أميركا: قطاع التجزئة يسجل أكبر تراجع له منذ 1970

المحلات التجارية أعلنت عن أسوأ مبيعات خلال موسم الإجازات

تراجعت مبيعات قطاع التجزئة بنسبة 2.2 في المائة خلال موسم الإجازة («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن العديد من سلاسل المحلات التجارية الاميركية يوم الخميس عن أسوأ معدلات للمبيعات خلال موسم الإجازة على مدار عقود. وتقبل هذه السلاسل على العام الجديد وهي تعاني بشدة، ويحتمل ألا يصمد بعضها. وقد كان لعمليات تسريح الموظفين أثرها البالغ على محلات مثل «شاربر إميج» و«لينينز إن ثنيغس»، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءا خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي قد يفضي إلى إفلاس بعض الأسماء الشهيرة في قطاع التجزئة داخل الولايات المتحدة. لم تكن الأرقام التي وردت يوم الخميس مفاجئة في حد ذاتها، فقد أضر الاقتصاد المتردي، ومعه الزيادة في معدلات البطالة وعواصف الشتاء وعدم وجود معروضات جذابة، بمختلف شركات التجزئة الاميركية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول). وفي يوم الخميس، أورد الكثيرون نسبة مرتفعة للتراجع في المبيعات تتكون من رقمين في المحلات التي تعمل منذ عام على الأقل، في ما يعرف باسم المبيعات المقارنة أو باروميتر تجارة التجزئة. وقد تراجعت مبيعات قطاع التجزئة بنسبة 2.2 في المائة خلال موسم الإجازة، وتعد هذه أكبر نسبة تراجع منذ عام 1970 على الأقل، حسبما أظهره المجلس الدولي لمراكز التسوق. وتراجعت المبيعات خلال شهر ديسمبر بنسبة 1.7 في المائة، ويأتي ذلك بعد تراجع أكبر سجلته حركة البيع في السلاسل التجارية خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) ووصلت نسبته إلى 2.7 في المائة، حسبما يفيد به المجلس. وكان من المتوقع أن تبلغ هذه الأرقام معدلات أسوأ، سوى ما يتعلق ببعض الأصناف المهمة مثل الأطعمة والمشروبات، حيث كانت الاحتمالية أقل في قيام المستهلكين بتقليل عمليات الشراء. وعلى الرغم من الوضع الصعب خلال شهري نوفمبر وديسمبر، فقد كان لدى المواطنين أسباب تدفعهم للتسوق خلال هذه الأشهر، ويقول محللون مختصون بتجارة التجزئة إنه خلال الشهرين المقبلين قد يكون الأمر أكثر صعوبة. ويقول بيل برهر، وهو محلل بارز في ديوتش بنك للأوراق المالية، «على الرغم من أن محلات الملابس هي الأفضل حالا، فإن هذه السلعة ستعاني في سوق لا يرغب مستهلكوه في الإنفاق». وقد ارتفع عدد شركات التجزئة الاميركية التي قدمت طلبات لحمايتها من الإفلاس خلال العام الماضي، وتعاني هذه السلاسل التي تتضمن «سيركيون سيتي» و«كايه بي تويز» و«مرفينز» و«بوسكوفز» و«ستيف آند بيريز» و«شاربر إيميج»، من مشاكل بارزة. ومن المحتمل أن تضم الموجة المقبلة من طلبات الحماية من الإفلاس محلات أداؤها جيد في الكثير من الاتجاهات، ولكنها تعاني من الديون الكبيرة، ومعه التراجع في المبيعات الذي تسبب فيها الركود. ويقول مارشال كوهين، وهو محلل بارز في مجموعة إن بي دي، «نحن على مشارف أسوأ ثلاثة أشهر». وأضاف، «خلال أيام الإجازة، ينبغي على المستهلكين شراء شيء ما، ونحن الآن في مرحلة ما بعد أيام الإجازة، حيث يشتري المستهلكون بناء على رغباتهم وليس ما يحتاجون. وسوف تبلغ الأرقام معدلات أسوأ قبل أن تتحسن».

