رشيد: قمة الكويت تهدف إلى إحداث نقلة في العمل الاقتصادي العربي

وزير التجارة والصناعة المصري: من غير المناسب الحديث عن إلغاء اتفاقية الغاز أو «الكويز» مع إسرائيل

رشيد محمد رشيد (تصوير: عبد الله السويسي )
TT

أكد وزير التجارة والصناعة المصري رشيد محمد رشيد، أنه من غير المناسب الحديث عن إلغاء اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل وإلغاء اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز»، مشيرا إلى أن البعض يترك المشكلة الأساسية وينظر إلى موضوعات أخرى. وأكد أن هناك مزايدات على الموقف المصري، في حين أن البعض لا يتحرك لمساعدة أهالي غزة. وأكد رشيد أن الحكومة المصرية، تعاملت بسرعة مع الأزمة المالية العالمية من خلال حزمة من الإصلاحات، مشددا على أن الحكومة لديها سياسة مرنة، تراجع سياستها كل شهرين وتتعامل معها. ولم يستبعد رشيد في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة انخفاض نسبة النمو عن 5.5 في المائة، مشيرا إلى أنه لا توجد دولة تستطيع أن تحدد مؤشراتها الاقتصادية، في ظل الأزمة العالمية، وقال إن نسب النمو ستكون متأثرة بالوضع العالمي، ونحن نعيد حساباتنا كل أسبوع أو أسبوعين. وأشار إلى أن الحكومة لا تتدخل في السياسات النقدية التي يقرها البنك المركزي، مشيراً إلى دعوات للمطالبة بخفض قيمة الجنيه وخفض قيمة الاقتراض، وقال إن البنك المركزي له ضوابط معينة، لا تحددها الحكومة. وفيما يلي نص الحوار:

> مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة تصاعدت المطالبات، بإلغاء تصدير الغاز إلى إسرائيل وإلغاء اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز» فكيف ترون ذلك الطرح؟

ـ البعض يترك المشكلة الأساسية وينظر إلى موضوعات أخرى، وذلك في إطار مزايدات على الموقف المصري ليس أكثر ولا أقل. فالمشكلة الحالية تكمن في وضع على الأرض في غزة، فهناك أطفال وأبرياء يقتلون كل يوم وكل ساعة، والاتفاقية سواء قمنا بإلغائها أو استمرارها، هل ستحل المشكلة، فالمنطقة ظلت مقاطعة لإسرائيل لأكثر من 30 سنة، وماذا استفادت، فلا نأتي الآن ندعي أن اتفاقية ما أو موقفا ما سيؤديان إلى تغيير الموقف. > يعني هذا أن إلغاءها ليس مطروحا؟ ـ التركيز الآن على ما ينقذ الموقف الحالي، وأي تحرك من شأنه أن يؤثر مباشرة على الوضع في غزة، ووقف إطلاق النار سنقوم به على الفور، ولكننا لسنا مستعدين للقيام بشيء ليس له تأثير. > إذن ما هي الأولوية الآن؟

ـ البعد الإنساني له الأولوية، فمصر حاولت تخفيف آثار الأزمة، وموقف مصر من القضية الفلسطينية كان واضحا من البداية، وحدده الرئيس حسني مبارك في كلمة قوية في بداية الأزمة، فالمبادرة المصرية هي الوحيدة الموجودة على الساحة الآن وتحظى بتأييد دولي، إضافة إلى المبادرة الإنسانية وهي أيضا الوحيدة على الساحة. المشكلة أننا نواجه تحديا كبيرا في غزة، ما قامت به مصر هو التحرك العملي. > مع اقتراب القمة الاقتصادية، الكل خفض من سقف توقعاته بالنسبة للقمة، وكان آخرهم الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، فما هي التوقعات المصرية من القمة؟

ـ هذه القمة من أكثر القمم التي تم الإعداد لها وهي الأولى من نوعها، فهي تركز على الأوضاع الاقتصادية، وتم الإعداد لها على مدى أكثر من سنة، من خلال مجموعات وزارية في إطار الجامعة العربية وخرجت اللجان المشكلة بتوصيات وأوراق وجدول أعمال لهذه القمة، فالقمة تهدف إلى إحداث نقلة في العمل الاقتصادي العربي. لكن ما حدث في غزة سيلقي بآثاره على القمة، لكن من وجهة نظري يجب عدم إهمال الجانب الاقتصادي، فالمعركة الحقيقية هي معركة الاقتصاد ومعركة التنمية، وجزء من حل مشاكلنا السياسية ومنها القضية الفلسطينية يكمن في قوتنا الاقتصادية.

