تداعيات الأزمة العالمية تهيمن على زيارة عمدة لندن إلى المغرب

بحث سبل تطوير الشراكة والتعاون بين حي المال في لندن والدار البيضاء

TT

احتلت تداعيات الأزمة المالية العالمية وآفاق معالجتها وسبل تطوير التعاون بين المغرب وبريطانيا في مجال الخدمات المالية مركز الصدارة في مباحثات اللورد ماير أيان لودر، عمدة حي المال والأعمال في لندن (سيتي اوف لندن) مع كبار المسؤولين المغاربة خلال الزيارة التي يقوم بها حاليا إلى المغرب وتنتهي اليوم، وهي أول زيارة رسمية له خارج المملكة المتحدة منذ انتخابه عمدة لـ«لندن سيتي» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبدأ لودر زيارته للمغرب أول من أمس بلقاء مع رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي، والذي حضره أحمد رضي شامي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، وأمينة بنخضرة، وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، وعبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية، ونزار بركة، الوزير المنتدب لدى رئيس الوزراء المكلف الشؤون الاقتصادية والعامة، ولطيفة أخرباش كاتبة الدولة (وزير دولة) لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، وسفير المملكة المتحدة بالمغرب، وعدد من كبار المسؤولين المغاربة. كما اجتمع العمدة خلال اليوم الأول من زيارته بمحافظ البنك المركزي المغربي عبد اللطيف جواهري، ومدير عام صندوق الإيداع والتدبير، مصطفى الباكوري، وخصص اليوم الثاني لزيارة الدار البيضاء والسوق المالية المغربية.

وأكد رئيس الوزراء المغربي، عباس الفاسي، الأهمية التي تكتسيها زيارة اللورد عمدة الحي المالي اللندني والوفد المرافق له للمغرب، مشيرا الى أن اختيار المغرب كأول محطة ضمن الزيارات الخارجية للورد العمدة بعد فوزه في الانتخابات على رأس حي المال اللندني، هو اعتراف بأهمية الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي باشرها المغرب في الحقبة الأخيرة، والتي تعمل الحكومة على التسريع من وتيرتها. وأضاف أن المغرب يعد اليوم ورشا هائلا للبنيات الاساسية من طرق وطرق برية، وموانئ، ومطارات، ومحطات سياحية، وبنيات لوجيستيكية، وحظائر تكنولوجية، وسدود، ومحطات حرارية، وسكك حديدية.

وقال الفاسي ان المغرب في حركية دائمة وان اقتصاده ينفتح على محيطه العربي الأفريقي والأورومتوسطي والعالمي، كما أشار إلى «الوضع المتقدم» الذي أحرز عليه المغرب في علاقاته مع الاتحاد الأوروبي، مذكرا كذلك بالإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز الإطار الاقتصادي والمالي، وإلى عصرنة الإطار القانوني والمؤسساتي المتعلق بالمعاملات والاستثمار، بالإضافة إلى انخراطه في عصرنة مجتمعه وترسيخ دولة القانون وتوسيع مجال الحريات العمومية، وإرساء المساواة بين المرأة والرجل، وتعزيز آليات الحكامة الجيدة، وإصلاح منظومة التربية والتكوين، وعصرنة الجهاز القضائي، وكذا العمل على تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، مشيرا إلى أن كل هذه المنجزات والأوراش من شأنها أن تجعل من المغرب منارة جهوية ومجالا خصبا لإبرام الصفقات والمعاملات في المجال المالي والاستثماري.

وأضاف الفاسي أن المملكة المتحدة تعد شريكا اقتصاديا وماليا مهما للمغرب، وتحتل المرتبة الرابعة في مجال المبادلات التجارية للمغرب، والمرتبة الثالثة من حيث توافد السياح عليه، إذ انتقل عدد السياح البريطانيين من 134 ألفا سنة 2003 إلى 340 ألفا سنة 2007. وعلق اللورد عمدة لندن سيتي على تطور المبادلات التجارية بين المملكة المتحدة والمغرب بالقول ان الواردات والصادرات بين البلدين تنمو من سنة لأخرى إلا أن هناك إمكانية حقيقية لتطوير المبادلات بين الطرفين.

وفي معرض حديثه عن الأزمة المالية العالمية، أكد عمدة حي المال والأعمال أن المملكة المتحدة تواجه تحديات وأوقات عصيبة، في ظل ظرفية الأزمة العالمية وتداعياتها. وقال «نتوقع أن نجتاز خلال 2009 و2010 سنتين صعبتين للغاية. فقد ارتكبنا، مثل باقي الدول الأخرى، بعض الأخطاء إذ أن ما بدأ كأزمة محدودة تهم قطاعا غير منظم في الاقتصاد الأميركي، تطور وامتد بشكل كبير ليهاجم كل الاقتصاد العالمي، غير أننا نرى في الأزمة الاقتصادية العالمية فرصة لخلق مستقبل أقوى وأنجع لقطاعنا المالي والمهني، وسنعمل كل ما بوسعنا لكي نصبح، بعد الخروج من مرحلة الركود، في المستوى المطلوب كأحد المراكز المالية الرائدة في العالم». وأضاف لودر أن المملكة المتحدة بصدد مراجعة تنظيم وتقنين الخدمات المالية، والعمل في اتجاه تعزيز التعاون الدولي في مجال معايير التقنين والمحاسبة. ويقول اللورد في هذا الصدد «تريد المملكة المتحدة تقنينا وتنظيما صارما لكن متناسبا في الوقت ذاته، ويكون معتمدا على تنظيم المجازفة وليس على إلغائها. يجب على البنوك وباقي المستثمرين أن يكونوا واعين بالمجازفة التي يقومون بها. فلا بأس من الاقتراض الحذر، أما عدم الاقتراض البتة فهو أمر غير جيد. فالشعار الذي يجب اعتماده هو الشفافية».

وأضاف لودر، الذي يرافقه في هذه الزيارة وفد اقتصادي ومالي كبير، «نحن مهتمون بمعرفة مدى تأثير الأزمة العالمية على المغرب. ونود تقاسم تجربتنا معكم وتحديد أين يمكن لبلدينا أن يشتغلا معا»، وقال «إن العديد من الشركات المتمركزة بالسيتي، (حي المال والأعمال اللندني)، مهتمة بربط علاقات مال وأعمال مع المغرب، وبالتالي فخلال زيارات مثل هذه يتم ربط علاقات مهمة على المستويين الدبلوماسي والتجاري والاقتصادي».

كما عبر لودر عن استعداد «لندن سيتي» لدعم مدينة الدار البيضاء ومساعدتها على تحقيق طموحها كمركز مالي جهوي في منطقة شمال وغرب أفريقيا.