ون: الثقة أهم من العملات والذهب.. وأفضل ما يمكننا عمله للعالم هو المحافظة على اقتصادنا

براون يعلن مضاعفة الصادرات البريطانية إلى الصين لتصل 10 مليارات جنيه

رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون يستقبل نظيره الصيني ون جاباو بينما يتساقط الثلج أمام مقر الحكومة البريطانية أمس (إ. ب. أ)
TT

مع تفاقم الأزمة المالية واتساع تأثيرها في أوروبا، ينظر مسؤولون أوروبيون إلى الصين للبحث عن جذب الاستثمار وبيع منتجاتها للسوق الصينية، التي، على الرغم من تباطؤها، مازالت تنمو، على عكس اقتصادات أوروبا والولايات المتحدة. وأعلن رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو من لندن أمس عزمه على دعم الاقتصاد العالمي من خلال إرسال وفود تجارية إلى عواصم أوروبية عدة وتشجيع الاستيراد الصيني منها. وشدد ون على أهمية إعادة الثقة للاقتصاد من أجل النهوض من الأزمة المالية، قائلاً: «أهم شيء هو الثقة... إنها أهم من العملات والذهب لدعم الاقتصاد». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، قال ون: «إنني أحمل الثقة والصداقة والتعاون» إلى أوروبا. وكانت زيارة ون إلى لندن ختاماً لجولة أوروبية بدأها في منتدى الاقتصاد العالمي دافوس وشملت برلين وبروكسل ومدريد. ولكن أشار ون إلى أن «أطول فترة من الجولة قضيتها في بريطانيا» في دلالة على الاهتمام الذي يوليه للعلاقات مع لندن.

وأجرى ون بين يومي السبت والاثنين 3 لقاءات مع براون، تركزت النقاشات فيها على الاقتصاد. وحذر رئيسا حكومتي بريطانيا والصين من «الحمائية»، مشددين على أهمية دعم الاقتصاد العالمي من خلال الاستثمار والتجارة حول العالم وتوثيق التبادل التجاري بينهما. وعبر وين عن رفضه للحمائية، قائلاً: «الأزمة الاقتصادية عالمية، لا يمكن لأي دولة الحصانة منها أو معالجة الأزمة الاقتصادية بمعزل عن العالم». وكان ون قد صرح أمام مؤتمر من رجال الأعمال البريطانيين والصينيين بأن «الثقة هي محور زيارتي إلى أوروبا»، مضيفاً: «الثقة أهم شيء، أهم من العملات والذهب».

