لبنان: أكثر من 50% من الأقراص المدمجة والبرامج المعلوماتية «مقرصنة»

من بين أسباب عدم انضمام بيروت لمنظمة التجارة العالمية

معظم اللبنانيين بإمكانهم أن يشاهدوا في منازلهم أي فيلم يريدونه مقابل بضعة دولارات بفضل القرصنة الناشطة التي تلحق اضرارا كبيرة باقتصاد لبنان (رويترز)
TT

اليوم لن يزعج طارق نفسه بالذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم «فالكيري» فأسوة بمعظم اللبنانيين بإمكانه أن يشاهد في منزله أي فيلم يريده مقابل بضعة دولارات بفضل القرصنة الناشطة التي تلحق اضرارا كبيرة باقتصاد لبنان.

ويتصفح طارق، وهو في الخامسة عشرة من عمره، عناوين آخر الأفلام السينمائية لهوليوود في احد محال بيروت التجارية، ويتساءل «لماذا ادفع ثلاثين دولارا لمشاهدة فيلم بنسخته الأصلية بينما في إمكاني الحصول على نسخة مقرصنة بثلاثة دولارات فقط؟».

وتفيد أرقام الاتحاد الدولي للملكية الفكرية أن أكثر من 50 في المائة من الأقراص المدمجة الموسيقية أو السينمائية ومن برامج المعلوماتية التي تباع في لبنان هي نسخ غير أصلية.

ويقول المسؤول عن قسم حماية الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد وسام العميل إن «هذا الوضع هو احد الأسباب الرئيسية التي تحول دون انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية».

ومنذ بضع سنوات، عزمت شركة مايكروسوفت على اقامة مركزها الإقليمي في بيروت ثم عدلت عن ذلك نتيجة هذا الوضع.

ويلفت مسؤولون في ميدان الفن السابع إلى أن لأعمال القرصنة نتائج كارثية على هذا القطاع.

ويؤكد مدير الانتاج في شبكة صالات سينما «أمبير» بسام عيد أن صالات السينما، التي تبقى شبه خالية في معظم الأحيان «تدنت مداخيلها بنسبة تفوق 50 في المائة خلال السنوات العشر الماضية».

ويضيف عيد المسؤول كذلك عن توزيع انتاج شركتي «كولومبيا-سوني» و«فوكس توينتيث سنتشوري» «بالنسبة إلى هذه الصالات مهددة باغلاق أبوابها».

وتباع الأقراص المنسوخة بطريقة غير قانونية، إنما تحت أنظار الشرطة وذلك في محلات لها واجهات مفتوحة على الطريق تشبه واجهات أي محل آخر يبيع نسخا أصلية من الأقراص الموسيقية والسينمائية.

ويقول كريم، احد الباعة في بيروت طالبا عدم الكشف عن كامل اسمه، «كيف لي ان اكسب رزقي اذا بعت نسخا اصلية من الافلام أو الموسيقى؟» ويضيف وهو يشير بيده الى بضعة صناديق موجودة في احدى زوايا محله، «سعر هذه الصناديق خمسة آلاف دولار وقد مضى دهر عليها في هذه الزاوية من دون ان أمسها».

ولا تقتصر قرصنة الافلام السينمائية على الافلام القديمة وانما تشمل احدث الاصدارات التي لم تعرض بعد في صالات السينما في لبنان.

ففي المحلات المنتشرة في مخيمي صبرا وشاتيلا أو في ضاحية بيروت الجنوبية التي لا تسيطر عليها الدولة، تتوفر احدث الانتاجات ومنها «الحالة الغريبة لبنجامين باتن» المرشح لجوائز اوسكار عدة أو «الفهد الوردي-2» (بينك بانتر).

وتتوفر في كل المحلات نسخ مقرصنة عن فيلم «فالكيري» الذي بلغت كلفة شرائه لتوزيعه في السينما نحو مليون دولار. ويقول عيد «بالفعل هذا مثير للاشمئزاز».

وكان لبنان اقر عام 1999 قانونا لحماية الملكية الفكرية لكن تطبيق بنوده ما زال بعيدا عن التنفيذ الفعلي.

ويقول عيد «من حين لآخر تقوم الشرطة بمصادرة بعض الاقراص واتلافها»، لافتا الى ان «الكمية المصادرة لا تشكل إلا 1 في المائة من الكمية المتداولة في الاسواق».

واضافة إلى قرصنة الأقراص المدمجة تغض السلطة الطرف عن قرصنة الكابلات.

ويوفر نحو 700 مشغل لهذه الكابلات الخدمات لنحو 80 في المائة من السكان، اذ يقدمون الى مشتركيهم برامج فضائية وارضية، محلية واجنبية، من دون اي ترخيص بكلفة يعادل متوسطها 15 دولار شهريا.

ويعود «تراخي» السلطة في تطبيق قانون حماية الملكية الفكرية الى نوع من «التفهم» لأوضاع الزبائن.

ويقول المسؤول في إدارة الجمارك وليد هبر «من وجهة نظر المستهلك من الطبيعي ألا يدفع 800 دولار مقابل برنامج معلوماتية، فيما بمقدوره الحصول على نسخة مقرصنة منه بنحو 20 دولارا».

ويقول العميل «لا يمكننا حرمان من لا يستطيع دفع ثمن النسخة الاصلية من ان يستفيد من التكنولوجيا رغم ان الدولة تخسر من جراء ذلك ملايين الدولارات».