مخاوف من نزيف عقول داخل القطاع المالي بسبب القيود

مزيد من القيود على رواتب المسؤولين في وول ستريت

نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب وجون لارسون رئيس الكتلة الديمقراطية في المجلس بعد إقرار مشروع تحفيز الاقتصاد في واشنطن يوم الجمعة (نيويورك تايمز)
TT

تضمنت إحدى فقرات مشروع قانون خطة التحفيز الاقتصادي، التي تبلغ قيمتها 787 مليار دولار، قيودا على المكافآت التي يحصل عليها المسؤولون التنفيذيون داخل المؤسسات المالية، وهذه القيود أشد من تلك التي اقترحتها وزارة الخزانة قبل عشرة أيام.

وتستهدف الفقرة، التي أدرجها أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي - على الرغم من معارضة إدارة أوباما - الشركات التي تحصل على أموال في شكل مساعدات إنقاذ مالي. وتحظر الفقرة تقديم مكافآت نقدية وجميع أشكال التعويض التحفيزي الأخرى تقريبا، التي يحصل عليها أعلى خمسة مسؤولين تنفيذيين في المؤسسات والـ20 مسؤولا تنفيذيا الذين يتقاضون أعلى رواتب في المؤسسات الكبرى التي تحصل على مساعدات في إطار برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة. وتشبه القيود المفروضة على الرواتب تلك التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الشهر الجاري، لكن من المحتمل أن تتضمن عددا أكبر من المسؤولين التنفيذيين داخل المزيد من الشركات، كما أنها سوف تقلل بدرجة كبيرة المكافآت التي تحسب على مجمل الراتب السنوي. وسوف تمنع القيود المسؤولين التنفيذيين الأعلى من الحصول على مكافآت تتجاوز ثلث الراتب الذي يتقاضونه سنويا. وسيتعين أن تكون أية مكافأة في صورة حوافز طويلة الأجل، مثل أسهم مقيدة، لا يمكن بيعها والحصول على أرباح من خلالها، إلا بعد إعادة دفع المساعدات التي حصلت عليها المؤسسات التي يعمل فيها هؤلاء المسؤولين بالكامل. وقد كتب هذه الفقرة كريستوفر دود، السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونتيكت، وهي تظهر تنامي الغضب بين المشرعين والناخبين إزاء التعويضات الباهظة التي تعطيها الشركات البارزة في وول ستريت والبنوك الكبرى إلى المسؤولين التنفيذيين البارزين، في الوقت الذي تحصل فيه الكثير من هذه الشركات، التي تقف على حافة الإفلاس، على مساعدات من أموال دافعي الضرائب. وقال دود يوم الجمعة: «قوضت مساعي بعض المسؤولين في وول ستريت لتحقيق الثراء على حساب دافعي الضرائب من المواطنين. وسوف تساعد هذه القواعد الجديدة الصارمة على ضمان أن دولارات دافعي الضرائب لن تستخدم في دعم المكافآت الباهظة في وول ستريت».

وفي المقابل، عارض مستشارون بارزون للرئيس أوباما بشدة القيود على الرواتب، حسب ما قاله مسؤولون في الكونغرس، وحذروا المشرّعين في اجتماعات مغلقة من أنهم تجاوزوا الحد وأنهم سيتسببون في نزيف عقول داخل القطاع المالي خلال هذه الأزمة الحادة. ومن بواعث القلق الأخرى، أن القيود الأشد قد تدفع التنفيذيين إلى إعادة رد استثمارات الحكومة بصورة أسرع، حيث لم يعد يتعين على البنوك أن تستبدل الأموال الفيدرالية برأس مال خاص. ويمكن أن يفضي ذلك في نهاية المطاف إلى تقليل أموال الإقراض. وتعد القيود التي فرضت على المرتبات في الكونغرس، في جوهرها، بمثابة تقييم سلبي لوزير الخزانة تيموثي غيتنر لعجزه عن أن يكون صارما بالدرجة الكافية مع الشركات التي تحصل على مساعدات في إطار خطة الإنقاذ. وكانت هناك مراجعات شديدة لخطته لإنقاذ البنوك عندما تم الكشف عنها خلال الأسبوع الجاري. لكن، حذر بعض الخبراء، المتخصصين في تعويضات المسؤولين التنفيذيين، من أن القيود تفضي إلى تبعات غير مقصودة، مثل تشجيع البنوك على زيادة المرتبات من أجل معادلة الحوافز التي تم تقليصها. ونوه الخبراء إلى أنه حتى مع القيام بذلك، فقد تخسر البنوك الأشخاص الموهوبين البارزين لديها. وقال جيمس ريدا، وهو مستشار مستقل متخصص في تعويضات التنفيذيين، يوم الجمعة: «لن تفلح هذه القواعد، حيث سيقوم أي مسؤول تنفيذي ذكي بإعادة الأموال التي تم الحصول عليها في إطار برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة في أسرع وقت ممكن أو أنه سوف يبحث عن وظيفة أخرى».

