رئيس غرفة التجارة الأميركية العربية: السوق السعودية تعود لصدارة اهتمامات المستثمر الأميركي

السعودية ودبي وقطر ومصر أهم الأسواق العربية التي يستهدفها المستثمرون الأميركيون > التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والسعودية يشهد نموا رغم حملات المقاطعة والأزمة الاقتصادية

ديفيد حمود رئيس غرفة التجارة الأميركية العربية («الشرق الأوسط»)
TT

على الرغم من تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على الأسواق العالمية وعلى التجارة البينية، وبشكل خاص السوق الأميركية، إلا أن التبادل التجاري بين السوق الأميركية والسعودية شهد نمواً ملحوظاً خلافاً للتوقعات، بحسبما يؤكد مدير غرفة التجارة الأميركية العربية ديفيد حمود، الذي حاورته «الشرق الأوسط» حول تأثيرات الأزمة على التبادل التجاري بين السوق الأميركية والأسواق العربية في المنطقة، وأهم الفرص الاستثمارية التي لا تزال تلوح في الأفق، وقد تغري المستثمر الأميركي بجنيها، على الرغم من الوقت العصيب الذي يشهده الاقتصاد الأميركي.

وأكد حمود لـ«الشرق الأوسط»، أن العلاقات التجارية السعودية الأميركية خلال الأزمة المالية الراهنة نمت بشكل إيجابي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2008، إضافة إلى ارتفاع الطلب قليلا مع نهاية الموسم، حيث ثبتت قيم التبادلات التجارية في قطاعات الطاقة والمنتجات الكيميائية والأسمدة، كأكثر المواد طلباً من الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه ارتفع الطلب من السوق السعودية على منتجات بعينها، مثل الميكانيكا الثقيلة والاجهزة الصناعية والحفارات واجهزة حقول النفط واجهزة نقل الافراد، وهذه المنتجات الثلاثة تمثل ثلثي الواردات الاميركية للسعودية حتى 2012، وفي ما يلي نص الحوار:

> بداية نود تعريفا بطبيعة عملكم بغرفة التجارة الأميركية العربية، والخدمات التي تقدمونها؟

ـ نحن بمثابة بوابة للسوق الأميركية والخدمات التي يمكن أن يحصل عليها أي مستثمر، لدينا علاقات ممتازة مع الغرف التجارية بالمنطقة العربية، ومعظم أعضائنا شركات أميركية، وهناك شركات عربية في المنطقة ولدينا العديد من الخدمات التي نضعها في خدمة رجال الأعمال، نستقبل الوفود الاقتصادية المهتمة بالاستثمار في السوق الأميركية، وننسق ونسهل اتصالهم مع الكونغرس، والبيت الأبيض، ونساعدهم في موضوعات مختلفة مثل المواصفات والمقاييس والتصاريح وغيرها من الإجراءات الروتينية، كما نستطيع إيجاد شركاء ممتازين لهم ضمن الشركات الأميركية، ونأخذهم لمدن مختلفة للالتقاء بشركاء مختلفين محتملين، ونمنحهم معلومات واسعة ودقيقة وشاملة عن السوق الأميركية وعن أفضل الممارسات في مجال الأعمال.

> الأزمة الاقتصادية الراهنة هي نقطة البداية في كل الأحاديث حالياً، من موقعكم ما حجم تأثير الأزمة على السوق الأميركية؟

ـ الأزمة بشكل أساسي أثرت وستؤثر على استثمارات الشركات المستقبلية كثيراً، معظم الشركات في الولايات المتحدة حالياً تحاول الحفاظ على السيولة لديها، وهي لا تتطلع للأسواق الخارجية سواء كانت في آسيا أو أفريقيا أو العالم العربي، وذلك في محاولة جادة منها للمحافظة على وضعها في السوق وحماية وجودها من الاستحواذات الممكنة والمحتملة، وأظن أن المشكلة الكبرى التي نواجهها فعلياً هي ثقة المستهلك لأن الجميع قلق حول الفترة التي سيستمر فيها الركود. > المستهلك السعودي يتطلع إلى التغييرات التي تحدث بالسوق الأميركية، ويستغرب أحياناً من انعدام تأثيرها على المنتج الذي يستهلكه، على سبيل المثال تراجع أسعار السيارات لم يستفد منه المستهلك المحلي، وهو ما دفعه لإطلاق حملة مقاطعة تجاه السيارات الأميركية، إلى أي مدى تؤثر مثل هذه الحملات برأيك؟

ـ الأمر يعتمد على سياسة العرض والطلب، في الولايات المتحدة الأميركية المستهلك يقول إنه لن يدفع أسعاراً باهظة، ولذلك ترضخ الشركات، كما أن أكبر ثلاث شركات في ديترويت تلقت معونات من الحكومة وهو ما ساعدها على خفض الأسعار. في الولايات المتحدة نتحدث دائما عن قوة القطاع الخاص، ولكن المليارات جاءت من الحكومة لدعم قطاع السيارات، وأعتقد أن الأمر يعتمد على مدى نجاح حملات المقاطعة، فلو كانت هذه الحملات قوية وتحظى بدعم وتأييد كبيرين، فهي ستجذب اهتمام الشركات في الولايات المتحدة الأميركية قطعاً، وفي النهاية فإن الشركات السعودية والوكلاء هم الذين يضعون هذه الأسعار، وليست الشركات في الولايات المتحدة الأميركية.

