وزير الاقتصاد العماني: لسنا بمنأى عن تأثيرات الأزمة المالية العالمية.. وملتزمون بتنفيذ المشاريع المقررة

زيادة الإنفاق وارتفاع العجز أبرز سمات الميزانية الجديدة

TT

كشفت سلطنة عمان عن تفاصيل مشروع موازنتها للعام 2009 والذي تضمن زيادة بالانفاق بنسبة 11 بالمائة عن العام الماضي. ليسجل إجمالي الإنفاق العام نحو ستة ملايين ونصف المليون ريال عماني أي ما يزيد على 16 مليون دولار. وقال وزير الاقتصاد العماني احمد مكي في مؤتمر صحافي ان الزيادة تأتي لتغطية عناصر انفاق جديدة. حيث زادت المصروفات الجارية للوزارات والوحدات الحكومية المدنية بنسبة 13 بالمائة فيما تمثل المصروفات الجارية نسبة 34 بالمائة من جملة الإنفاق العام وتشمل تغطية الخدمات الأساسية الحكومية والمصروفات التشغيلية للوزارات وتغطية النمو في الخدمات التعليمية والصحية ومصروفات تشغيل المشروعات الجديدة.

واللافت ان موازنة العام 2009 احتسبت الايرادات النفطية على اساس سعر 45 دولارا للبرميل وبمعدل إنتاج يومي يبلغ 805 آلاف برميل. وبناء على هذه الافتراضات فمن المقدر أن تبلغ الإيرادات النفطية نحو 3522 مليون ريال عُماني وستكون مساهمتها بنسبة 63 بالمائة من جملة الإيرادات في حين ستبلغ مساهمة إيرادات الغاز نسبة 12 بالمائة من إجمالي الايرادات.

وفيما توقع مشروع الموازنة عجزا بنحو 810 ملايين ريال عماني اي بنسبة 14 بالمائة عن الإيرادات وخمسة بالمائة عن الناتج المحلي الإجمالي الا ان هذا يعني انه سيكون مضاعفا للعجز المقدر في ميزانية السنة الماضية. غير ان مكي سارع للقول بانه «على الرغم من أن العجز لعام 2009 يعتبر عالياً في قيمته المطلقة إلا أن نسبته من الناتج المحلي تعد في الحدود الآمنة والمقبولة اقتصادياً». وأشار مكي الى انه سيتم اللجوء إلى تغطية العجز بالسحب من مخصص احتياطي الطوارئ في حالة عدم تحقيق زيادة عن الإيرادات المقدرة في الميزانية. مبينا أن ما حدث في العالم عام 2008 يدل على صعوبة التوقع في المجال الاقتصادي قائلا «إن المتغيرات كثيرة ولا تخضع للحساب، والمفاجآت واردة وعنصر عدم التيقن ماثل دائما وليس أدلُّ على ذلك من إعادة النظر في كل التوقعات برفعها أو خفضها بعد فترة قصيرة من صدورها». مشيرا الى أن الحكومة ارتأت زيادة معدل الإنفاق لتغطية الالتزامات الجديدة والناتجة عن التوسع في الخدمات الحكومية في مختلف القطاعات ومجالات التنمية لاسيما الإنفاق الإنمائي الذي سيكون له دور في تنشيط الحركة الاقتصادية في البلاد. وقال الوزير العماني، إن معدلات التضخم وصلت للفترة ما بين يناير إلى أكتوبر من العام الماضي إلى نحو 12.4 بالمائة مقارنة بنحو 5.3 بالمائة  لنفس الفترة من عام 2007، مشيرا الى ان أهم العوامل التي كانت وراء هذا الارتفاع تتمثل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية وتراجع أسعار صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى وقوة الطلب المحلي. لكنه توقع بان تتراجع معدلات التضخم في السلطنة هذا العام إلى ما دون العشرة بالمائة.