ويشير اتحاد تجار التجزئة القومي إلى أن شهر يناير يشهد في المعتاد تراجعا في مبيعات تجار التجزئة، ويحمل التراجع في مبيعات شهر ديسمبر دلالة أكبر من حدوث تراجع كبير خلال يناير، لأن المبيعات في شهري نوفمبر وديسمبر تمثل 25- 40 في المائة من المبيعات السنوية لدى العديد من تجار التجزئة. ومع ذلك، قد لا تتحمل بعض المحلات تراجعا في إقبال المستهلكين خلال الشهر الجاري، وقد قام الكثيرون ببيع بضائع الكريسماس بأسعار منخفضة، الأمر الذي ساعدهم على تقليل البضائع الموجودة لديهم وزيادة المبيعات المقارنة، ولكن قد يكون ذلك قد قلل من هامش الربح. وفي الواقع، أعلنت بعض محلات التجزئة مثل «ساكس» و«نوردستورم» و«ماسيس» و«تارغت» و«غاب» و«جاي كرو» و«باسيفيك سنوير» و«تشيكوس» يوم الخميس أن هامش الربح لديها قد تضرر كثيرا بسبب العروض المخفضة التي قدمتها خلال أيام الإجازات. ولم يلب «وول مارت ستورز»، أكبر محلات التجزئة في العالم، توقعات المحللين، وأعلن عن تخفيض سقف توقعاته المستقبلية، مما يشير إلى أشهر صعبة تلوح في الأفق. وفي ديسمبر، شهدت محلات «وول مارت» زيادة قدرها 1.7 في المائة في المبيعات المقارنة، ليس من ضمنها الوقود، ولكنها أعلنت يوم الخميس أنها تتوقع تحسنا أقل خلال الشهر الجاري، حيث من المتوقع أن تكون هذه المبيعات خلال يناير على نفس المستوى أو بزيادة 2 في المائة. ويقدر توماس ستوي، المسؤول المالي الرئيس بالشركة، عوائد الربع الرابع لـ«وول مارت» بـ91-94 سنتا للسهم، وهذا أقل من التوقعات المسبقة للشركة، التي كانت تتوقع 1.03-1.07 دولار للسهم. وعلى ضوء الوضع الاقتصادي الراهن، لا تأخذ شركة «وول مارت» وشركات التجزئة الأخرى أي أجازة بعد الكريسماس من أجل جذب العملاء. ويقول جون موريس، وهو محلل مالي في وتشوفيا للأوراق المالية، الذي يدرس العروض المخفضة في المحلات التجارية في البلاد، «بدأنا نرى تراجعا في أسعار السلع الخاصة بفصل الربيع في وقت مبكر من العام الجاري، على الرغم من مخزون السلع الأقل. إن هذا الأمر له دلالته».

وللمحافظة على توافد المستهلكين خلال الفترة التي تعقب أيام الإجازة، أعلن «وول مارت» يوم الأربعاء أنه سوف يخفض أسعار السلع التي يمكن أن تساعد المواطنين على المحافظة على لياقتهم وحالتهم الصحية، مثل آلة غولدس جيم التي يبلغ سعرها 297 دولارا (مقابل 327 دولارا) وثماني علب من زبادي يوبليت التي يبلغ سعرها 3.50 دولار (مقابل 4.28 دولار). وتفكر المحلات في طلباتهم لعيد الكريسماس المقبل، التي يجب أن تقدم في وقت مبكر من العام. ولكن هناك شيئا مؤكدا، وهو أنهم سوف يشترون بقدر أقل. ويقول مايكل نيميرا، وهو اقتصادي بارز ومدير البحث بالمجلس الدولي لمراكز التسوق، إن شركات تجارة التجزئة قد قامت خلال عيد الكريسماس الماضي بخفض الأسعار بصورة كبيرة من أجل جذب المتسوقين، ولكن «لم تكن هذه الاستراتيجية كافية، حيث استمر الخوف المتزايد بشأن انعدام الأمن الوظيفي والارتفاع في الإعلان عن تسريح العمال في الحد من رغبة وقدرة العملاء على الإنفاق».