> إلى أي مدى تتقاطع المشكلات السياسية مع مساعيكم لترويج وتنشيط التبادل التجاري بين العالم العربي والسوق الأميركية على سبيل المثال، حملات المقاطعة بسبب ما يحدث في الأراضي الفلسطينية، كيف تتعاطون معها؟

ـ أولاً ما حدث بغزة هو مأساة حقيقية، والفكرة العامة لدى الشعب الأميركي لا تدعم السياسات الأميركية 100 في المائة، فغالبية الشعب الأميركي ترى المأساة في غزة وتشعر بالحزن، وتنصيب رئيس جديد للولايات المتحدة سيفتح الباب أمام سياسة أميركية جديدة تماماً في الشرق الأوسط، ونتمنى أن تقود لمزيد من التوازن، وإذا ما حصل هذا فإن حملة المقاطعة ستكون أقل ضرراً بكل تأكيد، عموما نحاول في الغرف التجارية أن نفصل بين السياسة والعلاقات الاقتصادية، وهو أمر صعب نوعاً ما لكننا نسعى لتحقيقه.

> ما هي أهم الأسواق العربية التي يستهدفها المستثمر الأميركي؟

ـ حالياً السعودية تحتل المركز الثاني بالنسبة للصادرات الأميركية، ولكن أعتقد أن هذه السوق ستتقدم، كما أعتقد أن التبادل التجاري سيتطور أكثر في هذه السوق، لأن الإمارات العربية المتحدة، التي كانت هي السوق الأولى للصادرات الأميركية في السنوات الماضية تواجه مشكلات حالياً والسوق السعودية تعود الآن بقوة، وبرأيي هذا بسبب حجم السوق السعودية، الذي يفوق الأسواق الأخرى في المنطقة، إلى جانب تعدد الفرص الاستثمارية فيها، ووجود إمكانيات أكبر، على سبيل المثال المدن الاقتصادية الست هي فرص عظيمة للشركات الأميركية لتقدم الخبرات، وأفضل الممارسات، وأفضل المنتوجات والخدمات التي يمكن أن تقدم لأي مستهلك في العالم، وهناك أسواق أخرى مهمة في المنطقة مثل الإمـارات، وقطر ومصر، وبطبيعة الحال لدى الولايـات المتحدة أسواق أخرى مهمة مثل السوق الكندية والمكسيك والصين.

> ما هي أهم القطاعات التي تروجون لها والتي يستهدفها المستثمر الأميركي في الأسواق العربية والخليجية بشكل خاص؟

ـ أهم القطاعات حالياً بــالنسبة للمستثمــرين الأميركيين هي الصناعات النفطية، والإنشاءات، والرعاية الصحية، والمعلومات، وتقنية الاتصالات، والبنوك والتعليم والتدريب، وأظن كذلك القطاعات الغذائية والزراعية، وأعتقد أن هذه القطاعات حيوية ولن تتأثر كثيراً بالكساد أو المشكلة الاقتصادية الراهنة.

> من موقعكم، ما هي أهم العقبات أمام المستثمر الأميركي في السوق السعودية، التي تسعون لإزالتها؟

ـ مشكلة الفيزا كانت مشكلة كبيرة دائما تواجه المستثمرين الأميركيين القادمين، ولكن الحكومة السعودية سهلت هذا الأمر كثيراً وأزالت هذا العائق، وهناك فيزا تمنح لفترة 5 أعوام، وهو أمر مهم جداً وتطور كبير بالنسبة للإجراءات ويشجع سياسة الأبواب المفتوحة للتبادل والموجودة بالمنطقة، السوق السعودية مليئة بالإمكانيات وإلى جانب تطورها هي تتحلى بنظرة مستقبلية وتسير وفق آلية مخطط لها مسبقاً، ولهذا أقول بأنه ليست هناك سوق في العالم استراتيجية مثل السوق السعودية في العالم في نظر المستثمر، أياً كان والمستثمر الأميركي بشكل خاص.

> ما هي أهم المشروعات التي تمخضت عنها زيارتكم السريعة هذه؟

ـ هذه زيارة خاصة لمدة يوم واحد، لكنني التقيت فيها بالمسؤولين في غرفة جدة، وأرى إمكانية مستقبلية جيدة، لتعزيز علاقاتنا بغرف التجارة في المملكة، وأستطيع القول إنني أرى فرصاً استثمارية هائلة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، هذا النوع من الشركات والمؤسسات مهم جداً وهو بالمناسبة يمثل العمود الفقري للاقتصاد الأميركي، وسنسعى جاهدين لجمع هذه الشركات، وهذا مهم لأنه يعطي الفرصة لهذه الشركات لتفتح المجال أمام المزيد من الوظائف، وتعطي الجيل الجديد فرصة جيدة للاندماج في سوق العمل.

في الولايات المتحدة الأميركية هناك نسبة معينة من العقود التي تقدمها الحكومة للقطاع الخاص تمنح للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تدار بواسطة نساء أو شبان صغار في السن، ويمكن أن تعطى الفرصة في السعودية لهذه الشركات والمؤسسات، ويمكننا العمل مع الغرف في السعودية لنريهم كيف تمكنا من فعل هذا في الولايات المتحدة، عن طريق تقديم دور استشاري سنوفر من خلاله مصادرنا للغرف الشريكة في السعودية، وسنتيح لهم خبراتنا، وأود أن أشير إلى نقطة مهمة من المؤكد أنه ليست لدينا كل الإجابات، ولهذا نحن نحاول دائما إيجاد حلول وأفكار جديدة، وهذا ما يجعل الاقتصاد الأميركي محركاً أساسياً للاقتصاد في العالم كله، و70 بالمائة من الاقتصاد الأميركي قائم على طلب المستهلك، ونحن نسعى لإقامة شراكة تجارية حقيقية ومزدهرة مع شركائنا في المنطقة.