة خلال الربع الأخير من العام الحالي.

في الوقت نفسه قال خبراء إن استمرار تراجع قيمة الجنيه الإسترليني أمام اليورو سوف يعزز فرص الصادرات البريطانية في أسواق منطقة اليورو التي تضم 15 دولة.

وأشار مكتب الإحصاءات الوطنية الى أن الأرقام الصادرة حديثا تظهر أن الانكماش تجاوز حدود قطاع الخدمات المالية ليصل إلى قطاع التصنيع.

ومن المتوقع أن تقدم الحكومة تقديراتها الأولية لمعدل النمو بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) من العام الجاري في مطلع العام المقبل 2009.

تعزز هذه البيانات التوقعات بشأن إقدام بنك إنجلترا المركزي على خفض جديد لسعر الفائدة أوائل العام المقبل.

ويتوقع الخبراء خفض الفائدة إلى أقل من 2 في المائة بعد الخفض القياسي الذي أعلنه البنك في وقت سابق من الشهر الحالي.

وقال تشارلز بين نائب محافظ البنك المركزي ان هبوط أسعار الفائدة الى الصفر في بريطانيا احتمال قائم وان الامر قد يتطلب ضخ مزيد من رؤوس الاموال في القطاع المصرفي.

وقال بين لصحيفة «فاينانشال تايمز» علينا أن نسلم بأن هذا احتمال قائم». وأضاف «بالطبع فان أسعار الفائدة... ما زالت عند اثنين في المائة ولذلك فأمامنا هامش للحركة لكننا بالطبع قد نجد أنفسنا نخفضها قرب الصفر».

وخفض بنك انجلترا أسعار الفائدة ثلاث نقاط مئوية منذ أكتوبر الماضي وتتوقع الاسواق تخفيضات أخرى مع انزلاق بريطانيا الى أول كساد تشهده منذ أوائل التسعينات. وقال بين ان التوقعات تتدهور للاقتصاد البريطاني.

وكان مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) خفض أسعار الفائدة الى ما بين الصفر و0.25 في المائة.

وقد حذر مسؤولون من أن تخفيضات أسعار الفائدة قد لا يكون لها على الاقتصاد الاثر الذي تحدثه في الظروف العادية بسبب أثر أزمة الائتمان مما أثار تكهنات بأن الامر قد يتطلب اجراءات أخرى استثنائية. من ناحيتها ترى الحكومة البريطانية أن خطط الإنقاذ المالي وإنعاش الاقتصاد ذات الميزانية الضخمة سوف تعيد الاقتصاد إلى مسار النمو خلال النصف الثاني من العام المقبل.

وأظهرت بيانات رسمية أن مبيعات التجزئة البريطانية ارتفعت بما يخالف التوقعات في نوفمبر (تشرين الثاني) لكن الوضع المالي العام للدولة تدهور بشدة مع ارتفاع الاقتراض الحكومي الى مستوى قياسي شهري.

وفي الاشهر الاخيرة جاءت البيانات الرسمية لمبيعات التجزئة دائما أعلى من التوقعات رغم كل الدلائل على الحد من الانفاق الاستهلاكي.

وارتفع صافي متطلبات الاقتراض للدولة والقطاع العام ارتفع الى 15.997 مليار جنيه استرليني في نوفمبر الماضي متجاوزا أعلى التوقعات ومسجلا أعلى مستوى على الاطلاق منذ بدأ تدوين السجلات عام 1993.

كما ارتفع العجز في الميزانية الجارية الى مستوى قياسي فيما يشير الى تدهور الوضع المالي بوتيرة سريعة حتى قبل سريان اجراءات التحفيز الاخيرة التي اتخذتها الحكومة.

أكدت الحكومة البريطانية أنها تجري مفاوضات لتقديم مساعدات حكومية إلى مصانع إنتاج «جاغوار لاندروفر» المملوكة لشركة هندية.

ويأتي تأكيد وزير الصناعة بيتر ماندلسون بإجراء المفاوضات في الوقت الذي صدرت بيانات كشفت عن تراجع نسبته 33 في المائة في إنتاج السيارات ببريطانيا خلال نوفمبر الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وقالت رابطة صناعة السيارات البريطانية إن التباطؤ السريع في الإنتاج تطلب «مساعدة عاجلة» لاستعادة الطلب وتخفيف القيود المفروضة على الائتمان.

وقال ماندلسون إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن إمكانية تقديم مساعدات إلى «جاجوار لاندروفر» التي اشترتها شركة «تاتا جروب» الهندية في يونيو (حزيران) مقابل 1.7 مليار جنيه استرليني (2.6 مليار دولار).

وقالت مصانع «جاغوار لاند روفر» التي توظف 15 ألف عامل في بريطانيا الشهر الماضي إنها واجهت «ظروفا تجارية غير مسبوقة» في ظل تراجع المبيعات العالمية لصناعة السيارات كلها.