القمة الاقتصادية العربية

TT

تعقد في الكويت أواخر شهر يناير (كانون الثاني) المقبل القمة الاقتصادية العربية الأولى التي خصصت لمناقشة الاقتصاد، ورغم أنها القمة الأولى من حيث الموضوع ببحث الشأن الاقتصادي، فإن المؤتمرات العربية لم تخل من قرارات اقتصادية، ولكن القرار السياسي كان يطغى فلا تعطى الأهمية المطلوبة. كما أن المؤتمرات الإقليمية كانت تناقش مواضيع اقتصادية بل كان الاقتصاد يطغى على القرار السياسي، ويمكن القول إن المؤتمرات الاقليمية كانت انجح مقارنة مع القمم العربية فيما يخص الاقتصاد، ويعود السبب لقلة الدول المشاركة في تلك المؤتمرات ولتشابه اقتصادها أيضا، ويمكن لهذه القمة الاستفادة من تجارب المؤتمرات الاقليمية. ومن المتوقع أن تطرح القمة الاقتصادية عناوين كبيرة لمناقشتها تبدأ بآثار الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد العربي وإن كانت القمة مقررة قبل حدوث الأزمة وتنتهي بتنشيط التجارة البينية العربية. وكان من أسباب فشل المؤتمرات السياسية العربية في الستينات العناوين الكبيرة التي تطرحها مثل الوحدة العربية والمصير المشترك وغير ذلك من العناوين. وحتى نضمن نجاح قمة الكويت الاقتصادية يجب ألا ننتظر منها الكثير ونحملها ما لا تحتمل بل يكفي أن نقبل بتحريكها الرواكد وإعطاءها مساحة للتفكير لنخرج برؤى مشتركة عما يمكن عمله في السنوات المقبلة. ويكفي نجاحا لهذه القمة لو استطاع المؤتمرون الاتفاق على تحييد العامل السياسي في مواجهة الاقتصادي مع صعوبة مثل هذا الأمر، كذلك التفكير جديا في تنشيط التجارة البينية ومحاولة توحيد النظم الاقتصادية فنحن في العالم العربي مزيج من كل النظريات الاقتصادية المستخدمة في العالم فمثلا بعض الدول تنتهج النظرية الرأسمالية المقيدة والبعض ينتهج الاقتصاد الاشتراكي المختلط مع الرأسمالي والبعض يضيف لهذا المزيج الرؤية الإسلامية مما يجعل الوصول إلى آليات عملية لتطوير التكامل الاقتصادي العربي صعبا في ضوء اختلاف النظم الاقتصادية العربية، مما يطرح أهمية الخروج برؤية توافقية تقرب هذا الاختلاف بين النظم الاقتصادية ليمكن معه التكامل. ويجب أن نرضى بالقليل من هذه القمة بصفتها الاولى وأن يكون التركيز على تنشيط التجارة العربية البينية الضعيفة اصلا بسبب كثرة العوائق التي يجب إزالتها ويمكن في هذا المجال التفكير بآلية تتيح الحرية للمستثمر العربي لتنقل برأس ماله في الدول العربية وإنشاء مشاريع اقتصادية تفتح فرصا وظيفية لشعب الدولة المستضيفة لرأس المال مع ضمانات كافية بعدم المساس برأس المال تحت أي ظرف سياسي. الأمر الآخر محاولة عدم تغير الأنظمة المستخدمة في الاستثمار وتعرفات الكهرباء ومدخلات الصناعة والزراعة ليمكن صياغة دراسة جدوى تعطى لها صفة الثبات ولو لعشر سنوات. الأمر الأخير الخروج من الرؤية الصغيرة عقلا واقتصادا بأن المستثمر مستغل فبالتي وجب محاربته على كل الاصعدة وإعطاء دورات للمسؤولين عن التراخيص بأن المستثمرين شركاء في التنمية فيجب أن يربحوا لتستمر أنشطتهم ولتستمر مكاسب البلد المضيف. يضاف إلى ذلك أن القمة يجب أن تطرح رؤى مشتركة قابلة للتطبيق بدلا من الأحلام الكبيرة التي لا يمكن تطبيقها إلا على الورق، فالمنجزات إن بدأت صغيرة فإنها في النهاية تكبر وتصبح عظيمة.

* كاتب اقتصادي [email protected]