لا يمكن تجاهل الملف الاقتصادي، فهو أهم سلاح في أيدي العرب، وبالتالي يجب بناء رؤية جديدة وثقافة جديدة، تقوم على البعد الاقتصادي.

وهو جانب في غاية الأهمية، وهو الذي سيعطينا الأدوات التي نستطيع العمل بها في السياسة وليس العكس، والدول الفقيرة أو ذات تأثير اقتصادي محدود لا يمكنها فرض رأيها. ولنكن واقعيين، الدول العربية ليست في وضع اقتصادي يسمح لها بأن تكون قوة اقتصادية عالمية، تستطيع أن تفرض نفسها على الساحة السياسية العالمية. > هل هناك طرح مصري معين؟

ـ لا، إننا سنسعى لتجميع الرؤى المختلفة، والتركيز على بعض الأمور التي تؤدي إلى الرفع من قدرة التعامل العربي الاقتصادي الموحد، وسنركز في الفترة المقبلة على مزيد من حرية انتقال الأفراد، وانتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال، وهي أمور تحقق نقلة نوعية في العمل العربي الاقتصادي المشترك.

ونحن حققنا تقدما في هذا المجال، خلال السنوات الماضية، شاهدنا مزيدا من الاستثمارات والتجارة البينية، وهناك الكثير من الشركات العابرة لدولها، هذا شيء إيجابي ونريد المزيد منه.

نحن في الحقيقة نهدف لرؤية نتائج كل ذلك خلال 10 إلى 20 سنة، وهناك تجارب ناجحة مثل مجلس التعاون الخليجي، استطاع أن يزيل الكثير من العوائق بين دوله، ويتحدثون الآن عن عملة موحدة، فكيف نستفيد من كل تلك الأمور. > كيف يحدث هذا، وهناك معارضة عربية لبعض تلك الأمور مثل معارضة التوحيد الجمركي؟ ـ أولا، يجب أن يكون هناك اقتناع حقيقي، وتوجيه سياسي واضح وهذه قيمة القمة، فلو أردنا الحديث عن سوق عربية مشتركة واقتصاد منطقة عربية، فيجب أن يكون هناك التزام في كل الدول، ويجب أن يكون هناك اتفاق على هدف واحد في النهاية. > هل ستكون هناك دورية للقمة الاقتصادية على غرار القمة العربية؟

ـ لا، ولكن مصر كانت قدمت اقتراحا بأن تعقد قمة ثانية تستضيفها مصر في العام 2011 وتمت الموافقة عليه، وستكون هناك آلية لمتابعة تنفيذ ما ستسفر عنه قمة الكويت.

> إلى أي مدى تستطيع الاستثمارات العربية الخروج بالمنطقة بأقل تأثر من الأزمة المالية العالمية؟ ـ التأثر سيكون كبيرا بدون شك.. فالأزمة المالية ساعدت على زيادة الاستثمارات العربية المشتركة؛ لأن جزءا من حل الأزمة المالية، هو مزيد من الاستثمارات المحلية والإقليمية، وهو ما حدث. فمصر أعلنت زيادة الاستثمارات الحكومية، ولكن الاستثمارات المحلية لها حدود والخطوة التي تليها هي الاستثمارات الإقليمية.

> ما هي فرص الاتحاد من أجل المتوسط في ظل الأزمة المالية العالمية؟

ـ الفرص إيجابية، ففي الأزمات العالمية نسعى للعمل معا، وبالتالي النتيجة أفضل، من خلال عمل جماعي، وهو الأمر الوارد في العمل العربي أو العمل في إطار الاتحاد من أجل المتوسط.

