تراجع توقعات الطلب العالمي يلقي بظلاله السلبية على النفط

مسؤول نفطي عراقي: سعر البرميل لن يعود إلى مستوى 70-75 دولارا قبل عامين

قال متعاملون إن الاتجاه قصير الأجل للسوق تسيطر عليه التحركات في أسواق الأسهم والدولار («الشرق الأوسط»)
TT

سجل النفط مزيدا من التراجع لينخفض دون 36 دولارا للبرميل أمس مع تزايد المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي والتوقعات بانخفاض كبير في الطلب العالمي على الطاقة مما اثر على المعنويات. ويؤثر الركود الاقتصادي العالمي على استهلاك النفط وما زال الإمداد يبدو اكبر من الطلب في كثير من أنحاء العالم رغم تخفيضات الإنتاج من جانب أعضاء أوبك. وواصلت أسعار النفط التراجع رغم اتفاق في الكونغرس الأميركي أول من أمس الأربعاء بشأن برنامج تحفيز بقيمة 789 مليار دولار يتضمن تخفيضات ضريبية وإنفاقا جديدا. وارتفع مزيج برنت في لندن 21 سنتا إلى 44.49 دولار مواصلا علاوته السعرية على النفط الأميركي الى ما يقرب من المستويات القياسية فوق تسعة دولارات والتي سجلها الشهر الماضي. وقال تجار «ان الاتجاه قصير الأجل للسوق تسيطر عليه التحركات في أسواق الأسهم وأيضا الدولار الذي ارتفع أمام سلة من العملات الكبرى». وقال متعامل في بيت سمسرة كبير في لندن «يبدو ان السوق بصورة عامة تتراجع». وأضاف «الطلب على النفط يتراجع وكثير من الانتباه يتوجه الى معلومات الاقتصاد الكلي». وقد هوى سعر النفط نحو عشرة في المائة هذا الأسبوع مع هبوطه أربع جلسات متعاقبة منذ الجمعة الماضي وسط قلق بشأن مستويات الطلب ومخاوف من ألا تكون خطة إنقاذ البنوك الأميركية كافية لإنعاش القطاع المالي الواهن. وتلقت أسعار النفط ضربة موجعة أمس بعد أن قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن مخزونات النفط الخام المحلية زادت 4.7 مليون برميل إلى 350.8 مليون في أسبوع حتى السادس من فبراير (شباط) مقارنة مع توقعات بزيادة قدرها 1 .3 مليون برميل.

من جهة أخرى قال مدير الشركة العامة لتسويق النفط العراقية (سومو) فلاح العامري أمس: «إن سعر برميل نفط الخام لن يعود الى الارتفاع الى مستوى 70 او 75 دولارا قبل عامين على الاقل بسبب الازمة الاقتصادية العالمية». وحذر العامري في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية من ان التباطؤ المفاجئ في الاقتصاد الصيني قد يضاعف من الوضع القاتم للاقتصاد في الولايات المتحدة وضعف الطلب الأوروبي.وأضاف «نحن بحاجة على الاقل لمدة عامين آخرين لجعل سعر النفط يرتفع الى مستوى 70 الى 75 دولار». وأوضح ان «نسبة النمو في الصين كان يتوقع ان تكون تسعة في المائة، لكنهم خفضوا التقديرات الى اربعة في المائة. واميركا وأوروبا كلها في حالة ركود، خصوصا بريطانيا، ولا تزال الصورة قاتمة والنظام ينهار». واضاف «ان الصين لديها تأثير كبير على السوق الدولية»، مضيفا «اذا استمرت بالنمو فان ذلك سيؤثر في الطلب لانها دائما بحاجة للنفط» ، لكنه حذر في حال «انهيار الاقتصاد الصيني» فمن شأن ذلك ان يزيد من انهيار الأسعار. وقال العامري: «يعود لوزراء اوبك ان يتخذوا قرارا في الاجتماع الذي سيعقد في 15 مارس (آذار) بشأن خفض الانتاج من عدمه». لكنه رأى ان من المحتمل ان ترتفع الأسعار في النصف الثاني من عام 2009. وأضاف «في الجزء الاول من هذا العام سيكون سعر البرميل اقل من 50 دولارا، ومن الوارد ان يصل في الجزء الثاني الى اكثر من 50 ولكن اقل من 55 دولارا». وأضاف «في العام المقبل وربما أكثر قليلا، بزيادة خمسة أو عشرة دولارات».

