انتعاش أسواق السلع الأولية قد يتأخر بعد أسوأ عام على الإطلاق

كانت منارة للمستثمرين وأداة استثمارية يفوق أداؤها غيرها من الأصول

TT

أظهرت بيانات أمس الخميس أن السلع الاولية التي كانت حتى ستة أشهر مضت منارة للمستثمرين وأداة استثمارية يفوق أداؤها أداء غيرها من أصول شهدت في عام 2008 أسوأ عام على الاطلاق اذ تزايدت وتيرة خسائرها في الربع الاخير. وأبدت أسواق المعادن الصناعية والنفط الخام بل والحبوب شجاعة مع انزلاق العالم الى الركود واقبال المستثمرين على بيع كل شيء يمكنهم بيعه أو تحف به المخاطر لتغطية خسائر شديدة في أسواق أخرى أو للادخار، الامر الذي محا ست سنوات من المكاسب شبه المتواصلة في غضون أشهر فحسب. وقادت السلع الاولية موجة الهبوط في النصف الثاني من العام وتراجعت أكثر من 50 في المائة منذ يوليو (تموز) أي مثلي الانخفاض الذي سجله مؤشر داو جونز الصناعي الاميركي. ويقول بعض المحللين ان السلع الاولية لن تنتعش على الارجح بالوتيرة نفسها التي يتوقع أن تشهدها أسواق أخرى في النصف الثاني من العام الجديد، بحسب تقرير اعده لرويترز ليوا باردوموان. وقال مارك بيرفان رئيس الابحاث في بنك استراليا ونيوزيلندا «في الوقت الحالي الثقة غير موجودة في سوق السلع. بكل تأكيد غير موجودة. وهذه الثقة ستبدأ عودتها عندما نبدأ رؤية انتعاش أسواق الاسهم مرة أخرى»، وأضاف «الكثيرون من المستثمرين متوترون وفي بعض الحالات غير مستعدين للعودة حتى يروا علامات أخرى على الانتعاش». وفي الربع الاخير من عام 2008 انخفضت المؤشرات السلعية الخمسة التي يتابعها المستثمرون أكثر من غيرها للاستثمار في القطاع بنسبة 40.5 في المائة في المتوسط ليصل الانخفاض السنوي الى 42.35 في المائة. وتغطي المؤشرات الخمسة أسواق الطاقة والسلع والزراعة. وقد انهارت المؤشرات ما يزيد على الثلثين عن المستويات القياسية التي بلغتها في أوائل يوليو الماضي لتسجل خسائر نسبتها 25 في المائة في الربع الثالث وهو أول أداء سلبي لها بعد أربعة أرباع متتالية من الارتفاع حققت للمستثمرين بعضا من أفضل العوائد على مدار 35 عاما. ومع تسجيل مؤشرات الاسهم الرئيسية أكبر هبوط فصلي لها على الاطلاق اذ انخفض مؤشر داو جونز الصناعي 34 في المائة مسجلا ثالث أكبر انخفاض على الاطلاق، فان المستثمرين يعولون الان على خطة انتعاش اقتصادي كبرى من ادارة الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما لتقليل حدة الركود العالمي. وقال أدريان كوه المحلل لدى فيليب فيوتشرز في سنغافورة «في الربع الاول أشعر أن أسعار السلع ستستقر مع استعدادنا لعدد من التغيرات». وأضاف أن أسعار النفط تتراجع في الوقت الحالي مقارنة بأسعار السلع الاولية الاخرى ومن المتوقع أن تتجه للارتفاع في الاجل الطويل. وفقد مؤشر رويترز جيفريز سي.ار.بي الذي يغطي 19 سوقا سلعية أغلبها أميركية وتشمل النفط والبن والذهب والذرة والنحاس ثلث قيمته في الربع الاخير من العام الماضي مسجلا أسوأ أداء فصلي على الاطلاق. وكان المؤشر قد سجل ذروة في يوليو (تموز) الماضي لتصل مكاسبه الى 250 في المائة منذ بداية عام 2002. وبحلول نهاية العام كان المؤشر مرتفعا 20 في المائة فقط. ومازالت السلع الاولية تعتبر بديلا للاستثمارات العادية اذ كانت خسائرها متوسطة مقارنة بأسواق الاسهم التي فقدت تريليونات الدولارات من قيمتها. وقد تجنبت صناديق الاستثمار السلع حتى وقت سابق من العقد الحالي عندما انهالت الاستثمارات فجأة على القطاع بدءا من عام 2003 ليزيد حجمها 20 مثلا وتتجاوز 200 مليار دولار بحلول منتصف العام الجاري وهو تحول يقول كثيرون انه السبب في ارتفاع الاسعار.

وانخفضت استثمارات هذه الصناديق بشدة مع انهيار الاسعار وبحلول الربع الاخير من 2008 انخفضت قيمة الاصول السلعية التي تديرها الصناديق بنحو الثلث الى 144 مليار دولار وفق تقديرات باركليز كابيتال. وسجل النفط والنحاس أكبر الخسائر وانخفض كل منهما بأكثر قليلا من 50 في المائة خلال السنة.

أما قائمة الرابحين فتصدرها الكاكاو الذي ارتفع 66 في المائة. أما الذهب الذي تجاوز ألف دولار للاوقية (الاونصة) في مارس (اذار) قبل أن ينخفض الى نحو 880 دولارا فكان أفضل حال اذ ارتفع خمسة في المائة العام الماضي وربما يواصل صعوده اذا زاد الوضع الاقتصادي قتامة في الاشهر المقبلة.