نجاة قطاع المصرفية الإسلامية البريطاني من الأزمة المالية

730 مليار دولار حجم السوق.. وبريطانيا تحتل المركز الثامن

TT

مع استمرار أسعار أسهم العديد من البنوك في المملكة المتحدة في التراجع في غمار كساد متزايد، نجا قطاع المعاملات المصرفية الاٍسلامية في بريطانيا فيما يبدو من العاصفة المالية.

ورغم أن البنوك الاسلامية في بريطانيا ما زالت صغيرة الحجم نسبيا، يقول خبراء ان اداءها أفضل من نظيرتها في دول الخليج.

وتحظر الشريعة على البنوك الاسلامية التعامل في المشتقات المالية الأمر الذي وقاها من التعرض لأزمة الرهون العقارية عالية المخاطر في الولايات المتحدة.

وأعد دنكان ماكنزي مدير الاقتصاد بمؤسسة انترناشونال فاينانشال سرفيسز لندن المستقلة التي تمثل قطاع الخدمات المالية في بريطانيا تقريرا بعنوان «التمويل الاسلامي 2009» جاء فيه أن تأثير أزمة الائتمان وتراجع الاقتصاد العالمي على قطاع التمويل الاسلامي في عام 2008 كان أقل كثيرا من تأثيره على البنوك التقليدية.

وقال ماكنزي لرويترز «كان اداؤها (البنوك الاسلامية) أفضل كثيرا لأسباب منها أن الشريعة الاسلامية التي تعمل في اطارها تحظر الاشتراك في بعض الامور التي سببت مشاكل للبنوك التقليدية. لم يتمكنوا من شراء أوراق مالية عالية المخاطر التي سببت مشكلة كبيرة للبنوك التقليدية، كما أنها لا تعتمد على أسواق الجملة التي تقلص فيها التمويل بدرجة كبيرة.

وأوضح أنه بالرغم من وجود خدمات مصرفية اسلامية في لندن منذ 30 عاما فلم تبرز البنوك الاسلامية على الساحة كلاعب رئيسي الا حديثا.

ومع وجود زهاء مليوني مسلم يعيشون في بريطانيا سنت الحكومة تشريعات تقنن الخدمات التي تتفق مع أحكام الشريعة وسعت الى الترويج للندن كمركز للتمويل الاسلامي في الغرب.

وقال ماكنزي «ما سعت اليه الحكومة البريطانية هو وضع التمويل الاسلامي على قدم المساواة مع التمويل التقليدي، وهذا هو أساس النمو والتطور الذي نراه الآن في السوق. لكنها ما زالت مقارنة صغيرة جدا بالاسواق التقليدية».

وتحتل بريطانيا حاليا المركز الثامن بين دول العالم في مجال التمويل الاسلامي، وهي أكبر مركز للخدمات المصرفية الاسلامية في غرب أوروبا، حيث يوجد بها 22 مصرفا تقدم هذا النوع من الخدمات منها خمس مؤسسات لا تتعامل الا في خدمات تتفق مع أحكام الشريعة.

والمؤسسات المالية الاسلامية الخمس في بريطانيا هي بنك لندن والشرق الاوسط وبيت التمويل الاوروبي وبنك الاستثمار الاسلامي الاوروبي وبنك جيتهاوس والبنك الاسلامي البريطاني في برمنجهام.

وذكر محمد أمين مدير التمويل الاسلامي في برايس ووترهاوس كوبرز أن البنوك الاسلامية في بريطانيا لم تتعرض لفترة طويلة لسوق العقارات المتهاوية التي ألحقت أضرارا فيما يبدو بالبنوك في الخليج.

وقال أمين «البنوك الاسلامية في بريطانيا حديثة جدا وكانت تبني أعمالها وتتعاقد مع موظفين وتنظم نفسها. بدأت الآن تقدم بعض القروض التجارية باستخدام التمويل الاسلامي. لكن لأنها أحدث كثيرا في العمل فليس لها ارث تاريخي من الأصول وليست في رأيي مفتوحة بدرجة كبيرة على السوق العقارية مثل بنوك الخليج التي تمارس العمل منذ وقت أطول كثيرا».

وأكد فراس أبي علي كبير المحللين في دائرة المعلومات المالية الاسلامية أن البنوك الاسلامية في وضع أفضل لمواجهة أزمة الائتمان العالمية.

وقال «أداؤها بالقطع أفضل من البنوك الغربية في الوقت الحالي. هي بالقطع أكثر أمانا من البنوك الغربية في الوقت الحالي. هي بالقطع ليست متورطة في أزمة الرهون العقارية عالية المخاطر وليست متورطة في أزمة الائتمان التي ترتبت عليها. من المؤكد أن عملها تأثر مثل كل مؤسسات الإقراض الاخرى في بريطانيا لكن اداءها أفضل كثيرا».

وأضاف أن الاضطراب وعدم الثقة في نظام البنوك التقليدية دفع بعض غير المسلمين الى التفكير في خيار البنوك الاسلامية.

وتابع قائلا «رأيت تقارير عن أِشخاص يعتبرون البنوك الاسلامية أكثر أمانا بدرجة كبيرة من البنوك الغربية.. من البنوك التقليدية، ينظر اليها على أنها لا تواجه خطر خفض حجم الاصول وعمليات التأميم وما الى ذلك وبذلك يتجه المزيد من الناس الى نقل أعمالهم اليها».

وذكر تقرير مؤسسة انترناشونال فاينانشال سرفيسز لندن أن حجم سوق الخدمات المالية الاسلامية في العالم المقدر على أساس الاصول التي تتفق مع أحكام الشريعة وصل الى 729 مليار دولار في نهاية عام 2007 بزيادة 37 في المائة عن عام 2006 الذي بلغ حجمها فيه 531 مليار دولار.

وأصبحت بريطانيا الآن المركز الرئيسي للتمويل الاسلامي خارج دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا.