البنوك المضطربة في اوروبا تتجه للسيطرة على مؤسسات إعلامية

بعد أن حدت أزمة الائتمان من قدراتها على تخفيف شروط القروض

TT

دفع الخليط السام من مشكلات التمويل والمشكلات الهيكلية والدورية، التي تواجه المؤسسات الإعلامية في أوروبا، البنوك للسيطرة بدرجة اكبر على الصحف، بعد أن حدت أزمة الائتمان من قدرات البنوك على تخفيف شروط القروض.

وبحسب وكالة رويترز، يمكن النظر إلى إفلاس مجموعة تريبيون الصحافية الاميركية هذا الشهر باعتباره مؤشرا على أن سلوكيات البنوك تشددت الآن، على الرغم من المزايا المشكوك فيها من امتلاك البنوك لأصول إعلامية مقومة بأقل من قيمتها، في ظل تراجع ايرادات الإعلانات والتوزيع.

واقنعت العديد من المؤسسات الإعلامية الاميركية، التي تواجه صعوبات البنوك بتخفيف تعهدات الدين في الأشهر القليلة الماضية، وأصبحت ميكوم ومقرها بريطانيا، التي تملك أكثر من 300 إصدار، أول ناشر صحف أوروبي يكسب فترة سماح من تعهدات الدين هذا الأسبوع.

لكن كين دوكتور محلل قطاع الاعلام لدى شركة أوت سل الاميركية لبحوث المعلومات والنشر يقول، «الضغوط الجديدة على البنوك تجعل العلاقة بين الشركات التي توشك على التخلف عن سداد ديونها وبين البنوك الدائنة مثل مباراة كرة جديدة تماما».

والدلائل الاولى على ان المستثمرين أقل ميلا لتخفيف شروط القروض بدأت تظهر بالفعل في أوروبا.

وحصلت ميكوم التي تصدر مطبوعات، منها برلينر تسايتونج على فترة تأجيل مدتها شهرين للوفاء بتعهدات تستحق في نهاية ديسمبر (كانون الاول) بقيمة 2.5 مليون يورو (3.5 مليون دولار) وزيادة بنسبة 175 نقطة اساس على سعر الفائدة الاصلي.

وتأمل المجموعة في بيع أصول، وتقول ان ظروف التداول مازالت تمثل تحديا. وتقل قيمة سهم ميكوم حاليا عن بنس واحد، لتبلغ قيمتها السوقية 13.5 مليون جنيه استرليني (20 مليون دولار) فقط، في حين يبلغ دينها الصافي 587 مليون جنيه استرليني في نهاية يونيو (حزيران).

وقال بانمور غوردون محلل قطاع الإعلام في الكس ديجروت، «بعض هذه المؤسسات قد لا يتمكن من سداد الفوائد».

وأضاف «ستكون للبنوك السيطرة على أي عملية تفكيك أو بيع أصول».

وكانت مجموعة تريبيون الخاصة حالة متطرفة، فهي لم تتمكن من الوفاء بتعهداتها بالابقاء على الدين أقل من تسعة أمثال الارباح، في حين أن العديد من شركات المنافسة المسجلة في البورصات في أوروبا يتعامل مع تعهدات بابقاء هذه النسبة عند ثلاث أو أربع مرات.

ورغم ذلك فان قيمة اسهم شركات أوروبية، مثل ميكوم وجونستون بريس البريطانية تهاوت بدرجة كبيرة، حتى ان مبادلة الدين بالاسهم بدت احتمالا واردا في الحالات التي تواجه فيها الشركات صعوبات في سداد مدفوعات الفائدة ويندر فيها المشترون.

وتبلغ القيمة السوقية لجونستون 78 مليون جنيه استرليني، اي نحو واحد على 16 من قيمتها في بداية العام، ويبلغ دينها 465 مليون جنيه استرليني.

وقال محلل مالي في لندن، «في اعتقادي أن البنوك لن تغلق الصحف لكن هيكل الملكية الراهن سيتغير». فيما بدأت البنوك بالفعل في اظهار نفوذها.

فقد تفاوضت مكلاتشي، ثالث أكبر مجموعة صحافية أميركية، التي تملك ميامي هيرولد على تعهدات أخف للائتمان في سبتمبر (أيلول)، لكنها في المقابل وافقت على عدم دفع توزيعات ارباح في المستقبل، ما لم تف بالمستويات المستهدفة للدين.

وأوقفت مجموعة لاكسبرسو الايطالية طوعا توزيعات ارباحها، مع أن دينها لا يزيد سوى 1.8 مرة عن ارباحها، قبل خصم الضرائب والاهلاك واستهلاك الدين.

لكن هناك حدودا لما يمكن ان تقوم به المؤسسات الصحافية من اعادة هيكلة والتكيف مع الواقع الجديد المتمثل في الانترنت وخفض التكاليف قبل أن تتدخل البنوك باتخاذ اجراءات أكثر حسما.

وحتى المؤسسات التي لا تتكبد خسائر ستعاني، اذ ان تعويض قارئ واحد لصحيفة مطبوعة يحتاج لدخول 20 زائرا على موقع صحافي على الانترنت.

وأفاد دوكتور من اوت سل، «اذا تمكنوا من القيام بهذا التحول وأصبحوا يعملون بالتكنولوجيا الرقمية اعتبارا من الغد، فان ايراداتهم ستبلغ نحو 15 أو 20 بالمائة مما يحققونه الان».