أما الإيرادات العامة للسلطنة فقدر مشروع الموازنة ارتفاعها بنسبة اربعة بالمائة. وتمثل إيرادات النفط والغاز ما نسبته 75 بالمائة من جملة الإيرادات بينما تمثل الإيرادات الجارية والرأسمالية نسبة 25 بالمائة. وكان مكي حريصا على التاكيد على أن المخصصات المقدرة للميزانية الإنمائية زادت بنسبة عشرة بالمائة مقارنة بالميزانية المعتمدة لعام 2008 وبلغت 800 مليون ريال عماني «وذلك لتغطية الصرف على المشاريع الإنمائية المستمرة والجديدة المدرجة في الخطة الخمسية السابعة 2006 الى 2010 في مختلف القطاعات». وقال ان المشاريع الجديدة المقرر البدء في تنفيذها خلال عام 2009 تبلغ جملة اعتماداتها نحو 665 مليون ريال عماني وذلك لتنفيذ العديد من المشاريع التنموية بالإضافة إلى أنه سوف يتم البدء في تنفيذ مجموعة كبيرة من المشاريع الخدمية خلال عام 2009 الى جانب استكمال تنفيذ المشاريع المستمرة. وفي ما يتعلق بتوقعات أداء الاقتصاد الوطني هذا العام قال مكي «إن السلطنة مثل بقية دول العالم ستتأثر بتداعيات الأزمتين العالميتين المالية والاقتصادية غير أن المركز المالي الجيد الذي تتمتع به نتيجة للسياسات المالية التي اتبعتها الحكومة خلال فترة ازدهار أسعار النفط والتي تمثلت في توجيه قسط من الفوائض النفطية إلى تعزيز الاحتياطيات المالية وتخفيض حجم الدين العام سيعزز من قدرات الاقتصاد في التصدي لتداعيات هاتين الأزمتين وبالتالي التخفيف من حدة وطأة تأثيراتهما على أدائه». وأكد أن الانخفاض المتوقع في أسعار النفط وحصيلة الصادرات غير النفطية ستؤثر سلبا على أداء الاقتصاد خلال العام الحالي من ناحية ومن ناحية أخرى ستؤثر كل من الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط وبعض القطاعات الأخرى والتزام الحكومة في الاستمرار في تنفيذ المشاريع المخططة ومواصلة الحفاظ على المستويات الحالية للإنفاق على الخدمات الاجتماعية إلى جانب توقع تحسن أسعار صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى إيجابا على أداء الاقتصاد. وكمحصلة نهائية لتأثيرات هذه العوامل يتوقع أن يسجل الاقتصاد في عام 2009 نموا حقيقيا إيجابيا يقدر بنحو واحد بالمائة.

وحول الازمة المالية العالمية قال مكي ان من أبرز سمات الإقتصاد العماني انه لم يكن لهذه الازمة تأثير يذكر على أدائه حيث واصل النمو. «فالتوقعات الأولية للحسابات القومية تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في عام 2008 بمعدل يقدر بنحو 40 بالمائة. ويعزى هذا النمو إلى ارتفاع أسعار النفط وقوة الطلب المحلي وتحسن القدرة التنافسية للصادرات غير النفطية ومناخ الاستثمار».

تجدر الاشارة الى انه من المتوقع ان تشهد موازنة العام 2008 فائضا ماليا بفعل ارتفاع اسعار النفط العالمية بعد تغطية العجز في حدود 9 مليارات دولار تم استخدامه لتعزيز الاحتياطيات المالية للدولة وسداد مبكر لبعض القروض لتخفيض المديونية بالإضافة إلى سداد المستحقات الاكتوارية لصناديق التقاعد.

وتطرق مكي الى سوق مسقط للأوراق المالية وقال إنه سجل زيادة في أحجام التداول خلال العام الماضي مقارنة بأدائه خلال العام 2007 حيث بلغ حجم التداول حوالي 3.62 مليار ريال عُماني مقارنة مع 2.66 مليار لعام 2007. أما بالنسبة إلى مؤشر الأسعار فقد انخفض بمقدار 36 بالمائة مقارنة بمستوى إغلاق السنة السابقة وتعتبر نسبة الانخفاض هذه من الأقل بين نسب تراجع الأسواق المالية الخليجية الأخرى. وعزا هذا التراجع في مؤشر سوق المال بالرغم من الأداء الجيد للشركات المدرجة فيه إلى عوامل نفسية لدى المستثمرين لتأثرهم بما تشهده الأسواق المالية من هبوط وبهدف استعادة الثقة في المناخ الاستثماري تم الترخيص بإنشاء صندوق التوازن الاستثماري بالإضافة الى الإجراءات التي اتخذها مؤخرا البنك المركزي العماني بغرض توفير السيولة.

ولفت مكي الى ان قطاع السياحة حقق نموا العام الفائت بمعدل 22 بالمائة بفضل الزيادة في طاقاته الإيوائية والجهود المكرسة لترويج السلطنة سياحيا. وقال ان المساهمة النسبية لقطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 بلغت نحو 9.2 بالمائة بما يؤكد ما لقطاع السياحة من أهمية في الاقتصاد العماني.