جدل خليجي حول قرار تحديد مدة بقاء العمالة الوافدة بـ 5 سنوات

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: وزراء العمل رفعوا توصية للقمة.. ووزراء الخارجية تحفظوا عليها

السعودية وقطر والبحرين تدعم «بقوة» مشروع تحديد مدة بقاء العمالة الوافدة في الخليج في ظل تحديات الأزمة المالية (أ.ف.ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن توصية وزراء العمل الخليجيين بتحديد مدة بقاء العامل الأجنبي لفترة خمس سنوات، تجد تحفظات من بعض دول المجلس، وهو ما يهدد إقرارها من قبل القمة الخليجية المرتقبة، وذلك بعد أن أقر وزراء الخارجية الخليجيين في اجتماعهم الأخير التوصية، إلا أنهم أزالوا الفقرة التي تحدد مدة بقاء العامل بخمس سنوات، بالرغم أن التوصية ذاتها رفعت من قبل وزراء العمل في اجتماعهم الأخير.

وكان وزراء العمل الخليجيين كانوا قد أتفقوا في اجتماع ضمهم في وقت سابق في جنيف على رفع هذه التوصية للقمة الخليجية، وهو ما حدث في اجتماع وزراء عمل مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الذي عقد الشهر الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، حيث تم إقرار التوصية رسميا ورفعت لوضعها على جدول أعمال القمة، التي تبدأ أعمالها غدا في العاصمة العمانية مسقط.

وكانت القمة الخليجية في المنامة في 2004 قد نظرت في مشروع قرار يوصي بخفض عدد الأجانب في بلدان المجلس المقدر عددهم 17 مليونا، أغلبهم من آسيا يحولون إلى بلدانهم أكثر من 70 مليار دولار سنويا، غير أن القمة لم توافق على توصية وزراء العمل حينذاك وفضلت تأجيل اتخاذ القرار عبر دراسته مجددا. وتقول المصادر إن الاجتماع الوزاري للمجلس التعاوني، الذي يضم وزراء الخارجية، ناقش الموضوع في اجتماعه الأخير، غير أن تحفظات من بعض وزراء الخارجية، أثارت جدلا حول الموضوع، وهو ما أستدعى إزالة الفقرة الخاصة بتحديد بقاء العامل في الدول الخليجية.

وبحسب المصادر فإن السعودية وقطر والبحرين تدعم «بقوة» مشروع تحديد مدة بقاء العمالة الوافدة في الخليج، «خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة بعد الأزمة المالية العالمية، وورود تقارير تشير إلى أن الدول المصدرة للعمالة تبدي خشيتها من إعادة عمالتها في هذا التوقيت بالذات، في الوقت الذي تواجه دول الخليج قلقا أيضا من تأثيرات هذه الأزمة على اقتصاداتها».

غير أن المصادر ذاتها قالت إن هناك «محاولات اللحظة الأخيرة» تجري من قبل جهات عليا، لتعديل البند الخاص بالموضوع وإعادة الفقرة المحذوفة، وهو ما سيجري بحثه اليوم أثناء اجتماع وزراء الخارجية، الذين سيضعون لمساتهم الأخيرة على جدول الأعمال، الذي سيناقشه القادة في اجتماعهم غدا وبعد غد.

وأكدت المصادر أنه حتى في حال عدم حسم وزراء الخارجية لإعادة الفقرة المحذوفة في اجتماعهم اليوم، فإن المحاولات ستستمر حتى انعقاد القمة، «ومن الممكن أن يتم عرض الموضوع في اجتماع القادة، حتى لو لم يتم إعادة الفقرة المختلف عليها في اجتماع المجلس الوزاري».

وبحسب المصادر فإن أهمية الخروج بنتيجة لقضية العمالة وتحديدها بفترة خمس سنوات، يأتي في أعقاب اكتشاف الدول الخليجية أنها وقعت على أتفاقية دولية رقم 97 لعام 1994، وتقر الدول الموقعة عليها بإنه في حال بقاء العامل الوافد لفترة تصل إلى 5 سنوات، «يتحول لعامل مهاجر ولا يحق له من الدولة التي يعمل بها بالمغادرة، كما أن له نفس الحقوق السياسية الممنوحة للمواطن ذاته، وهو الأمر الذي يشكل خطورة قانونية على بقاء العمالة الوافدة في دول الخليج».

وتلفت المصادر إلى ما شهدته إحدى الجلسات المغلقة لمنتدى «حوار المنامة» الذي أقيم بالبحرين هذا الشهر، بمشاركة وفود أمنية عالية المستوى من دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى دول عربية وآسيوية، والذي أدى إلى مطالبات هندية صريحة لدول الخليج بتجنيس العمالة الهندية، وإعطائها حقوقا سياسية واعتبارها عمالة مهاجرة وليست مؤقتة، وهو الأمر الذي رفضته دول الخليج بشكل قاطع ودعمتها في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية. واستشهدت الهند في مطالبتها هذه، بفوز باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأميركية. وفي حال إقرار القمة الخليجية لهذه التوصية، يتوقع أن تسهم في تقليل أعداد العمالة الوافدة في دول الخليج، خاصة أن القرار سيطبق على العمالة غير الماهرة، وهي التي تشكل السواد الأعظم من العمالة الوافدة، وتذهب توقعات شبه رسمية إلى أن نحو 88 بالمائة من العمالة الحالية سينطبق عليها القرار، أي ما يقارب من 15 مليون وافد يعملون في دول مجلس التعاون الخليجي.

وكان المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات قد أوصى في مايو الماضي بألا تتجاوز مدة إقامة العمال الأجانب غير المهرة، ست سنوات لتجنب «الاستحقاقات» التي قد تتوجب على الدولة بسبب إقامتهم المطولة. وأوصى المجلس بـ«عدم السماح بتمديد إقامة العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل وكذلك خدم المنازل ومن في حكمهم وعمال الزراعة أو المراعي لأكثر من ست سنوات متصلة».