خبراء عالميون يوجهون من الرياض رسالة إلى قمة الـ20 في لندن

أعدوا خطابا مفتوحا باسم المشاركين في منتدى التنافسية يحث على تبني تشريعات لإنقاذ الاقتصاد العالمي

طغت الأزمة المالية على فعاليات المنتدى وكان من بين المشاركين توماس روس نائب رئيس مجلس إدارة بنك ليمان براذرز الأميركي الذي أعلن إفلاسه (تصوير: خالد الخميس)
TT

يُكشف في العاصمة السعودية الرياض مطلع الأسبوع المقبل عن رسالة سيتم توجيهها من خبراء محليين وعالميين شاركوا في منتدى التنافسية في دورته الثالثة إلى قمة العشرين التي ستعقد في أبريل (نيسان) المقبل وتحتضنه العاصمة البريطانية لندن.

وأكد لـ «الشرق الأوسط» عبد المحسن البدر الرئيس التنفيذي لمنتدى التنافسية أن الخبراء المشاركين في المنتدى الذي اختتم أعماله الثلاثاء الماضي، الذي يربو عددهم على نحو مائة شخصية قيادية من بينهم رؤساء وزراء سابقين ووزراء واقتصاديين، قدموا مقترحات سيتم تضمينها في رسالة باسم المشاركين في الدورة الثالثة لمنتدى التنافسية إلى قمة العشرين التي تضم دولا تعد اقتصادياتها الأهم على المستوى العالمي.

وأوضح البدر أنه يتم حاليا الانتهاء من الصياغة النهائية للرسالة التي ستكون على شكل خطاب مفتوح إلى المشاركين في قمة العشرين المقبلة، يحثوهم فيها على إنقاذ الاقتصاد العالمي بعد الأزمة المالية التي أثرت عليه، وتسببت في خسائر لشركات كبرى على المستوى الدولي ونتج عنها تأثر كثيرا من الاقتصاديات لا سيما الولايات المتحدة السوق الأكبر على مستوى العالم إضافة إلى أوروبا ودولا آسيوية.

وأشار الرئيس التنفيذي لمنتدى التنافسية إلى أن الخطاب سيحث المشاركين على تبني تشريعات جديدة تؤدي للمحافظة على الاقتصاد العالمي لتستطيع أن تخرجه من اعتماده على النظام الرأسمالي فقط إلى أنظمة أخرى تساهم في عودة الازدهار له والنمو، مضيفاً أن «الرسالة ستتضمن أيضا على طلب بإصدار توصيات تساهم في تغيير صلاحية التجارة العالمية لتكون داعمة لكافة الدول».

وقال البدر إن الرسالة تتضمن عصارة أهم النقاط التي طرحت للنقاش أو التي رغب المشاركين من الخبراء المتحدثين تضمينها الخطاب الذي يتم إعداده أو ما تم مناقشته من بعض المشاركين في المنتدى خلال الفعاليات التي استمرت على مدى ثلاثة أيام.

من جانب آخر، قال فهد حميد الدين رئيس قطاع التسويق والإعلام في الهيئة العامة للاستثمار خلال المنتدى، ان أهم التوصيات التي خرج بها المنتدى تتمثل في تقليل كلفة الاقتراض على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتركيز على الاستثمارات وليس الاستهلاك، وتعلم الدروس من الأنظمة المالية التي تأثرت، والاستمرار في مفهوم السوق المفتوح ودعم منظمة التجارة العالمية، وتقديم الدعم الكامل للمؤسسات الدولية.

وكانت العاصمة السعودية احتضنت، على مدى ثلاثة أيام بدءا من الأحد الماضي، منتدى التنافسية، حيث جذب اكثر من 100 متحدث عالمي، اجتمعوا لبحث مشاكل الازمة المالية العالمية، التي دعا اغلب الجلسات لمفردة «الازمة المالية العالمية» على مدى جلسات المؤتمر، حتى في الفعاليات الجانبية على هامش المنتدى ومنها المؤتمرات الصحافية، وفي اضيق لحدود لدرجة ان المشاركين الرياضيين مايكل فليبس وكارل لويس اشارا في مؤتمر صحافي للازمة المالية العالمية. وحول الدورة المقبلة التي تعد الرابعة في عمر المنتدى، عاد البدر ليبين أنه يخطط لعقدها خلال الفترة 24 و25 و26 من يناير (كانون الثاني) 2010، مؤكدا أنه تم اختيار هذا الموعد ليسبق منتدى دافوس الاقتصادي العالمي لأهمية المنتديين. لكنه مع ذلك أشار إلى أنه سابق لأوانه تحديد عنوانها الرئيسي في الوقت الحالي، مفيدا أنه سيتم مراقبة وضع الاقتصاد العالمي لاختيار العنوان الرئيسي في النسخة الرابعة.