> بعض رجال الأعمال المصريين رأوا أن الحكومة لم تقم بدورها كما يجب في مساعدة القطاع الخاص على تخطي الأزمة المالية؟

ـ الحكومة المصرية كانت من أسرع الحكومات في التعامل مع الأزمة، وبالفعل قدمت حزمة من الإصلاحات، وبالتأكيد هناك آراء مؤيدة ومعارضة لها منها: زيادة الاسثمارات الحكومية، دعم المنتجين والمصدرين، ودعم الاستثمارات الفورية، وهذه الحزمة بقيمة 15 مليار جنيه لمدة 6 شهور. وهناك بعض الآراء تريد أكثر من ذلك، وكل حكومة لها إمكانية معينة تستطيع أن تعمل فيها، فلا توجد حكومة تعطي حلولا للجميع، فالصين على سبيل المثال أغلق فيها 68 ألف مصنع، والحكومة لديها سياسة مرنة، فهي تراجع سياستها كل شهرين ونتعامل معها.

> بعض رجال الأعمال طلب تخفيض قيمة الجنيه وتخفيض الفائدة على الاقتراض للمساعدة على دعم القطاع الخاص؟

ـ رغم احترامنا لتلك الآراء، فإن الحكومة المصرية لا تتدخل في السياسة النقدية، وجزء من الإصلاح الاقتصادي ونجاح الإصلاح الاقتصادي هو استقلالية البنك المركزي، وأن تكون مسؤولية البنك المركزي هي السياسة النقدية، المرتبطة بالفوائد وسعر العملة فالقرار ليس قرار الحكومة، والبنك المركزي شرح موقفه وقال إن له ضوابط معينة، فالتضخم هو المحور الأساسي في تحديد سعر الفائدة. > كنتم تحدثتم قبل ذلك عن نمو فوق 6 في المائة، يجعل الحكومة تحقق ما تستهدفه من توفير وظائف، كيف سيكون الوضع مع إعلان وزير التنمية الاقتصادية بأن النمو سيكون 5.5 في المائة؟ ـ لا توجد دولة تستطيع أن تحدد مؤشراتها الاقتصادية، في ظل الأزمة العالمية، فالنمو مرتبط بعدة أمو، صادرات وسياحة واستثمارات واستهلاك محلي، وهذه أمور ليست مرتبطة بالوضع المصري فقط، وإنما تتأثر بالعالم، وبالتأكيد ستكون نسب النمو متأثرة بالوضع العالمي، ونحن نعيد حساباتنا كل أسبوع أو أسبوعين. > كيف ستسعى الحكومة لتقليل التأثير على زيادة البطالة، بالنظر إلى تخلي بعض المصانع عن عمالها في الفترة الأخيرة؟

ـ الحكومة تحركت، وتدخلت وأعلنت أنها ستضخ أموالا لزيادة الاستهلاك المحلي وإعطاء دعم لزيادة التصدير، ولا يوجد مصنع يريد أن يستغني عن عماله. > قانون منع الاحتكار.. قلتم إن تعديل العام الماضي لن يكون الأخير، فهل سيدخل تعديل جديد؟

ـ بالتأكيد.. > لماذا لم يخرج تقرير جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية عن الاحتكار في الحديد؟ ـ هذا قرار الجهاز.. وليس قرار الوزير، رغم أنه يتبع لي، وهذا الجهاز غالبية أعضائه ليسوا في الحكومة، ومجلس إدارة الجهاز هو من يحدد ما يتخرج، ولا يجوز للوزير أن يتدخل في أموره.

> بالعودة إلى الأسعار.. لماذا لا تكون الاستجابة في انخفاض الأسعار بنفس استجابتها عندما ترتفع عالميا؟ ـ خلال الأشهر الماضية، حدث انخفاض بالفعل، وعلى أرض الواقع، في السلع الغذائية والسلع المعمرة، فسعر الأرز انخفض وكذلك سعر الزيت وسعر الدواجن، وهذه أمثلة بسيطة، فالزيت انخفض من 13 إلى 4 جنيهات.