وتكابد المتاجر الكبرى بكافة أشكالها، ومعها العديد من تجار التجزئة المتخصصين. وقد تراجعت المبيعات المقارنة في محلات نيمان ماركوس وغوودمان بنسبة 31.2 في المائة، وانخفضت المبيعات في ساكس بنسبة 19.8 في المائة. يذكر أن هذه السلاسل التجارية كانت قد حسنت من مبيعاتها المقارنة خلال شهر نوفمبر، ولكنها لم تتمكن من المحافظة على ذلك في ديسمبر. وفي نوردستور، تراجعت المبيعات بنسبة 10.6 في المائة، على الرغم من أن ذلك أفضل من التراجع الذي كان في نوفمبر، الذي بلغ 15.9 في المائة. وقد تراجعت مبيعات تجار التجزئة داخل المراكز التجارية بنسبة كبيرة جدا، ومن بينها أبركرومبي آند فيتش بنسبة تراجع 24 في المائة وأميركان إيجل أويتفيترز (17 في المائة) وكاب (14 في المائة) وويت سيل (12.5 في المائة) وشيكو (12.4 في المائة) وزوميز (12.3 في المائة) وليميتد براندز وباسيفيك صنوير أو كاليفورنيا (10 في المائة لكل منهما). وقد تراجعت مبيعات ديسمبر بنسبة 8.1 في المائة في جاي سي بني ونسبة 7.3 في المائة في سيرز هولدنغز كوربريشين و5.8 في المائة في بون تون و5 في المائة في ديلاردز و1.4 في المائة في كوهلز. وأعلنت سلسلة مرسيس يوم الخميس أنها سوف تغلق 11 محلا، على الرغم من أن مسؤولها التنفيذي تيري لوندغرن قال في تصريح إن عمليات الإغلاق تأتي «في إطار عملية تقليدية نتخلص فيها من الأماكن غير الجيدة كل عام». وقد شهدت المبيعات المقارنة في السلسلة تراجعا قدره 4 في المائة خلال ديسمبر. وحافظت المحلات التابعة لـ «تي جاي إكس كامبنيز وروس ستورز وتشلدرنز بلاس» على نفس مستوى المبيعات. ومع ذلك، فقد كان الوضع مختلفا مع بعض محلات التجزئة المتخصصة، فقد ارتفعت المبيعات بنسبة كبيرة في محلات التجزئة لملابس المراهقين حيث شهد باكل زيادة 13.5 في المائة وأروبوستال 12 في المائة، بالإضافة إلى زيادة 4.3 في المائة في مبيعات هوت توبك، التي تبيع سلعا استوحتها من فيلم مصاص الدماء «تويليت». كما كان الوضع جيدا مع منافس «وول مارت» «بي جايز هول سال كلب» خلال شهر ديسمبر، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 5.9 في المائة، من دون إدراج مبيعات الوقود. وتراجعت المبيعات في تارغت وكوستكو هول سال بنسبة 4.1 و4 في المائة على التوالي. ومن الأمور السارة في الوقت الحالي، هو أن التراجع في مبيعات محلات التجزئة قد تباطأ نوعا ما بنهاية ديسمبر. ويقول مايكل ماك نامارا، نائب الرئيس المسؤول عن الأبحاث والتحليلات في سبندنغ بلاس إنه في الأسبوع الجاري ساعدت الأسعار الأقل للبترول والتخفيضات الكبيرة والطقس الأكثر جفافا على استقرار التراجع في المبيعات. ومع ذلك، لا يتوقع المحللون استمرار ذلك، ويقول دين هيلير، وهو شريك ومتخصص في شؤون شركات التجزئة بـ«آيه تي كارني»، وهي شركة تقدم استشارات إدارية، إن الزبائن لم تعد لديهم الرغبة الكبيرة في إنفاق الكثير. وأضاف، «سيزداد هذا الأمر خلال الفترة المقبلة».

* خدمة «نيويورك تايمز»