صناديق الاستثمار تعاني «أزمة ثقة» وتخفض نسبة تداولاتها في سوق الأسهم السعودية

مديرو محافظ لـ «الشرق الأوسط» : هناك شريحة من الشركات والمدخرات لم تدخل وتوقعات باقتناص تذبذبات 2009

يعمل في السعودية حاليا قرابة 274 صندوقا ساهم فيها قرابة 386 ألف مستثمر تبلغ حجم أصولها 97.2 مليار ريال (أ.ف.ب)
TT

قلل مديرو محافظ مالية من وضع الصناديق الاستثمارية المتراجع حاليا في السوق المالية السعودي، إذ رأوا أنها نجحت من تقليص خسائرها ورفع مستوى أدائها إلى المؤشر العام لسوق الأسهم بين 30 و40 في المائة، مفصحين في الوقت ذاته إلى تطلعهم للاستفادة من وضع السوق المتذبذب خلال العام 2009.

وكشفت البيانات الرسمية الصادرة عن شركة السوق المالية السعودية (تداول) في آخر إحصائية لها لشهر ديسمبر (كانون الأول) المنصرم أن حجم تداولات صناديق الاستثمار التابعة للشركات المالية لم يتجاوز واحدا في المائة للبيع بقيمة 776 مليون ريال (206.9 مليون دولار)، بينما بلغت نسبة استحواذ عمليات الشراء من سوق الأسهم 1.3 في المائة بقيمة 971 مليون ريال من أصل إجمالي 76.4 مليار ريال (20.3 مليار دولار)، ما يكشف بوضوح عن انخفاض الدور المأمول أن تقوم به تلك الصناديق التي تدار باحترافية ومهنية عالية في السوق.

وقال لـ«الشرق الأوسط» راضي الحداد، الرئيس التنفيذي لشركة «صائب بي إن بي باريبا» للاستثمار، إن وراء ضعف حركة الصناديق الاستثمارية خلال المرحلة الحالية رغبة عارمة للكثير من المتداولين لإدارة أموالهم في سوق الأسهم بأنفسهم بعد أن توفرت لهم من خلال الإنترنت فرصة متابعة محافظهم وتعرفوا على آليات البيع والشراء، على الرغم من عدم معرفة التحليل الفني أو المالي.

ولفت الحداد إلى أن شريحة واسعة اتجهت إلى تسييل محافظها وبالتالي ألقت بآثارها السلبية على صناديق الاستثمار العاملة لمستويات متدنية جدا. أما عبد الحميد العمري، وهو مصرفي ومحلل اقتصادي سعودي، فقد أعاد تقهقر أداء الصناديق وانخفاض تأثيرها على الوضع العام لسوق الأسهم لسببين، الأول يعود إلى زيادة طلبات الانسحاب التي زادت من وطأتها على خفض أصول الصناديق، والثانية الخسائر والانهيارات التي تعرض لها السوق بقوة خلال السنوات الماضية وحتى العام المنصرم.

ولفت العمري إلى أن الرابط قوي جدا بين انخفاض المؤشر العام لسوق الأسهم وانخفاض أصول الصناديق، ولكن ذلك لا يمنع من التأكيد على صمود تلك الصناديق بكل إمكانياتها نتيجة ضغط انهيارات السوق وانخفاضاتها العنيفة وزيادة طلبات الاسترداد، بل نجحت شريحة واسعة منها، على الرغم من الخسائر، في تحقيق فارق بين خسارة المؤشر إلى خسائر الصناديق بنسب ملموسة جدا يدركها المختصون.

وشدد العمري على ضرورة إدراك أن انخفاض مؤشر سوق الأسهم السعودي كان عنيفا مقارنة بالأسواق العالمية المتأثرة من أزمة الأسواق العالمية، حيث جاء متوسط خسائرها بين 25 و40 في المائة مقابل 57 في المائة لسوق الأسهم على الرغم من توفر عوامل الاستقرار السياسي والاقتصادي وتطور السياسيات المالية والنقدية، لافتا أن ذلك لا بد أن يكون في اعتبارات المحللين لوضع الصناديق الاستثمارية.

ويرى العمري أن سياسة الاكتتابات المتتالية ساهمت في الضغط على سوق الأسهم وبالتالي الصناديق الاستثمارية حيث سحبت ما يقدر بنحو 80 مليار ريال خلال العام الماضي، بينما كان النصف الثاني مليئا بالأحداث التي زادت هبوط سوق الأسهم، منها إدراج المؤشر الحر، والكشف عن كبار الملاك، والأزمة المالية العالمية وغيرها.

وخلص العمري في تحليله لموقف الصناديق الاستثمارية، إلى أن تلك الأسباب خارجة عن إرادة مديري المحافظ والصناديق، ولا يمكنهم مهما بلغوا من إمكانيات وقدرات على خلق الربح في سوق هابط، مقابل خيار وحيد هو تقليل حجم الخسائر بنسب تصل بين 35 و 40 في المائة إلى المؤشر العام.

ويعمل في السعودية حاليا قرابة 274 صندوقا منها 44 صندوقا محليا ساهم فيها قرابة 386 ألف مستثمر تبلغ حجم أصولها 97.2 مليار ريال، يتداول 75.2 في المائة منها في سوق الأسهم السعودية بينما يتم تداول أصول 22.1 منها في أسواق خارجية.

أمام ذلك، يرى الحداد مستقبلا واعدا لصناديق الاستثمار خلال المرحلة المقبلة في المديين المتوسط والطويل، إذ يشير إلى أن حجم الاستثمار في الاقتصاد إلى إجمالي الودائع أقل من المعدل الطبيعي وهو ما يعطي إيحاء واضحا بمستقبل قوي لصناديق الاستثمار.

وزاد الحداد حول مستقبل الصناديق بأن هناك شرائح مستهدفة كثيرة لم تدخل سوق الأسهم حتى الآن، وينتظر أن تكون السوق المالية لهم هدفا خلال الفترة المقبلة المتمثلة في بعض الشركات وشرائح من الأفراد إضافة إلى بعض المدخرات.

من جانبه، ينحو العمري تجاه توقعات تذبذب حاد لسوق الأسهم السعودية خلال السنة الحالية من خلال موجة تداولات مضطربة قد تترجح إلى مستوى تداولات بين 6000 وحتى 4000 نقطة وخسارة للمؤشر العام بواقع 15 في المائة، وعليها ينتظر أن تتجه صناديق الاستثمار لاقتناص الفرصة من خلالها للبحث عن مكاسب فعلية.