روما: مجموعة السبع تؤيد قوانين جديدة من أجل نظام اقتصادي عالمي قوي

وضعت محاربة الركود وعدم الانسياق للحمائية على رأس أولوياتها > ستروس كان: اقتصادات الدول المتقدمة تشهد «انكماشا عميقا»

لقطة عامة لاجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة السبع في العاصمة الإيطالية روما أمس (رويترز)
TT

تعهدت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أمس بوضع محاربة الركود على رأس أولوياتها، لكن مع محاولة الحد من التأثيرات الجانبية لتحركاتها وذلك مع تنامي القلق من تزايد الحمائية التجارية.

كما يلتزم المسؤولون الماليون عدم الانسياق إلى الحمائية، في وقت تناولت انتقادات شديدة الولايات المتحدة لتضمينها بندا بعنوان «اشتروا منتجات أميركية». في خطة إنعاش الاقتصاد قبل أن تعود وتحذفه منها، وفرنسا لتقديمها مساعدات إلى قطاع صناعة السيارات.

وجاء ذلك في ختام اجتماع الدول السبع في العاصمة الإيطالية روما، الذي يعد اجتماعا تمهيديا لقمة العشرين المقامة في أبريل (نيسان) المقبل في لندن. ويقول وزراء المالية ورؤساء المصارف المركزية في الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا) المجتمعون إن «تثبيت استقرار الاقتصاد العالمي والأسواق المالية يبقى أولويتنا الأولى». وأوضح وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر أمس في ختام الاجتماع أن الولايات المتحدة ستعمل مع دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين لإيجاد تفاهم حول الإصلاحات التي يفترض الالتزام بها لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.

وأفاد غايتنر أثناء أول ظهور دولي له «سنعمل بشكل وثيق مع زملائنا في مجموعة السبع ومجموعة العشرين للتوصل إلى توافق حول الإصلاحات التي تستجيب للمشاكل الواسعة النطاق التي كشفت عنها هذه الأزمة». وأضاف وزير الخزانة الأميركي «نحن نواجه أشد تباطؤ نمو عالمي يسجل منذ عدة عقود، وحتى إن كانت الأزمة الحالية بدأت في الاقتصادات الأهم فإن أسواق الدول الناشئة تشهد أيضا تباطؤا شديداً في نموها، والتجارة العالمية تراجعت بشكل كبير». وأضاف «حتى وإن تحسنت الظروف في الأسواق المالية بشكل متواضع، فإن النظام المالي يبقى تحت الضغط، والضغوط تمنع حدوث الانطلاقة» مجددا.

وتابع «هذه تحديات عالمية ومن الضروري أن نعمل معا لرفعها، وان أي رد عالمي ناجع يتطلب تحركا قويا من الحكومات بالتعاون مع المؤسسات المالية».

وعلى الجانب الإيطالي، أعلن وزير الاقتصاد جيوليو تريمونتي أمس خلال مؤتمر صحافي أن دول مجموعة السبع موافقة على «التعهد» بوضع «قوانين جديدة من اجل نظام اقتصادي عالمي جديد».

وأوضح الوزير أن هذه القواعد سيتم عرضها على القمة القادمة لمجموعة العشرين في لندن في الثاني من ابريل وعلى قمة مجموعة الثماني في ايطاليا في يوليو (تموز) المقبل.

وأضاف انه تم بحث هذا الموضوع أثناء عشاء افتتاح قمة مجموعة السبع مساء أول من أمس، موضحا «أن هذه القواعد لن تقتصر على الأسواق المالية».

وكانت الأجهزة التابعة للوزير قد أشارت في وقت سابق إلى أن هذه القواعد تستهدف أيضا الملاذات الضريبية والرساميل المضاربة.

واعتبر خلال المؤتمر الصحافي في ختام أعمال مجموعة السبع أن مثل هذه القواعد كانت غائبة للتوقي من الأزمة.

وقال «يسألوننا من سيكلف بتنفيذ هذه القواعد؟» دون أن يقدم إجابة واكتفى بملاحظة أن «هذا الأمر لم يتم بحثه بعد».

وكان وزراء اقتصاد ومحافظو البنوك المركزية لدول مجموعة السبع الصناعية الكبرى قد استأنفوا محادثاتهم صباح أمس في خطوة تستهدف التوصل إلى الالتزام بإعادة بناء الثقة في النظام المالي العالمي المتضرر من الأزمة الاقتصادية.

