تباطؤ حاد للنمو الاقتصادي في الصين.. وتوقعات بمزيد من التراجع بسبب الأزمة العالمية

رغم أنه هبط إلى 9% عام 2008 إلا أنه يبقى جيداً مقارنة بالاقتصادات المتقدمة

TT

تراجع نمو الاقتصاد الصيني الى دون عتبة 10% خلال عام 2008 للمرة الاولى منذ ست سنوات بعدما تباطأ بشكل كبير خلال الفصل الرابع متأثراً هو ايضا بالأزمة المالية العالمية. وبعد خمس سنوات متتالية من النمو الذي يفوق 10%. وبعد 13% عام 2007، سجل نمو اجمالي الناتج المحلي في ثالث اقتصاد عالمي العام الماضي 9% على ما اعلن مكتب الاحصاءات الوطني أمس الخميس. وكانت آخر نسبة نمو دون 10% قد سجلت عام 2002 وبلغت 9.1%. لكن نسبة النمو المسجلة في الصين تبقى جيدة جداً مقارنة بالاقتصادات التي تعاني من الانكماش لكنها تعكس تباطؤاً مفاجئاً في الاقتصاد في الاشهر الاخيرة. فبعد معدل نمو 9% في الفصل الثالث، تراجعت النسبة الى 6.8% في الفصل الرابع. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن يو يوخياو المحلل لدى «شنغهاي سكيورتيز» قوله «انها عملية هبوط عسيرة». واضاف ان «الانكماش مرجح كثيرا عام 2009» بسبب توقع «تراجع اضافي في الاستهلاك والصادرات عام 2009» وتراجع التضخم الى 1.2% في ديسمبر (كانون الاول). واضاف ان «الانكماش ليس امرا غير عادي في الدورات الاقتصادية لكنه يأتي بسرعة هذه المرة وسيكون لها انعكاس اكبر على الاقتصاد». وتعتبر الحكومة ان المسؤول عن هذه النتائج هو الوضع الاقتصادي العالمي. وقال ما جيانتانغ مدير مكتب الاحصاءات الوطني «الأزمة المالية العالمية تتفاقم وتنتشر مع انعكاس سلبي على الاقتصاد الوطني». ومن انعاكسات الازمة، تراجع طلب الدول الغربية على الصادرات الصينية التي يعتمد عليها العملاق الآسيوي بشكل كبير. وخلال الشهرين الاخيرين من العام الماضي سجلت هذه الصادرات التي تشهد فورة منذ سنوات، تراجعا بلغ 2.2% ومن ثم 2.8% بوتيرة سنوية. ونتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي، تأثر كذلك الانتاج الصناعي وزاد فقط بنسبة 9.12 % بوتيرة سنوية مقابل 18.5% في 2007. وهذه النسبة كانت لتكون أسوأ لولا التحسن الكبير المسجل في بدايات السنة الماضية، اذ أن الانتاج الصناعي انهار في الاسابيع الاخيرة عام 2008 ليصل الى 5.4% في نوفمبر (تشرين الثاني). وفي ديسمبر قد يكون تراجع ايضا الى 4.1% وفق «جاي بي مورغان». وبعد سنوات من الانتاج المفرط، يبدو ان الصين باتت الآن تعيش على مخزوناتها على حساب الانتاج وتالياً العمالة، مع الاعلان عن اغلاق الكثير من الشركات في الاشهر الاخيرة. وتقول الحكومة ان اكثر من نصف مليون من سكان المدن خسروا وظائفهم في الاشهر الثلاثة الاخيرة من السنة الماضية، وهي ارقام لا تشمل شريحة كبيرة من السكان. ويقول جينغ اولريخ من «جاي بي مورغان» ان الاعتماد على المخزونات قد يستمر و«الانتاج قد يبقى ضعيفا» خلال النصف الاول من عام 2009. وفي هذا الاطار، اعتبر رئيس الوزراء الصيني وين جياباو الاثنين ان عام 2009 سيكون «العام الاصعبَ» على الاقتصاد الصيني منذ مطلع العقد الحالي، داعيا الى اتخاذ اجراءات جديدة. ومنذ نوفمبر تسعى الحكومة الى قلب وتيرة الميل الى التباطؤ ولا سيما من خلال خطة استثمارات واسعة واجراءات ضريبية للعامين 2009 و2010. وستوفر الحكومة 1800 الى اربعة آلاف مليار يوان (455 مليار يورو) ضرورية لهذه الخطة على ان تمول الجزء المتبقي السلطات المحلية وقطاع الشركات. ويعتبر بعض خبراء الاقتصاد ان هذه المبادرات بدأت تعطي نتائجَ. وقال هو يوخياو ان «الاحصاءات الاقتصادية كانت لتكون أسوأ بكثير من دون خطة الاربعة الاف مليار». على صعيد متصل، انخفض الطلب الضمني على النفط في الصين للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر الماضي مع خفض المصافي لانتاجها بأكبر معدل في سبع سنوات ونصف السنة بسبب ضعف الاستهلاك على الرغم من انخفاض أسعار الوقود واجراءات تحفيز الاقتصاد. وانخفض الطلب الضمني ـ وهو حجم النفط الخام المعالج اضافة الى صافي الواردات من ستة منتجات نفطية رئيسية وباستبعاد أي تغيير في المخزونات ـ بنسبة 5.5 في المائة عن مستواه قبل عام بعد تراجعه 3.2 في المائة في نوفمبر. وكان ذلك أول تراجع في نحو ثلاث سنوات وفقا لحسابات رويترز. وأظهرت بيانات رسمية امس ان الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم عالجت 27.17 مليون طن (6.40 مليون برميل يوميا) من النفط الخام في ديسمبر بانخفاض بنسبة 7.4 في المائة بالمقارنة مع ديسمبر من العام السابق وهو أكبر انخفاض منذ منتصف عام 2001. وتؤكد هذه البيانات توقعات سابقة بالخفض.

وتمثل هذه انباء سيئة للاسواق العالمية التي تجاهد لوضع حد لانخفاض أسعار النفط على مدى ستة أشهر ويخشى المتعاملون أن يستغرق الامر بضعة اشهر أخرى قبل أن تبدأ اجراءات حكومية مثل خطة تحفيز اقتصادي أعلنتها الصين بقيمة اربعة تريليونات يوان في دعم الاستهلاك.

من جهة أخرى، أظهرت خطة حكومية لتطوير قطاع الرعاية الصحية أن الصين تعتزم انفاق نحو 850 مليار يوان (124 مليار دولار) على اصلاحات القطاع في السنوات الثلاث المقبلة.