وأضاف «بات منتدى التنافسية يحظى حاليا بمتابعة كبيرة وبرغبة في المشاركة مستشهدا بما تم في الدورة الثالثة التي شهدت تأكيدات مبكرة للمشاركة في المنتدى من قبل الخبراء العالميين الذين تم الاتصال بهم»، مستدلاً على الأهمية التي بدأ يأخذها المنتدى على المستوى الدولي. وقال البدر «من الأسباب التي أدت إلى نجاح المنتدى عقده في العاصمة السعودية الرياض التي أصبحت من محركات الاقتصاد العالمي». وقد استهلت الرياض موسم المنتديات الاقتصادية للعام 2009، فعلى مدى ثلاثة أيام تجمع المئات من الشخصيات القيادية على المستويات السياسية والاقتصادية والعلمية والأدبية والرياضية داخل برج المملكة الشهير عالمياً، للخروج برؤى وأفكار جديدة تسهم في خلق مجتمعات تنافسية على الصعيد العالمي، وعبر بوابة منتدى التنافسية الدولي الذي يواصل نجاحه في موسمه الثالث.

وتميزت الدورة الثالثة للمنتدى التنافسي، الذي يعتبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، بحضور شبابي بارز في أروقة وقاعات الفندق، ولأسباب مختلفة ومتفاوتة، فمنهم من كان حاضرا للتطوع ضمن اللجنة التنظيمية للمنتدى، وهم ما باتوا يعرفون باسم أصحاب «الثياب الزرقاء».

والجزء الأخر من الشبان والفتيات الحاضرين لجلسات المنتدى، وخاصة من طلبة المرحلة الثانوية والجامعية، كان لهدف تثقيفي بدا واضحا من خلال المداخلات التي كانت تقدم في نهاية كل جلسة من جلسات أعمال المنتدى، في إشارة إلى أن المنتدى وأهالي وسكان العاصمة الرياض باتوا ينتظرون فعاليات المنتدى للإطلاع على المستجدات العالمية في الفكر الاقتصادي سنوياً.

وبالعودة للشخصيات القيادية المشاركة فقد حملت الرياض لأحدهم بشرى سارة، وهو رجل الأعمال الأميركي جاري وينيك رئيس إحدى أكبر المجموعات الاستثمارية في مجالات علوم المادة ومواد البناء والاتصالات، وأحد فروع مجموعته تورد المواد الخراسانية المستخدمة في بناء برج الحرية المقام على أنقاض برجي التجارة العالمية، متمثلة تلك البشرى في قدوم أول حفيد له، وعبر أن ذكرى هذا المولود الجديد في عائلته ستظل مرتبطة بزيارته الأولى للسعودية.

ففي السنوات الثلاث الأخيرة تشهد العاصمة السعودية الرياض، التي يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة، العديد من المناسبات والمنتديات العالمية والإقليمية، كالقمة العربية، ومنتدى التنافسية، ومنتديات تتناول القضايا الاجتماعية والاقتصادية، وذات الطابع الديني. ويسهل من تنظيم هكذا مؤتمرات توفر كوادر وطنية مؤهلة لتنظيم أهم الفعاليات في شكل لا يختلف عن المؤتمرات العالمية، إضافة إلى توفر الهامات العلمية والثقافية والاقتصادية التي يشار إليها من المراكز والمنظمات العالمية لما لديها من معرفة ووعي وإطلاع واسع في الشؤون المختصة فيه.

وبحسب موقع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، فقد عرفت الرياض في السابق باسم «حجر»، واشتهرت حجر في القرون الهجرية الأولى بسوقها الكبير الذي كانت تفد إليه الناس في شهر محرم من كل عام وهو أول أشهر السنة الهجرية، لوقوعها على طرق التجارة التي كانت تخترق وسط الجزيرة إلى مختلف أنحائها بين البحرين وفارس شرقـًا والحجاز غربـًا وبين العراق والشام شمالاً وعمان وحضر موت جنوبـًا.

وتؤكد المصادر والمراجع التاريخية أن مدينة «حجر» أو الرياض تميزت بخصوبة أرضها وانتشار المساحات الخضراء والبساتين، حيث وصفها المؤرخون بأنها كانت منطقة واسعة الأرجاء كثيرة المزارع تكثر فيها العيون.

ولهذا السبب تم إطلاق اسم الرياض بدلاً عن «حجر» عليها قبل 300 عام من الآن، وجاء مفردة «الرياض» جمعاً لكلمة روضة التي تُسمى على الأرض المحتوية مجموعة من البساتين والحدائق الغناء وسط الصحراء القاحلة، التي باتت في القرن العشرين مركزا وقبلة لمساحة تزيد عن مليوني كيلو متر مربع، هي مساحة المملكة العربية السعودية.