سكان الرياض لا يعرفون سوى تنافس الهلال والنصر

رغم احتضان العاصمة السعودية لثلاث دورات لمنتدى التنافسية

TT

على بعد أمتار من برج المملكة الواقع على طريق الملك الذي احتضن فندق الفور سيزن به وعلى مدى ثلاثة أيام منتدى التنافسية الدولي بحضور 100 شخصية قيادية من حول العالم، يتجول فواز العمري (31 عاما)، وهو موظف في القطاع الحكومي المدني، ويبدي استغرابه من حركة الزحام الكثيفة التي دفعته للسؤال عن ماذا يحدث هنا ؟! وعند الإجابة عليه بأن العاصمة الرياض تشهد خلال منتصف الأسبوع الجاري، انعقاد منتدى التنافسية الذي تحضره شخصيات هامة من دول أميركا وأوروبا وشرق وجنوب آسيا، وكذلك بعض الشخصيات في العالم العربي، ليكون تعليقه بنوع ساخر «الهلال والنصر، ولا الاتحاد والأهلي.. عن أية تنافسية يتكلمون».

بينما في الجانب الآخر يوضح ماجد إبراهيم (30 عاما)، وهو موظف في القطاع العسكري، أن أول ما تبادر في ذهنه عند سماع مصطلح «تنافسية» أن المنتدى يبحث قضية التنافس الشريف وغير الشريف.

وبعد إيضاح الصورة لفواز الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، في بداية الأمر، عن مفهوم وأهداف التنافسية المقصودة من خلال هذا المنتدى، استفسر قائلاً «هل تدخل دكاكين الحلاقة والمطاعم والمغاسل الخاصة بالثياب ضمن هذا المفهوم».

وللتنافسية تعريفات كثيرة ومختلفة، ولكنها تتفق على التنافسية هي «توفير بيئة جاذبة للاستثمار سواء من مستثمري الداخل أو الخارج»، ولإيجاد هذه البيئة تمتد عملية تهيئة المجتمعات إلى خلق صورة تنافسية عبر المناهج التعليمية لتعزيز هذا المفهوم في داخل المواطن.

ومن المفارقات في المنتدى الدولي الذي يحظى برعاية من الرجل الأول في البلاد، وهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أنه يمر في دورته الثالثة، أي انقضى على تنظيمه بنهاية أمس ثلاث سنوات، ومع ذلك ما زال مصطلح «التنافسية» غائبا لدى المواطن، فما هي الأسباب؟!.

ولكن من جانبها، ترى نورة الفهد (24 عاما)، وهي خريجة جامعية عن قسم الاقتصاد والإدارة، والتي تعرفت على هذا المفهوم نتيجة دراستها أنه لا يمكن الشعور بالتنافسية من قبل المواطنين إلا في حالة شعوره بنتائجه ولو بشكل يسير.

وتقول نورة «من الجميل أن تكون لدينا مؤتمرات يحضرها أشخاص لديهم تجاربهم الثرية في صناعة اقتصاديات بلدانهم، ولكن لو لاحظت خلال الجلسات أن النسبة الأكبر من الحضور هم من الضيوف أنفسهم أو وسائل الإعلام أو نخبة رجال وسيدات الأعمال لدينا، فكيف تستطيع صناعة بيئة تنافسية دون وعي من المواطنين».

ومن ضمن العناصر الثلاثة الأساسية التي يحددها ويضعها المفكرون والاقتصاديون المهتمون بمجال التنافسية، وهو العنصر الثالث، أن تكون لدى المواطن أو المستهلك المحلي معرفة تامة وإدراك ملموس بالبيئة التنافسية من حوله، وأن يشعر بانعكاساتها على حياته اليومية.

وهنا نعود للمواطنين فواز وماجد، فالأول يقول «الذي أعرفه أن كل يوم تفتح لدينا شركة جديدة تسوقا لمنتج موجود في الأساس، ولكن لا اختلاف في السعر أو النوع»، ويضيف ماجد «لدي الكثير من الأقارب العاملين في القطاع الخاص، وبحسب ما تقول إن التنافسية تهدف لرفع معدل دخل الفرد حيث تحقق له الرفاهية، فلماذا أجدهم دائماً يبحثون عن فرص عمل جديدة ولا يثبتون في مكان عمل واحد».

الناشط الاجتماعي طراد الأسمري، وهو من أوائل السعوديين الذين تناولوا موضوع المسؤولية الاجتماعية التي تشكل أحد عناصر مفهوم التنافسية الواسع عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، يقول «لست بمستغرب بما نقلته عن جهل الناس حول مفهوم التنافسية، لأن للأسف العجلة لدينا تدور بالعكس، فمن المفترض غرس مفهوم التنافس العلمي والرياضي والثقافي بداية من المدارس ومن ثم إقامة منتديات».

ويوضح الأسمري أن إقامة منتديات ومؤتمرات للحديث عن موضوع التنافسية مهم ولا يستطيع أحد إلغاء أهميته، مضيفاً «وكما يتوجب وجود مؤتمرات ومنتديات لا بد من التأكيد أن المواطن يجب أن يشعر بوجود هذه التنافسية في بيئة عمله». يشار إلى أن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص، وفق الإحصاءات والبيانات الرسمية، لا يتجاوز نحو 13 في المائة، يقابلها وجود عاطلين وفقا لاحصائيات متداولة بأكثر من 600 ألف نسمة، منهم نسبة ليست بالقليلة من خريجي الجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية التجارية.

ويعلق الباحث والناشط طراد الأسمري على هذه النقطة قائلاً «13 في المائة فقط، دليل أن القطاع الخاص لدينا أمامه الكثير لخلق أجواء عمل تجذب المواطنين، وليس الاعتماد فقط على الوافدين من الخارج».