كأي عمل تحتاج التجارة والصناعة أو قل أي أعمال تجارية تحتاج إلى تشريعات تنظم العملية التجارية وتحدد علاقة أطراف العملية بعضها ببعض. وفي السعودية صدرت أنظمة متعددة تنظم العملية التجارية ومن جهات متعددة أيضا، حتى أن بعضها متعارض والبعض الآخر بحاجة إلى إلغاء أو تعديل لأنه أصبح يعيق العمل التجاري، بل ويحد من قدرته على النمو. ومن المعروف أن البيئة الصحية هي البيئة التي تكون أنظمتها سهلة وغير كثيرة حتى لا تعقد العملية وتنفر المستثمر، لذلك يطرح السؤال نفسه: هل نحن بحاجة في عالمنا العربي عامة والسعودية خاصة لمراجعة هذه الأنظمة؟ وهل لدينا الشجاعة لإلغاء المتعارض والزائد عن الحاجة منها؟. الحقيقة أن الإجابة جاءتني سريعة من منتدى الرياض الاقتصادي والذي سيعقد في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث ذكر لي أمينه العام النشط والمخلص الدكتور محمد الكثيري أن المنتدى كلف بيت خبرة لدراسة الأنظمة التجارية في السعودية لتحديد المتعارض منها وكشفه للرأي العام والجهات المشرعة. وهذا جهد يشكر عليه المنتدى، نظرا لأن الجهات المتخصصة تشرع لحاجة معينة ومع انتفاء الحاجة لا أحد تتوفر لدية الشجاعة لإلغاء التشريع، لذلك يصبح التشريع عائقا أمام العمل التجاري، مع أن القاعدة القانونية تقول إن القواعد وجدت لتكسر، بمعنى أن القاعدة التي تعيق العمل تكسر عبر تعطيل مفعولها أو إلغائها ولعل ما فعله الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة الرمادة خير دليل على ذلك. واقترح في هذا السياق أن يقوم منتدى الرياض الاقتصادي بتقبل آراء أصحاب الأعمال التجارية والمحامين والمراقبين والمتخصصين عبر موقعه الالكتروني لتكون مرشدا له في العمل، فمن عرف الأنظمة في الميدان وتعامل معها تكون لديه خبرة قوية في الأنظمة المعيقة يجب الاستفادة منها. واقترح كذلك أن يقوم المنتدى والمهتمون في الأعمال التجارية بحشد واستخدام كل الوسائل الممكنة لإيصال صوتهم للمسؤولين عن التشريعات التجارية، فنحن نعاني من عدم سماع صوت أصحاب الشأن أو الاستماع إليهم متأخرين.
ونحن نعرف أن نتائج وتوصيات المؤتمرات والمنتديات استرشادية وليست ملزمة وهي أيضا مع الزمن تموت رغم الجهد والمال المبذول فيها، ومثل هذا العمل المهم في نظري يجب أن يبقى حيا لأن فائدته إذا تحققت ذات عمر زمني طويل يجب التذكير بها ونتائجها من حين لآخر، حتى لا نجد جهة تشريع تبدأ من الصفر وتكرر ذات الدراسة.
* كاتب اقتصادي [email protected]