دعوة عربية إلى تبني نظام «الاقتصاد الوسطي» بعد انقشاع أزمة الأسواق العالمية

مصرفي إسلامي يرسم ملامح النظام المصرفي الجديد ويطالب بمحاكمة وكالات التصنيف وكبار مسؤولي الشركات

خبراء ومسؤولون ماليون عالميون يفندون أسباب الأزمة العالمية ويدعون إلى تبني اقتصاد وسطي جديد
TT

دعا خبراء ماليون أمس إلى ضرورة تبني مسار جديد في الاقتصاد العالمي وصفوه بـ«الوسطي» ويعتمد في مضامينه على تصحيح الأخطاء التي نتجت عن الأنظمة الاقتصادية العالمية كان آخرها أزمة الأسواق المالية.

واختتمت النقاشات في منتدى التنافسية الثالث ضمن محور «الأزمة العالمية» حول مدى شدة وخطورة الأزمة المالية الحالية وإلى متى ستستمر، وسبب عدم توقع حدوثها، ومدى فعالية ونجاح خطط الإنقاذ والخروج من الأزمة، والنتائج المتوقعة لهذه الخطط على المدى الطويل.

واقترح محمد الجاسر، نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، أن الحلول أمام الأزمة الاقتصادية العالمية تكمن في ضخ أموال كبيرة في المصارف لتتمكن من استئناف أعمالها، مستشهدا بتجربتهم في السعودية التي اعتمدت على ضخ السيولة في المصارف من بعد إجراءات الرقابة التي عملت عليها «ساما».

وطالب الجاسر بضرورة تشديد السياسات المصرفية في المستقبل من خلال رقابة الحكومة إضافة إلى إعادة النظر في البيئة الداخلية، متطلعا إلى أن تتطرق الأزمة الحالية إدارة مالية أفضل.

ويبين الجاسر أن أسباب الأزمة المالية العالمية عديدة من أبرزها سياسة نقدية اعتمدتها المصارف النقدية في البيئة غير تضخمية، بينما لم يتم رفع نسب الفائدة، والفشل في عالم الإشراف، والسلوك غير المسؤول لوكالات التصنيف والدور المفرط الذي منح لها، والتعويضات المدفوعة للمستثمرين، وإسراع المصارف في الوقوع في الانكماش الائتماني عند انفجار «فقاعة» الائتمان.

أمام ذلك، أكد صالح كامل، من المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، أن العالم يتخبط بعد الأزمة المالية، داعيا إلى تبني الاقتصاد الوسطي بأسس عادلة تحكم المصارف وأسواق المال والسلع، مفيدا بأن المضاربات الحالية الجارية في الأسواق لا تخدم الاقتصادات.

وقال كامل: «تعاملاتنا في هذا الوقت تخلو من العدل»، مشددا على ضرورة الابتعاد عن الاقتصاد القائد لأنه إذا هوى سيهوي الباقي، متسائلاً عن غياب دور البنك الدولي في ما وقع من الأزمة حتى اللحظة.

ودعا كامل إلى ضرورة عدم الانجراف وراء الأسماء المالية الكبيرة بل يجب تقديم القائمين على هذه الأسماء بمحاكمة المسؤول في وكالات التصنيف والقائمين على تقييم كبرى الشركات العالمية وتقديمهم لمحاكمة عادلة.

ولفت كامل إلى ضرورة توجه الدول العربية إلى أن تختط لنفسها منهجا اقتصاديا وسيطا يقو على أعمدة حرية الأفراد في امتلاك وإدارة عوامل الإنتاج، وتغليب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، ومنع الأنشطة الضارة بالآخرين، واستغلال الموارد، وحماية الفقراء والضعفاء، ووضع الضوابط والقيود التي تحقق المصلحة ومراقبة تطبيقاتها.

وبين كامل أن من معالم النظام الاقتصادي المصرفي الوسطي الاعتماد على الأسس الاستثمارية والسلعية في تخصيص الموارد واعتماد الجدوى الاقتصادية والكفاءة، وقيام النظام المصرفي على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة، وتخفيض حجم اعتماد التمويل المصرفي على الديون، وضبط كل الوسائل والمعاملات المؤدية إلى زيادة استهلاك الأفراد أكثر من قدرتهم المالية الحقيقية.

وأضاف من بين معالم الاقتصاد الوسطي التحفظ في إصدار الأصول المالية للموجودات وضبط مسألة التمويل العقاري، وعدم الاعتماد على مؤسسات التصنيف الائتماني في تقييم المصارف الدولية، وتحفيز المدخرات التي تتجه نحو الاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل، ووضع نظام رقابة وإشراف مرن، وأخيرا تمويل القطاع الحقيقي.

من ناحيته، شدد توماس روسو، نائب رئيس شركة ليمان براذرز، على ضرورة كسب ثقة الأفراد من خلال العمل في جبهة موحدة، مشيرا إلى أن الأزمة تعد فرصة كبيرة للتغيير وتحسين وضع المجتمعات.

من جهته، اتفق هنري كريفاس، الشريك التنفيذي في «كي كي آر»، مع الأسباب التي أوردها الجاسر وكامل، ذاكرا أن «الجميع يجب أن يلام من حكومات ومديرين والقائمين على الاقتصاد، فالمشكلة مست كل قطاعات الاقتصاد، ولذا يجب على أميركا التي أدخلت العالم في هذه الأزمة إخراجنا منها عن طريق إصلاح المصارف والمؤسسات المالية، ويجب أن تعود الى الإقراض مجدداً، والنظر في ملكية المنازل، كما يجب أن تتحلى بالسرعة والكفاءة العالية».