التباطؤ الاقتصادي يعمق الفجوة بين الأغنياء والفقراء في آسيا

الأزمة المالية تؤثر بدرجة أكبر على العمال الأكثر فقرا

فلبينيون يتدافعون للحصول على إعانات غذائية ( ا.ب.أ)
TT

تذكر يو يونجدينج استاذ الاقتصاد البارز في بكين انه عندما كان يرى صينيين أثرياء في فنادق فاخرة في الخارج كانوا عادة من تايوان لكن الان فانهم في الاغلب من الصين نفسها. ويتساءل يو متعجبا «لا أعرف كيف حققوا هذا الغنى..» ويضيف «توزيع الدخل معضلة كبيرة في هذا البلد». وبحسب تحليل لرويترز فهذه مشكلة ستزداد حدة. فعندما كانت موجة النمو الاقتصادي ترفع الجميع كانت الفجوة بين الاغنياء والفقراء تظل محتملة. لكن الان مع التباطؤ الاقتصادي السريع فان التوترات تزيد مما يثير قلق القيادة الصينية.

وقال تشو تيانيونج الباحث في مركز دراسات تابع للحزب الشيوعي الحاكم في بكين ان ارتفاع البطالة في العام المقبل وتزايد سوء توزيع الثروة «عن طريق السرقة والنهب» قد يختبر احكام قبضة الحزب على السلطة. وكتب تشو هذا الشهر في صحيفة تشاينا ايكونوميك تايمز التي يصدرها مركز دراسات حكومي يقول «هذا من المرجح جدا أن يخلق وضعا تفاعليا من الاضطرابات الاجتماعية على نطاق واسع». وحققت الصين انجازات كبيرة على مدى 30 عاما من اصلاحات السوق فيما يتعلق باخراج الملايين من الفقر. لكن كان هناك تفاوت كبير بين ما وصل اليه من خرجوا من الفقر. في عام 1985 كان سكان الحضر في الصين يكسبون أكثر بنحو 1.9 مرة من سكان الريف الذين يمثلون 60 بالمائة من السكان. لكن في العام الماضي أصبحوا يكسبون أكثر بنحو 3.3 مرة وهي نسبة ترتفع الى ما بين خمس وست مرات اذا اخذنا في الاعتبار القدرة على الحصول على الخدمات العامة حسب أحدث تقارير للامم المتحدة عن التنمية البشرية.

وأضاف التقرير انه في عام 2006 كان أغنى عشرة بالمائة من سكان الحضر يحققون دخولا أكبر تسع مرات من أغنى عشرة بالمائة من سكان الريف. والصين ليست الوحيدة في ذلك. فقد أظهرت بيانات البنك الاسيوي للتنمية أن مقياسا شائع الاستخدام لقياس التفاوت في توزيع الدخل ارتفع في ثلثي الدول الاسيوية النامية منذ أوائل تسعينات القرن الماضي. وإذا كان توزيع الدخل عادلا تماما يشير هذا المقياس إلى صفر أما اذا كان الدخل كله في يد شخص واحد يسجل المقياس رقم واحد. وسجل هذا المقياس في الصين نحو 0.30 في أواخر سبعينات القرن الماضي ثم ارتفع إلى 0.45 في عام 2005. والآن تأتي الأزمة المالية التي تؤثر بدرجة أكبر على العمال الاكثر فقرا. وفي الاسابيع القليلة الماضية تدفق ملايين من العاملين عائدين الى قراهم من المصانع المتضررة في شرق الصين. وقال باحث في منظمة العمل الدولية في بانكوك «ان هؤلاء الذين يحتلون المراتب الدنيا في مستويات الدخل والاجور تضرروا بدرجة أكبر بكثير عن الذين يحتلون درجات أعلى.» وأضاف «لذلك من المرجح بدرجة كبيرة أن تزيد الازمة الراهنة من سوء توزيع الدخل في العامين او الاعوام الثلاثة المقبلة». لكن ما الذي يمكن القيام به.. كانت بعض الحكومات تعاني من ذلك حتى قبل الازمة المالية. فهونغ كونغ منارة حرية الاعمال طرحت طوعا حدا أدنى للاجور لبعض الوظائف منخفضة الاجور المنتقاة قبل عامين لحماية العمال الفقراء. لكن ثبت عدم فاعلية ذلك وتخطط الحكومة الان لطرح حد أدنى للاجور بشكل عام. وتشديد سياسات أخرى في سوق العمل من شأنه كذلك الحد من سوء توزيع الدخل. فقد أعلنت ماليزيا على سبيل المثال عن منح لاعادة التأهيل وهو ما طرحته كوريا الجنوبية الى جانب اعانات البطالة بعد الازمة المالية الاسيوية التي اندلعت منذ عشر سنوات.

وقال كيم تشونجسو سفير كوريا الجنوبية لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس «ما تعلمناه هو ان من الشروط المسبقة للحصول على وصفة علاجية للازمة هو تقوية شبكة الامان الاجتماعي.» وأضاف «من أجل التغلب على الازمة يتعين اعادة الهيكلة. واذا لم تتم تقوية شبكة الامان الاجتماعي لا يمكن القيام بذلك. فكيف يمكن اتباع سياسة اعادة هيكلة في ظل اضطرابات اجتماعية.. لن يقبل الناس ذلك.» ويترجم الباحثون هذا الدرس حسب الواقع الراهن في الصين قائلين ان الامر الحتمي بالنسبة لبكين هو زيادة الانفاق على الصحة والتعليم ومعاشات التقاعد وحسن توزيع هذا الانفاق. ويفيد بحث صيني أوردته الامم المتحدة أن ما بين 30 و40 بالمائة من الفجوة في الدخول بين سكان الحضر وسكان الريف في الصين يمكن ارجاعها الى عدم التساوي في القدرة على الحصول على الخدمات العامة. وتعزيز الخدمات العامة يمكن أن يتضافر مع الهدف المعلن من قبل العديد من الحكومات ومنها الصين بشأن تعزيز الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الصادرات والاستثمارات المرتبطة بها.