كارلوس غصن لـ«الشرق الأوسط»: صناعة السيارات بحاجة إلى تدخلات حكومية «منسقة»

رئيس شركة «نيسان» يتوقع انكماشا على المدى القصير.. ومتفائل بنمو محتمل في الشرق الأوسط

كارلوس غصن الرئيس التنفيذي لشركة نيسان موتورز خلال مشاركته في منتدى التنافسية («رويترز»)
TT

قال كارلوس غصن الرئيس التنفيذي لشركة نيسان موتورز اليابانية، إن شركات صناعة السيارات تسعى للحصول على تدخلات متناسقة من الحكومات والمؤسسات التي يمكنها ضمان الوصول إلى ائتمان بشروط مقبولة، حيث تواجه تلك الشركات أزمة وحشية وعالمية تؤثر على كل الأسواق.

وأشار في حديث خص به جريدة «الشرق الأوسط» على هامش منتدى التنافسية الدولي 2009، إلى أنه متفائل حيال صناعة السيارات على مستوى العالم اعتماداً على منطقين، يتمثل الأول في توقعات النمو في العديد من أسواق العالم الناشئة، في حين يتمثل المنطق الثاني على توقعات بطلب أكبر على السيارات الصديقة للبيئة.

وذكر غصن أن سبب مجيئه للرياض كون منتدى التنافسية سيمثل حدثاً يوفر الفرص لقادة الأعمال لصياغة الحياة والأعمال، بالإضافة إلى أمور عديدة كشفها الرئيس التنفيذي لشركة نيسان موتورز خلال الحوار:

* ما هو السبب الرئيس لمشاركتك في منتدى التنافسية العالمية في الرياض؟

ـ يمر الاقتصاد العالمي الآن، كما تعلم بأزمة حادة، فقد أضعف الانهيار المالي الحاد ثقة المستهلك، وأعاق كساد الأسواق العالمية الأداء وقدرة الجميع على التنافس، وسيكون المنتدى حدثًا رئيسا يوفر الفرصة لقادة الأعمال في العالم لمشاركة الأفكار بشأن التنافس وكيفية صياغة حياتنا وعملنا.

* سيناقش المؤتمر أيضا التنافسية المسؤولة. فما هي الدروس المستقاة من الأزمة المالية العالمية المتعلقة بعمل ومسؤولية الاستثمارات؟

ـ عادة ما تكون أوقات الأزمات عصيبة. فعندما تكون بيئة العمل صعبة قد يجنح البعض إلى ممارسة سلوك مالي غير مسؤول وغير أخلاقي، كما شهدنا في وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. لكن تجاهل معايير الأعمال الأخلاقية سلوك مرفوض غير مرغوب على الإطلاق، فالمؤسسات المسؤولة مبنية على الثقة. والشركات العالمية لديها التزام واضح تجاه حملة الأسهم بها، بانتهاج سياسات مقبولة حتى يتمكنوا من المنافسة وحماية سمعة شركاتهم على المدى البعيد.

* ـ يناقش المنتدى بعض مشكلات الاقتصاد العالمي التنافسي، فهل ترى إمكانية لحل تلك المشكلات من خلال المنتدى؟

ـ على الرغم من التوقعات بعدم قدرة مناقشاتنا على حل المعضلة برمتها، إلا أن الارتباط التام بين القضايا التي نواجهها اليوم، يدفعني إلى الاعتقاد بأن المناقشات التي ستدور داخل المنتدى ستؤثر بالقطع على صناع القرار المسؤولين عن صياغة السياسات الاقتصادية حول العالم.

* يعد قطاع صناعة السيارات الأكثر تضررا في الأزمة المالية العالمية، فهل تعتقد أن عهد ازدهار صناعة السيارات يشهد أُفولا، وأن الوقت قد حان لدمج الصناعة وخفض التوسع؟

ـ ذلك سؤال جيد، ولكن دعني أبدأ بالقول إنه بالنسبة للمدى القريب ـ أي خلال الفترة المقبلة التي تتراوح بين عام وثلاثة أعوام ـ ربما تشهد صناعة السيارات انكماشا، فقد أظهر التاريخ على الدوام وجود حالات مشابهة من زيادة الاندماج خلال فترات الأزمات المالية، وإذا ما استمرت الأزمة المالية الحالية بنفس الوتيرة واتسعت هوتها قد نشهد على الساحة عددا قليلا من الشركات أو على الأقل شركات أنهكها الصراع. وبالنسبة للمدى البعيد، أجدني أكثر تفاؤلاً حيال صناعة السيارات على مستوى العالم انطلاقًا من اتجاهين رئيسين. أولهما يرتبط بتوقعات النمو في العديد من أسواق العالم الناشئة، فهناك ازدياد لعدد السكان في كل من البرازيل وروسيا والشرق الأوسط وقد برزت الطبقة المتوسطة في كل من الصين والهند، حيث يتوقع أن يزداد عدد السيارات لكل فرد. وأعتقد أن هناك مساحة كافية لنمو كبير في الأسواق النامية حول العالم.

ومع التوقعات بازدياد الطلب على السيارات في دول أكثر يمكن أن يكون هناك طلب أكبر على السيارات الصديقة للبيئة، لذا فنحن نعتقد أن السيارات عديمة الانبعاثات ستكون مهمة. وتقوم «نيسان» و«رينو» الآن بتطوير سلسلة من السيارات غير الملوثة للبيئة وستبدأ في تسويقها العام المقبل أي 2010 وإن كان ستكون بداية التسويق الضخم لها في عام 2012. وتمثل السيارات عديمة الانبعاثات إنجازا تكنولوجيا كبيرا في صناعتنا ومن المثير جدا التفكير في إمكانية تقديم سيارة رخيصة غير ملوثة للبيئة، وآمل في ان يقود ذلك إلى فترة مزدهرة تبشر بحياة جديدة لصناعتنا.

* ما هي الحلول الرئيسة التي يمكنها معالجة المشكلات التي تواجهها صناعة السيارات في العالم؟

ـ الأمر الأكثر إلحاحا في الفترة الراهنة هو الحاجة الماسة إلى السيولة، فشركات صناعة السيارات تسعى للحصول على تدخلات متناسقة من الحكومات والمؤسسات التي يمكنها ضمان الوصول إلى ائتمان بشروط مقبولة. نحن نواجه أزمة وحشية وعالمية تؤثر على كل الأسواق، وسوف تتطلب تلك الظروف الاستثنائية تصرفا حاسما إذا ما كانت هناك رغبة في تجاوز تلك الضغوط الكبيرة التي تواجهها صناعة السيارات. وإلى جانب تلك التحديات المالية والاقتصادية تستمر صناعة السيارات في التركيز على الحلول المطورة التي يمكن أن تؤدي إلى إنتاج سيارات عديمة الانبعاثات. والاستثمارات المطلوبة لتطوير الحلول التكنولوجية ضخمة، ومن ثم فإننا نرحب بدعم أكبر من الحكومات والشركاء الآخرين لكي نخلق ظروفًا تسمح لها بالنجاح. كما يمكن للحكومات أن تلعب دورا هاما في جعل السيارات الكهربائية أو السيارات التي تسير بخلايا الوقود أكثر رواجا لدى المستهلكين سواء عن طريق الحوافز المالية أو تنمية البنية التحتية.

تمس قضية تغير المناخ العالمي كل الدول والأسواق، ويمكن للعديد من الصناعات ـ ليس صناعة السيارات فقط ـ أن تسهم في إيجاد حلول لذلك، لكن صناعة واحدة بعينها لا يمكنها معالجة هذه القضية بمفردها. وقد التزمت صناعة السيارات بذلك، لكن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ستكون أساسية في تحقيق تقدم حقيقي تجاه تحقيق تحرك مدعوم.

* برأيك ما هو السبب الرئيس في تأثر قطاع السيارات؟ وما هو المطلوب من الحكومات لتقديمه؟

ـ السبب الرئيس لتأثر قطاع صناعة السيارات عجز البنوك عن التمويل لكبرى الشركات المتأثرة والمؤثرة في نفس الوقت، ولن تستعيد عافيتها إلا بتحسن أوضاع التمويل والإقراض الذي يتحمل القطاع المصرفي الجزء الأكبر منه. وأبين أن حجم إنتاج السيارات تقلص خلال الأعوام الأخيرة ما بين 69 مليونا في عام 2007 إلى ما يقارب 55 مليون سيارة بحلول عام 2009.

أما فيما يخص تدخل الحكومات في حل مثل هذه الأزمات فنحن لا نطالب هنا بالتدخل من قبل الحكومات في التداخل لتحسين أوضاع الشركات المتضررة بل يقع على عاتقها تحسين الأوضاع المالية التي يمر بها العالم أجمع.