والفارق الكبير بين الفقرة التي دعا إليها السيناتور دود والقواعد التي أقرتها وزارة الخزانة هي أن الفقرة التي أدرجت في خطة التحفيز الاقتصادي الجديدة سوف تطبق على أي شركة تحصل على أموال أو سوف تحصل على أموال في المستقبل في إطار برنامج الإنقاذ المالي التابع لوزارة الخزانة. وفي المقابل، فإن الخطة التي أعلنها غيتنر سوف تطبق على الشركات التي تحصل على أموال فيدرالية في المستقبل. ولا تفرض القواعد المعدلة قيدا رسميا على تعويضات التنفيذيين، على عكس مقترح وزارة الخزانة. فطبقا لهذه الخطة، مُنعت البنوك من دفع أكثر من 500,000 دولار في صورة مرتب حتى تقوم هذه البنوك بإعادة الأموال التي حصلت عليها في إطار برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة للحكومة. ولكن، سمح للبنوك بتقديم مكافآت على الأسهم المقيدة. ومع ذلك، فإن قواعد السيناتور دود، تذهب إلى ما هو أبعد، حيث تحظر على البنوك إعطاء مكافآت على الأسهم المقيدة لأعلى 25 مسؤولا تنفيذيا تعادل أكثر من ثلث التعويضات النقدية التي يحصل عليها المسؤول سنويا وذلك إلى أن تقوم البنوك بدفع جميع الأموال التي اقترضتها. وإضافة إلى ذلك، سوف تؤثر القواعد التي أقرها الكونغرس على الإدارة العليا في المصارف والتجار البارزين والمصرفيين الاستثماريين ومديري الصناديق ومندوبي المبيعات الذين يعتمدون على العمولة. وفي المعتاد كان يحصل هؤلاء على نسبة أرباح تبلغ عدة ملايين من الدولارات تعتمد على النتائج التي يحققوها نهاية العام. وتقول جينفر بساكي، وهي متحدثة باسم البيت الأبيض، إن الرئيس أوباما «يشعر أيضا بالقلق الشديد إزاء تعويضات المسؤولين التنفيذيين المبالغ فيها في المؤسسات المالية التي تحصل على مساعدات طارئة من دافعي الضرائب الأميركيين». ولكنها أشارت إلى عدم سرور البيت الأبيض، قائلة إن أوباما «يتطلع إلى العمل مع الكونغرس للتعامل مع هذه القضية بطريقة مسؤولة». ويقول خبراء متخصصون في تعويضات المسؤولين التنفيذيين، إن من بين التبعات غير المقصودة قيام المؤسسات المالية بزيادة المرتبات التي يتقاضاها المصرفيون من أجل زيادة المكافآت التي تعطى على الأسهم المقيدة. ويقول مايكل ميلبينغر، وهو محام متخصص في القضايا ذات الصلة بتعويضات المسؤولين التنفيذيين في «وينستون آن دستراون» بشيكاغو «الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذه القيود هي دفع مرتبات كبيرة، ولن يكون هناك مقابل على الأداء في هذه الحالة». وحذر آخرون من أنه بسبب هذه القواعد، ربما تخسر الشركات بعض من أفضل التجار والمديرين الذين سيذهبون إلى صناديق تحوط وبنوك أجنبية. ويقول آلن جونسون، وهو مستشار متخصص في التعويضات يقدم استشارات للكثير من البنوك في وول ستريت، إن هذه القواعد سوف تجعل من الصعب العثور على مديربن جدد. ويضيف: «في مرحلة ما، تجد نفسك تتساءل: هل تخلت الحكومة عن هذه الشركات؟ لماذا ترغب الحكومة أو البيت الأبيض في الاستمرار في ذلك ما لم يكونوا قد خلصوا إلى أنه يتعين عليهم أن يؤمموا هذه الشركات بأي صورة من الصور؟»

* خدمة «نيويورك تايمز»