ومن جهته، قال براون: «الحمائية هي الخطر الأكبر»، معلناً عزمه على مضاعفة قيمة الصادرات البريطانية إلى الصين من 5 مليارات جنيه إسترليني إلى 10 مليارات جنيه إسترليني خلال الأشهر الـ18 المقبلة. ووقع ون في لندن عدداً من مذكرات التفاهم من بينها اتفاق على التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل للشركات البريطانية في الأرياف الصينية. وشدد براون وون على أهمية قمة دول العشرين المرتقب إجراؤها يوم 2 أبريل (نيسان) المقبل في لندن. يعول براون على هذه القمة لجعل لندن مركزاً لانتعاش الاقتصاد العالمي بعد تخطي الأزمة الاقتصادية بالإضافة إلى كونها منطلقاً لإصلاح المؤسسات المالية الدولية التي طالما طالب براون بإصلاحها. وقال براون أمس إنه تشاور مع ون على جدول أعمال القمة التي تأتي لدعم اجتماع مجموعة الـ20 التي عقدت في واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مضيفاً أن الهدف من القمة «الخروج بعالم أكثر قوة وقادر على النهوض»، بالإضافة إلى «إصلاح المؤسسات الدولية وحماية الفقراء والضعفاء حول العالم». وتابع أنه اتفق مع ون على العمل على «مرحلة جديدة من التعاون العالمي مع العمل على نظام إنذار مبكر للاقتصاد العالمي». وسيكون شهر أبريل (نيسان) أساسياً بالنسبة لبريطانيا، إذ من جهة يستضيف براون قمة الدول العشرين ويعول عليها للخروج بنتائج «ملموسة» حسبما قال أمس، كما أنه سيرسل وفداً رسمياً إلى الصين من أجل العمل على توثيق العلاقات التجارية بين البلدين. وسيتوجه وزير الأعمال البريطاني بيتر ماندلسون ووزير الطاقة والتغيير المناخي إيد ميليباند إلى الصين في أبريل(نيسان)، كما أنه من المتوقع أن يزور وفد تجاري لندن خلال الأسابيع المقبلة للتشاور مع شركات بريطانية حول فرص عمل لها في الصين. وأشار براون إلى أن هناك فرص عمل في مجالات عدة، على رأسها في مجالات التعليم والأدوية والسيارات. وسيكون على الشركات البريطانية التنافس مع شركات أوروبية أخرى، إذ أعلن ون أنه ينوي إرسال وفود إلى عدد من الدول الأوروبية منها ألمانيا وإسبانيا. يذكر أنه من المتوقع إجراء قمة صينية – أوروبية في براغ بعد قمة الدول العشرين، إذ تترأس جمهورية التشيك الاتحاد الأوروبي حتى شهر يوليو (تموز) المقبل، لبحث تقوية العلاقات التجارية بين الطرفين. وصرح ون أمس بأن اهتمامه الأول سيكون الاقتصاد الصيني والذي اعتبر أنه سيكون محورياً لمعالجة الأزمة الاقتصادية وخاصة بعد أن أعلنت الصين خطة تحفيز اقتصادية قيمتها 400 مليار دولار ستشمل العمل على بنى تحتية ومشاريع وطنية عدة. وقال: «أفضل ما يمكن لنا عمله للعالم هو المحافظة على اقتصادنا»، مضيفاً: «على الصين القيام بعمل جيد وألا تزيد إلى مشاكل العالم». وتابع: «النقطة الأخرى بأن علينا عمل المزيد في تقوية التعاون الدولي بطريق عادل ومتساوٍ»، ليضيف: «علينا أيضاً الانتباه إلى الدول النامية ومساعدتها رغم الأزمة الاقتصادية». وامتنع ون عن انتقاد النظام الرأسمالي بشكل مباشر في رده على سؤال حول ما إذا كان يعتبر أن النظام الرأسمالي قد فشل، قائلاً: «أسباب هذه الأزمة واضحة، الأسباب الرئيسية هي أن بعض اقتصادات العالم لديها عدم توازن في أسسها الاقتصادية، وهي تعاني من عجز مالي وتجاري، وتواصل الإنفاق عبر الدين غير المسؤول». وألقى رئيس الوزراء باللوم على «بعض المؤسسات المالية (التي) سعت وراء الربح بطريقة عمياء ومن دون التنظيم الفعال.. ولكن عندما تنفجر الفقاعة فإن العالم سيتعرض لكوارث». وقدم ون دعماً لنظيره البريطاني الذي يعاني من تراجع شعبيته مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، قائلاً إن العلاقات بين البلدين «تنطلق من نقطة جديدة ومن دون أعباء الماضي». وأكد براون على أهمية العلاقات بين البلدين، قائلاً: «الصين شريك استراتيجي للملكة المتحدة». والتقى ون مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالإضافة إلى رئيس حزب المحافظين ديفيد كامرون خلال زيارته التي ختمها بخطاب في جامعة كامبردج. وحذر ون في خطابه في كامبردج من أنه من غير المعروف بعد، أين ستصل الأزمة الاقتصادية، قائلاً: «الأزمة لم تصل إلى القاع بعد، ومن الصعب تكهن الضرر الإضافي الذي تسببه». وهناك عامل مشترك آخر بين بكين ولندن، فبينما استضافت الأولى الألعاب الأولمبية لعام 2008، استلمت الثانية الشعلة الأولمبية منها، إذ تستضيف الألعاب الأولمبية لعام 2012. وقال ون إن « الصين نجحت في استضافة دورة ألعاب بكين الأولمبية لعام 2008 وإن بريطانيا ستستضيف دورة ألعاب لندن الأولمبية لعام 2012. وهذا الأمر يوفر لنا برنامجاً جديداً لزيادة التفاهم المتبادل، وتعزيز الصداقة، وتوسيع نطاق التعاون». ولفت براون إلى أن بلاده تتعاون مع بكين لجعل أولمبياد لندن «بنجاح الأولمبياد التي استضافتها بكين».