النساء ينتجن 80 % من المحاصيل الغذائية التي تستهلكها أفريقيا

أنان دعا لجعل المرأة محور «سياسة ثورية» لدعم الزراعة في القارة

ناشد خبراء الزراعة رجال السياسة اعطاء مزيد من الاهتمام الى المزارعات الأفريقيات («الشرق الأوسط»)
TT

مثل غالبية نساء أفريقيا تتحمل مازوي جوندوي مسؤولية كسب قوت أسرتها وتكافح لتزرع قطعة الارض التي تملكها في مالاوي بعد سقوط أمطار غير متوقعة جعلت حياتها القاسية أكثر صعوبة. وقالت جوندوي شارحة أوضاعها الصعبة «الان لا نستطيع الاعتماد على الزراعات التي تروى بالامطار ولذلك نزرع محصولين أحدهما يروى بالمطر والاخر يحتاج الى ري. لكن الري يقصم الظهر وقد يستغرق أربع ساعات في اليوم». وذكرت جوندوي التي سفرتها وكالة (اكشن ايد) للتنمية الى المحادثات التي اجرتها الامم المتحدة عن التغير المناخي في بولندا هذا الشهر انها تريد ان تتوفر لها التكنولوجيا التي تقلص الوقت الذي تستغرقه في ري محصولها وزراعة حديقتها، كما ستكون شاكرة لو توفرت لها المساعدة لتحسين سبل التخزين وتنويع البذور. وقالت جوندوي «كمزارعة أعرف ما أحتاج اليه وأعرف ما ينجح. نشأت في المنطقة وأعرف كيف يتغير النظام». وخلال هذا العام ناشد خبراء الزراعة رجال السياسة اعطاء مزيد من الاهتمام الى المزارعات اللاتي يملكن قطعا صغيرة من الارض مثل جوندوي واللاتي ينتجن 80 في المائة من المحاصيل الغذائية التي تستهلكها القارة السوداء. ويقول منميجان رولينغ في تقرير اعده لرويترز انه بعد عقود من التيه السياسي أصبحت الزراعة من الموضوعات الساخنة هذا العام بعد ارتفاع اسعار الغذاء الى ارقام قياسية في يونيو (حزيران) مما زاد خطر الجوع في شتى انحاء العالم. وانخفضت نسبة مساعدات التنمية المخصصة لقطاع الزراعة الى أربعة في المائة فقط من 17 في المائة عام 1982. ودعا كوفي أنان الامين العام السابق للامم المتحدة لجعل المرأة محور «سياسة ثورية» لدعم الزراعات الصغيرة في أفريقيا. وتتحمل المرأة تقليديا عبء توفير الطعام الذي تحتاجه أسرتها في المنزل سواء كانت في أفريقيا أو آسيا، بينما يركز الرجل على زراعة المحاصيل التي تطرح للبيع او ينزح الى المدن بحثا عن عمل بأجر. لكن المرأة تملك نسبة صغيرة من أراضي العالم ويقدر بعض الخبراء النسبة بأقل من اثنين في المائة وتحصل على نحو خمسة في المائة فقط من خدمات المعلومات الزراعية والتدريب. وقال أنان في مؤتمر عقد في اكتوبر (تشرين الاول) لمكافحة الفقر «اليوم المزارعة الافريقية هي المزارعة الوحيدة التي تتحمل كل المخاطر بنفسها.. لا رأس مال ولا تأمين ولا دعم للاسعار والقليل من المساعدة من الحكومات لو قدمت اية مساعدة على الاطلاق. هؤلاء النساء أشداء يتمتعن بالجسارة والمرونة لكنهن يحتجن المساعدة». وأبرز تقرير عن الرجل والمرأة في مشاريع التنمية الزراعية نشرته منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (الفاو) يوضح المكاسب المتوقعة في حالة توفير المزيد من التكنولوجيا والاراضي والاموال للمرأة. وفي غانا على سبيل المثال اذا قسمت حقوق ملكية الاراضي بالتساوي بين المرأة والرجل سيتضاعف تقريبا عائد الفدان. وفي بوركينا فاسو وكينيا وتنزانيا اذا اعطيت المرأة نفس الامكانات والتعليم كالرجل سيزيد عائد الاعمال بنسبة 20 في المائة.

وفي ساحل العاج سيؤدي رفع دخل المرأة عشرة دولارات فقط الى تحسين تغذية الاطفال وصحتهم وهو ما قد يقتطع من دخل الرجل 110 دولارات لتحقيقه. وتقول مارسيلا فيلاريال مديرة قسم المساواة بين الرجل والمرأة والعمالة الزراعية التابعة للفاو ان عددا من الحكومات الافريقية سنت قوانين رسمية تساوي بين الرجل والمرأة لكنها تجد صعوبة في تطبيقها لانها تتعارض مع التقاليد والاعراف السائدة التي تعطي الملكية للرجل. وأضافت انه في حالة وفاة زوج المرأة لا يكون أمامها غالبا من خيار الا الزواج من أحد أقاربه حتى تحتفظ بقطعة الارض التي تزرعها وتطعم أولادها. وقالت فيلاريال «لا ينظر الى المرأة حتى الان على انها جزء من القدرات الانتاجية للبلد». تحاول تغيير هذا التيار السائد اجنيس كاليباتا وزيرة الدولة الرواندية للزراعة، وتقول ان الاصلاح الزراعي لحكوماتها وبرامج الائتمان تستهدف تحديدا النساء الكادحات في قطاع الزراعة والكثير منهن يعلن أطفالهن وحدهن بعد مقتل أزواجهن في مذبحة عام 1994. وفي القطاع الخاص حرصت مؤسسة بيل وميليندا جيتس على وضع المرأة في محور برامجها للتنمية الزراعية من خلال وضع شروط للحصول على المنح. فالمؤسسة لم تعد تمول مشاريع لا تراعي المساواة بين الرجل والمرأة بل تشترط مشاركة المرأة في وضع وتنفيذ هذه المشاريع. وتقول كاثرين برتيني التي رأست برنامج الاغذية العالمي في التسعينات ان اقناع رجال السياسة بضرورة التركيز على المرأة في قطاع الزراعة يحدث من خلال ابراز حجة المكاسب الاقتصادية لا الحديث عن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وتقول «انت تنجح في اقناع الناس لانها الطريقة العملية لزيادة الانتاج ودخل المرأة».