المغرب: «المكتب الشريف للفوسفات» يفتح رأسماله لـ«البنك الشعبي المركزي»

بهدف مواكبة تحقيق مشاريع كيماوية ضخمة في منطقة الجرف الأصفر

TT

تم أمس في الرباط، التوقيع على اتفاقية شراكة استراتيجية بين «البنك الشعبي المركزي» المغربي و«المكتب الشريف للفوسفات»، وهو الهيئة العمومية التي تحتكر استغلال معدن الفوسفات بالمغرب. وأعلن وزير المالية المغربي صلاح الدين مزوار أن التقارب بين المؤسستين سيتم عبر أخذ مساهمات متشابكة في رأسمال بعضهما، إذ سيأخذ «البنك الشعبي المركزي» حصة 5.88 في المائة من رأسمال «المكتب الشريف للفوسفات» بقيمة 5 مليارات درهم (625 مليون دولار)، فيما سيأخذ «المكتب الشريف للفوسفات» حصة 6.62 في المائة من رأسمال «البنك الشعبي المركزي» بقيمة 1 مليار درهم (125 مليون دولار).

وتشكل هذه العملية سابقة، إذ تعتبر المرة الأولى التي تفتح فيها الدولة رأسمال «مكتب الفوسفات» أمام مساهم آخر غير خزينة الدولة. وأوضح المزوار أن عملية فتح رأسمال «المكتب الشريف للفوسفات» تمت في إطار الزيادة في رأسمال المؤسسة وليس عبر بيع أسهم من طرف خزينة الدولة، مشيرا إلى أن العملية تكتسي طابعا استراتيجيا وليست عبارة عن عملية تخصيص يراد بها تمويل خزينة الدولة. وأضاف المزوار أن هذه العملية تأتي في إطار استراتيجية إعادة هيكلة «المكتب الشريف للفوسفات»، والذي يعتبر أكبر فاعل في مجال استغلال وتسويق الفوسفات في العالم بحصة 45 في المائة من الصادرات العالمية للفوسفات الخام و12 في المائة من المخصبات الزراعية المشتقة من الفوسفات، إضافة إلى مراقبته لأزيد من 50 في المائة من الاحتياطي العالمي للفوسفات. ومن جهته قال مصطفى التراب، الرئيس المدير العام لمكتب للفوسفات، إن هذه الاتفاقية تأتي في سياق سعي المكتب إلى تسريع وتيرة إنجاز مخططه التنموي الذي يستهدف استثمار 32 مليار درهم (4 مليارات دولار) موزعة بين تطوير النشاط المنجمي ونقل المعدن وتطوير مركب صناعي كيماوي ضخم في منطقة الجرف الأصفر. وأوضح التراب أن المكتب يهدف إلى زيادة إنتاجه من الفوسفات الخام من 28 مليون طن حاليا إلى 55 مليون طن في 2020، وذلك عبر فتح 4 مناجم جديدة في مناطق خريبكة وبنجرير، مضيفا أن هذا التوسع الذي يهدف إلى استباق زيادة الطلب العالمي على المخصبات سيكلف استثمارا بقيمة 14 مليار درهم (1.75 مليار دولار).

وفي مجال النقل أوضح التراب أن المكتب قرر إدخال تقنية نقل المعدن الخام من مناطق الإنتاج في وسط البلاد إلى المنطقة الصناعية وميناء التصدير في الجرف الأصفر جنوب الدار البيضاء عبر الأنابيب، بدل قطارات السكة الحديدية. وأبرز التراب «إن الاستثمار في هذا النمط الجديد من النقل، سيكلفنا نحو 6 مليارات درهم (750 مليون درهم)، وسيمكننا من تحقيق اقتصاد كبير في تكلفة النقل بالمقارنة مع النقل عبر القطار». أما المشروع الصناعي «للمكتب الشريف للفوسفات»، فيتمحور حول تطوير منطقة الجرف الأصفر الصناعية وإعدادها لاستقبال 10 وحدات صناعية جديدة في مجال صناعة الأسمدة والمخصبات الفوسفاتية. وأوضح التراب أن المكتب يعتزم استثمار 12 مليار درهم (1.5 مليار دولار) في إعداد البنية التحتية لاستقبال هذه الوحدات الصناعية التي سينجزها مستثمرون دوليون بالمنطقة.

وأضاف التراب «نتوقع نموا قويا للطلب على المخصبات خلال السنوات المقبلة، ونتوقع إقدام الفاعلين الدوليين الكبار على إنجاز استثمارات كبيرة في هذا المجال، لذلك نحن نستعد لاجتذاب أكبر قدر من تلك الاستثمارات عبر إعداد بنية تحتية عالية الجودة وتثمين مزايانا، خصوصا منها القرب من مواقع إنتاج المعدن الخام وتوفيره بأفضل الشروط وأقل تكلفة».

وأوضح التراب أن 16 صناعيا كبيرا في مجال المخصبات الكيماوية من أميركا وأوروبا وآسيا، أبدوا اهتمامهم بعرض المكتب، وعبروا عن استعدادهم للاستثمار في منطقة الجرف الأصفر شريطة توفر إمكانيات تمويل محلية. وأضاف أن الاستجابة لحاجيات المستثمرين المحتملين وتوفير إمكانية المواكبة المالية لمشاريعهم كانت من بين العناصر الأساسية لاتفاقية التعاون الاستراتيجي بين «المكتب الشريف للفوسفات» و«البنك الشعبي المركزي». وقال التراب إن المكتب، حقق إنجازا استثنائيا خلال العام الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار الفوسفات ومشتقاته، والتي تضاعفت 4 مرات بعد أن ظلت راكدة لمدة 30 سنة. وأشار إلى أن رقم معاملات المكتب ارتفع إلى 55 مليار درهم (6.9 مليار دولار) في سنة 2008، وتجاوزت الأرباح الصافية 3 مليارات درهم (375 مليون دولار). غير أنه توقع أن تعرف سنتا 2009 و2010 ظرفية صعبة نتيجة تراجع الطلب الزراعي على المخصبات بسبب انكماش القروض الموجة للقطاع على خلفية الأزمة المالية. وأضاف التراب أن الأسعار العالمية للفوسفات ومشتقاته بدأت تتراجع، وهبطت بنحو 40 في المائة، غير أنه توقع أن يعود الطلب للنمو قريبا لكون قطاع المخصبات يرتبط بالإنتاج الغذائي. ومن جهته أوضح محمد بنشعبون، رئيس «البنك الشعبي المركزي»، أن اتفاقية التعاون الإستراتيجي مع «المكتب الشريف للفوسفات» تندرج في سياق التوجهات الاستراتيجية للبنك نحو التنويع والتوسع.

وقال بنشعبون إن «البنك الشعبي المركزي»، الذي يشكل الهيئة المركزية لمجموعة البنوك الشعبية المغربية، يتمتع بقاعدة مالية ومصرفية صلبة من خلال حصة 25.22 في المائة من الودائع المصرفية في المغرب، وحصة 22 في المائة من القروض المصرفية، وحصة 54 في المائة من تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج. كما يملك البنك أكبر شبكة وكالات في المغرب ويبلغ عدد زبنائه حوالي 3 ملايين شخص.

وأشار بنشعبون الى أن «البنك الشعبي»، وهو مدرج في بورصة الدار البيضاء، يسعى إلى التوسع في مجموعة من المهن المالية وشبه المالية في المغرب، واضعا كهدف بلوغ حصة 20 في المائة من السوق في القطاعات التي يستهدفها، وذلك عبر شراء شركات وأخذ مساهمات في شركات رائدة في مجالاتها.