التقدم الاقتصادي لا بد أن يزامنه التقدم في مجالات أخرى أهمها الثقافة والفنون

مدرس التربية الفنية كان حاضرا

وزعت بعض الرسومات لفنانين تشكيليين على مناطق عقد مؤتمر التنافسية، كرسالة الى دور الفنون الجميلة في الأزمة المالية العالمية (تصوير: أحمد يسري)
TT

لم يغب مدرس التربية الفنية عن أحاديث جلسات منتدى التنافسية الدولي الثالث، الذي ينعقد في دورته الحالية تحت عنوان «التنافسية المسؤولة في عالم متسارع الأحداث»، فبحسب المتحدثين في الجلسة الختامية لليوم الأول التي تناولت موضوع «الثقافة والفنون.. وتنافسية الأمم» في المنتدى، فان التقدم الاقتصادي لا بد أن يزامنه تقدم على أصعدة أخرى، أهمها الجانب الثقافي والفني.

وضمن عالم يؤكد أن المستقبل يتمثل في الاقتصاد المعرفي، وعليه لا بد من مراجعة للمناهج التعليمية في مختلف المدن، يظل الحديث عن أهمية الفنون في حياة الحضارات متضاربا في آراء الحاضرين للمنتدى التنافسي السعودي الثالث. فبعضهم يرى أن التطور في مجال الفنون يربط ما بين شعوب كوكب الأرض، وآراء أخرى ترى أن الفنون مجالا منفصلا كلياً عن الاقتصاد، وليس بالإمكان التأثير عليه، وآراء ثالثة تطالب بأهمية المزج بين الاقتصاد والفنون والتطور التكنولوجي للخروج بحضارة فريدة النوع.

ويقول جيمس بريت الخبير الاقتصادي الأميركي في تعليقه على أحاديث الاقتصاد والفن، الذي يعتبر الخلط فيما بينهم ضربا من الغرابة، كون الفن يتعلق بالجوانب الروحانية والاقتصاد بالجانب المادي الصّرف، إن العالم «يهتم بالبناء أكثر من الفن في تطوره الاقتصادي».

ويعتبر الخبير بريت أن أساسات القياس لمستوى السعادة في حياة الإنسان لا يرتكز على الجوانب الثقافية والفنية بقدر ما يركز على «مستوى الدخل الاقتصادي للفرد، فعلى هذا الأساس يقوم معنى الرفاهية في حياة الإنسان».

من جانبه، يرى جيم كليفتون من منظمة غلوب الاقتصادية، والمتخصصة في إصدار الدراسات والتقارير حول أوضاع الأسواق العالمية والتوقعات المستقبلية لها، أن الأساس في ماهية الاقتصاد تُعرف على أنه «عامل متغير»، ولهذا فالتغير يقوم عبر التطور للمناهج العلمية، والوسائل والأدوات الثقافية والفنية.

ويوضح كليفتون «التطور والتغير يأتي عبر المناهج التعليمية التي تخرج لنا أطفالا موهوبين ومبدعين وخّلاقين، فمن خلال الإبداع الذي يتوفر لديهم تكون قدرتهم على الإنتاج المبدع أكبر في المستقبل، ومن هنا لا بد أن نهتم بأستاذ التربية الفنية الذي يساهم في صقل هذه المواهب».

وفي تأكيد، للأكاديمي والاقتصادي كليفتون، على أهمية الفنون والثقافات في حياة عالم اليوم، يستدل مايكل كايسر رئيس مركز جون.ف. كينيدي في الولايات المتحدة الأميركية، ببعض المعارض والمناسبات التي تنظمها حكومات بعض الدول الغربية كالولايات المتحدة على سبيل المثال، لحضارات وفنون دول أخرى، وهي ما وصفها تحت مسمى «الدبلوماسية الثقافية». وأضاف كايسر «خلال الفترة المقبلة تنظم الدبلوماسية الأميركية معرضاً للفنون الإسلامية في واشنطن، وهو مهرجان ثقافي متكامل للحضارة الإسلامية، وهذا مثال على ما تحدث عنه، من أهمية إيمان الاقتصاديين كالسياسيين بالدور الذي تلعبه الثقافة والفنون في حياة الشعوب التي تلعب دورا أكبر من السياسة فعلياً».

وتشير الدراسات المتخصصة في مجال المسؤولية الاجتماعية، التي ترتبط بالتنافسية في كثير من النقاط، الى أن دراسات الأثر الاجتماعي للمشاريع المتصلة بالمسؤولية الاجتماعية تقوم على قياس هذا الأثر، والذي تتكون عناصره من التطور الاجتماعي، والاقتصادي من حيث دخل الفرد، والثقافي من حيث المعارض والمتاحف والمراكز الفنية والثقافية والأدبية.

ويتفق جميع المشاركين، ومن تحدثت لهم «الشرق الأوسط» على هامش منتدى التنافسية الدولي البارحة، عن أهمية الدعم الحكومي والقطاع الخاص على حد سواء في دعم التطور الثقافي والفني المواكب للتطور الاقتصادي، فمن خلال الفنون تتعرف الشعوب على مدى قوة ومتانة اقتصاد الشعب الذي تتعرف إليه.

وقالت الطالبة السعودية زهرة محمد، وهي في المرحلة الثانوية، إن إيجاد مناهج فنية تسهم في تطور الجانب الحسي والخيالي لدى الطالب تساعد في الخروج بتطور وأثر إيجابي على الفن بشكل كامل.

ويسترسل البروفيسور كايسر رئيس مركز كينيدي في الولايات المتحدة حول هذه النقطة، قائلاً «العلم يقوم على الاكتشاف والإلهام للحصول على علماء جيدين، وحين نحصل على علماء جيدين نحصل بالتالي على فنانين جيدين ومبدعين يسخرون قوة وتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية لشعبهم من خلال فنهم، وكلهم في النهاية محصلة معلم جيد».

وهكذا يوضح رئيس مركز كينيدي للدراسات والبحوث، أن صورة الفن تتجسد من خلال أعمال البناء المقامة لأهداف اقتصادية خالصة، ولكن بمراعاتها الجانب الفني تجعل هذه الأعمال المدن المُصممة فيها إلى مدن عظيمة ومحورية كحال مدينة لوس أنجليس الأميركية وصالة الرقص الشهيرة فيها.