وقال وزير المالية الألماني بيير شتاينبروك، عقب محادثات مع غايتنر مساء الجمعة «اتفقنا في وجهات النظر على ضرورة تجنب الإجراءات الحمائية».

وعلى صعيد آخر أعلن رئيس لجنة السياسات النقدية والمالية بصندوق النقد الدولي وزير المالية المصري الدكتور يوسف بطرس غالي، عقب اجتماعات وزراء المالية أن الاجتماع بحث تطوير أساليب عمل الصندوق بغرض تقوية دعمه لاقتصادات الدول النامية، وحجم الموارد اللازمة لهذا الدعم، والأدوات المتاحة للسلطات المالية والنقدية في الدول الناشئة لمواجهة تطورات الاقتصاد العالمي، لحماية الفقراء من تداعيات الأزمة المالية العالمية.

وقال بيان وزعته وزارة المالية المصرية أمس إن الوزير غالي بحث كذلك مع رئيس المنتدى العالمي للاستقرار المالي محافظ البنك المركزي الإيطالي ماريو دراغي تداعيات الأزمة المالية على مختلف دول العالم، وأهمية تحديث قواعد الرقابة على المؤسسات المالية العالمية والقومية وضرورة التزام الدول أعضاء صندوق النقد الدولي بتطبيق القواعد الرقابية الجديدة، وتأثير هذا في استقرار اقتصادات العالم ومختلف الأجهزة الرقابية القومية والعالمية.

وعلى صعيد الاجتماعات صرح المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان أن اقتصادات الدول المتقدمة تشهد «انكماشا عميقا» والاقتصاد العالمي «قريب من الانكماش».

وأضاف ستروس في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الاقتصاد العالمي قريب من الركود وتقديرات النمو تبلغ 0.5 في المائة للعام الحالي. وأضاف «بالنسبة للدول المتقدمة فهي في انكماش عميق.» وأوضح ستروس كان بذلك تصريحات سابقة قال فيها إن الاقتصاد العالمي برمته في «انكماش عميق.» وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي «لا نرى أي إشارة حاليا تدل على أن 2009 سيكون أفضل مما نتوقع».

وردا على سؤال عن الأجواء التي سادت عشاء لوزراء المالية وحكام المصارف المركزية في مجموعة السبع، قال إن «الناس لا يغنون ويرقصون فرحا في الوقت الحالي.» وعلى هامش اجتماع مجموعة السبع وقع ستروس كان الجمعة مع وزير المالية الياباني المالية الدولية.

لكن جاءت اللهجة بشأن الصين أخف قليلا من المرة السابقة في محاولة لمعالجة الضرر الناجم عن سجال مع واشنطن حول تصريحات مفادها أن بكين تتلاعب في سعر صرف عملتها لتحقيق مكاسب اقتصادية بتعويم العملة الصينية (اليوان).

وقال البيان الصادر من روما «نرحب بالإجراءات المالية للصين واستمرار الالتزام بالتحرك صوب سعر صرف أكثر مرونة بما يفضي إلى استمرار ارتفاع (اليوان) بشكل ملموس».

وأضاف البيان «نعيد التأكيد على التزامنا بالعمل معا باستخدام كل أدوات السياسة لدعم النمو والتوظيف وتعزيز القطاع المالي، وسنواصل العمل معا لتفادي آثار جانبية وتشوهات غير مرغوبة». واستطرد البيان «اتخذنا جميعا إجراءات استثنائية لمواجهة هذه التحديات، ونؤكد مجددا تعهدنا بالعمل معا عبر استخدام مجموعة كاملة من الأدوات لدعم النمو والعمل وتعزيز القطاع المالي».

وتعهد وزراء مالية مجموعة السبع أيضا بعدم الاستسلام لمبدأ الحماية في حين تعرضت الولايات المتحدة بسبب بند «اشتروا بضائع أميركية» الوارد في خطتهم للنهوض الاقتصادي، وفرنسا بسبب مساعداتها لقطاع السيارات الفرنسي، للانتقاد.

وأفادت مجموعة السبع أنها تبقى «ملتزمة بتفادي التدابير الحمائية وبعدم إقامة حواجز جديدة».

وأعربت المجموعة عن «ارتياحها» للإجراءات التي اتخذتها دول أخرى في مواجهة الأزمة وفي طليعتها «إجراءات اتخذتها الصين على صعيد الميزانية» و«التزامها المتواصل بالمضي في اتجاه أسعار صرف أكثر مرونة تقود إلى ارتفاع متواصل في سعر الين» وهو موضوع توتر مع شركائها التجاريين.