يشار الى ان شركة سومو مسؤولة عن بيع النفط في العراق الى الاسواق الدولية، واستيراد المنتجات النفطية المكررة للاستخدام المنزلي، فضلا عن تصدير المنتجات غير المكررة. وقال العامري انه سيكون ايضا من الصعب التعامل مع الفوائض التي تراكمت في سوق النفط الدولية في الأشهر الأخيرة، وهذا عامل من شأنه ان يحافظ على تدني الاسعار. وقال: «هناك مخزون هائل في السوق الدولية».وأوضح «ينبغي ان يكون المخزون حوالى 52 يوما ولكن في الوقت الحالي هو نحو 57 يوما. وينبغي ان يزال ذلك من السوق، ولكن اذا استمر تدهور الاقتصاد الدولي فان الفائض سيزيد». ويملك العراق ثالث اكبر احتياطي نفطي مكتشف في العالم بعد السعودية وإيران، لكنه بحاجة ماسة لعائداته لإعادة بناء الاقتصاد الذي دمرته الحرب، خصوصا مع تراجع الاسعار العالمية. وخفض العراق بالفعل ميزانيته الوطنية لعام 2009 مرتين بسبب انخفاض اسعار النفط المصدر الرئيسي للدخل. وتراجعت اسعار النفط بأكثر من الثلثين بعدما بلغت 147 دولارا للبرميل الواحد في يوليو (تموز) الماضي. وكان وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أعلن الأسبوع الماضي ان اوبك ستخفض الانتاج في مارس(آذار)، وشدد على ان سعر برميل النفط يجب الا يقل عن 70 دولارا. وكان مستوى صادرات البلاد قبل الغزو الاميركي في عام 2003 حوالى ثلاثة ملايين برميل يوميا، لكنه الان لا ينتج سوى 2.18 مليون برميل يوميا، منها 1.6 مليون دولار من اجل التصدير، وفقا لارقام منظمة اوبك.

وعلى صعيد متصل قالت منظمة أوبك أمس ان متوسط أسعار سلة خاماتها القياسية واصل الهبوط أول من أمس الاربعاء ليصل الى 42.30 دولار للبرميل من 43.47 دولار يوم الثلاثاء. وتضم سلة أوبك 12 نوعا من النفط الخام. وهذه الخامات هي خام صحارى الجزائري وجيراسول الانجولي والايراني الثقيل والبصرة الخفيف العراقي وخام التصدير الكويتي وخام السدر الليبي وخام بوني الخفيف النيجيري والخام البحري القطري والخام العربي الخفيف السعودي وخام مربان الاماراتي وخام بي. سي.اف 17 من فنزويلا واورينت من الاكوادور. وقال مسؤول نفطي ليبي كبير امس «ان اوبك تحتفظ بكل خياراتها في اجتماع 15 مارس المقبل في فيينا لتحديد سياسة الانتاج النفطي بما في ذلك اجراء خفض آخر في الانتاج». وقال شكري غانم رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط متحدثا لرويترز عبر الهاتف «سندرس السوق بتفصيل اكبر في مارس». وأضاف «كل الخيارات مطروحة بما في ذلك إجراء خفض». وقال غانم ان التخفيضات الحالية في المعروض النفطي من اوبك والتي وصلت اجمالا الى 4.2 مليون برميل يوميا اوقفت التراجع في اسعار النفط. وحث ايضا اعضاء اوبك على الالتزام الكامل بمستويات انتاجهم المتفق عليها. واضاف «أوقفت التدهور على الأقل الى حد معين». وتابع «يجب ان يستمر الالتزام الكامل». وعلى صعيد متصل قال متحدث باسم شركة البترول الوطنية الكويتية أمس الخميس ان صادرات النفط الكويتية استؤنفت الليلة الماضية بعد يوم من توقفها بسبب سوء الأحوال الجوية. وقال أحمد المزيعل لرويترز «تم استئناف كل صادرات النفط منذ مساء الأربعاء». وكانت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) قد ذكرت أول من أمس الأربعاء أن الكويت أوقفت العمل في كل موانئها منذ الصباح لسوء الأحوال الجوية. ووفقا لمسح أجرته رويترز فقد بلغ انتاج الكويت عضو اوبك نحو 2.32 مليون برميل يوميا في يناير (كانون الثاني) الماضي.